لخلاف المقصود منشأه التقية ولو أريد منها البناء على الأقل كما يريده المستدل لعارضه المستفيضة العامة المصرحة بخلافه بل الأخبار الخاصة الواردة في الموارد الجزئية الدالة على خلافه لاستلزام ارتكاب التخصيص فيها بالنسبة إلى تلك الموارد تخصيص الأكثر المستهجن فظهر بما ذكرنا ضعف القول بالبناء على الأقل مع أنه لم يتحقق وجود قائل به فإنه لم ينقل الا عن ظاهر السيد في ناصرياته وعبارته المحكية عنه قابلة للتأويل بما يوافق المشهور كما ربما يشهد لذلك عبائرة المحكية عنه ونظيره في الضعف القول بالتخيير بين البناء على الأقل والأكثر كما قواه غير واحد من المتأخرين وفاقا لما نسب إلى الصدوق من تجويزه البناء على الأقل جمعا بين الأخبار وفيه انه ان أريد الجمع من حيث الدلالة فهذا النحو من الجمع يحتاج إلى شاهد خارجي وهو مفقود مع أن اخبار البناء على الأقل قابلة للتأويل بما لا ينافي الأخبار التي هي نص في خلافه كما تقدمت الإشارة إليه فيما سبق وعلى تقدير ابائها عن ذلك وجب الرجوع إلى المرجحات لا الجمع فان قوله عليه السلام إذا سهوت فابن على الأكثر مع قوله عليه السلام إذا شككت فابن على اليقين بناء على إرادة الأقل من أوضح مصاديق الخبرين المتعارضين الذين ورد فيهما الامر بالرجوع إلى المرجحات والترجيح مع المشهور كما هو واضح ومن هنا يظهر عدم صحة الالتزام بالتخيير لكونه أصلا في تعارض الخبرين لأنه فرع المكافئة وهي منتفية واضعف منه القول المحكى عن والد الصدوق من التخيير وايجاب التشهد لدى اختيار الأقل مع كل ركعة إذ لم يعرف له ما يمكن الاستناد إليه عدى ما حكى من الفقه الرضوي حيث قال فان شككت فلم تدر اثنتين صليت أم ثلاث وذهب وهمك إلى الثالثة إلى اخر العبارة التي نقلناها عن والد الصدوق وفيه بعد تسليم حجية الرضوي فلا ينهض حجة في مقابل ما عرفت حجة القول بالبطلان الذي نسب إلى الصدوق في المقنع صحيحة عبيد بن زرارة عن الصادق عليه السلام قال سئلته عن رجل لم يدر ركعتين صلى أم ثلاثا قال يعيد قلت أليس يقال لا يعيد الصلاة فقيه فقال انما ذلك في الثلاث والأربع وعن الشيخ انه حمل هذه الرواية على الشك في المغرب وربما حمل على الشك قبل اكمال السجدتين والأولى رد علمها إلى أهله بعد شذوذها ومخالفتها للروايات المتظافرة الواردة في باب الشكوك الدالة بأسرها على عدم بطلان الصلاة بالشك في الأخيرتين ووجوب البناء فيهما اما على الأكثر كما هو المشهور أو الأقل كما هو مفاد بعضها واباء الجميع عن الحمل على إرادة خصوص الشك بين الثلاث و الأربع مضافا إلى معارضتها في خصوص موردها برواية قرب الإسناد وخبر سهل بن اليسع المتقدمين فتلخص مما ذكرنا ان الأقوى ما هو المشهور من وجوب البناء على الأكثر وصلاة الاحتياط الموضع الثالث في أن له الخيار بين ان يأتي بصلاة الاحتياط ركعة من قيام أو ركعتين جالسا كما هو المشهور شهرة كادت تبلغ الاجماع على ما في الجواهر بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ونقل عن ابن أبي عقيل والجعفي انهما لم يذكرا التخيير وانما ذكرا الركعتين من جلوس في هذه الصورة وكذا في صورة الشك بين الثلاث والأربع وحكى عن الكاتب والمفيد والقاضي عكسه من تعيين الركعة قائما في الصورتين وفي الحدائق بعد ان نسب إلى المشهور القول بالتخيير ونقل عن ابن أبي عقيل والجعفي الاقتصار على الركعتين عن جلوس قال والموجود في حسنة زرارة التي هي مستند هذا الحكم انما هو الركعة من قيام وكذا في رواية قرب الإسناد ونحوهما في عبارة كتاب الفقه الرضوي على تقدير البناء على الأكثر وهو فتوى الشيخ علي بن الحسين ابن بابويه كما عرفت والمعتمد ما دلت عليه هذه الأخبار واما القولان الآخران فلم أقف لهما على دليل انتهى ولكنك عرفت عدم صحة الاستناد في هذا الحكم إلى حسنة زرارة بل وكذا الفقه الرضوي وانما العمدة في هذا الباب هي العمومات الدالة على عدم بطلان الصلاة بالشك في الأخيرتين ووجوب البناء على الأكثر واتمام ما نقص بجبره بصلاة الاحتياط المعتضدة بفتوى الأصحاب وخبر قرب الإسناد المتقدم الوارد فيه بالخصوص والمتبادر من الأخبار الامرة بجبر النقصان بصلاة الاحتياط وان كان إرادة فعلها من قيام على حسب مشروعيتها في الأصل على تقدير وقوعها تتمة للصلاة مع ما في بعضها من الامر بالقيام كما أن ظاهر خبر قرب الإسناد أيضا تعيينه ولكن يرفع اليد عن ذلك بالمستفيضة الآتية المصرحة بركعتين جالسا في الشك بين الثلاث والأربع الشاملة باطلاقها البعض صور الشك بين الاثنتين والثلاث فإنها كاشفة عن أن الامر باتمام ما نقص قائما للوجوب التخييري لا العيني اي لبيان أحد مروي الواجب لا تعينه فإنه أوفق بسوق الأخبار من التفكيك بين الموارد بإرادة الوجوب العيني في بعض والتخييري في غيره مع ظهور كلماتهم في الاتفاق على اتحاد حكم المسئلتين اي الشك بين الاثنتين والثلاث وبين الثلاث والأربع كما من بعض ادعائه فكان تسالمهم على اتحاد حكم المسئلتين واشتمال معظم الأخبار المعتبرة الواردة في تلك المسألة على الامر بركعتين جالسا هو الذي دعى المصنف فيما حكى عن معتبره من الحكم في هذه الصورة التي هي محل البحث أولا بالركعتين جالسا ثم قال ولو صلى قائما لم استبعد صحته كما أن هذا بحسب الظاهر هو السر في اقتصار بن أبي عقيل والجعفي على الركعتين جالسا في كلتا المسئلتين ولكنك ستعرف في تلك المسألة ان الأقوى التخيير بين الركعتين عن جلوس وبين الركعة قائما فكذلك في المقام لشهادة سوق النصوص وفتاوي الأصحاب مضافا إلى نقل اجماعهم المعتضد بالشهرة وعدم نقل الخلاف صريحا عن أحد من القدماء باتحاد الحكم في المسئلتين فلا ينبغي الاستشكال فيه وان كان الاقتصار على الركعة قائما أحوط والله العالم الموضع الرابع في أن اكمال الركعتين هل هو برفع الرأس من السجدة الثانية كما نسب إلى المشهور أو باكمال الذكر الواجب كما قواه بعض أو بالركوع كما عن بعض أو بوضع الجبهة في السجدة الثانية وجوه بل أقوال أقواها ما هو المشهور إذ الفراغ من الركعة لا يتحقق الا يرفع الرأس من السجدة الأخيرة وما لم يتحقق الفراغ يكون شاكا في أن ما بيده هل هي ثانية أم ثالثة تبطل بمقتضى النصوص الدالة على من العشر ركعات التي فرضها الله تعالى في أصل الشرع لا يدخلهن وهم اي شك فلو صحت الصلاة في الفرض صدق انه دخلها الوهم وربما يظهر من شيخنا المرتضى رحمه الله
(٥٦٣)