فهو موهن اخر لهذه الاخبار حيث إنها بظاهرها غير معمول بها فليتأمل واضعف من القول المزبور القول بالتخيير جمعا بين الأدلة لما أشرنا إليه من اباء صحيحة إسماعيل عن هذا الجمع مع احتياجه إلى شاهد خارجي وهو مفقود وربما يستشهد له بصحيحة منصور بن حازم قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إذا كان في سفر فدخل وقت الصلاة قبل ان يدخل أهله فسار حتى يدخل أهله فان شاء قصر وان شاء أتم وان أتم فهو أحب وفيه ان هذه الصحيحة موردها الفرع الآتي وهى صورة العكس ولا ملازمة بين المسئلتين مع أن المتجه حمل هذه الصحيحة على إرادة انه ان شاء قصر في الطريق عند حضوره وقتها وان شاء اخرها حتى يدخل أهله ويتم جمعا بينها وبين الروايات الدالة على تعين الاتمام بعد حضور أهله كما ربما يشهد له صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة وربما يوجه القول بالتخيير بحمله على التخيير الناشئ من تعارض الخبرين وفيه انه فرع المكافئة وهى منتفية واما القول بالتفصيل بين سعة الوقت للاتمام وضيقه فمستنده أيضا الجمع بين الاخبار بشهادة موثقة إسحاق بن عمار قال سمعت أبا الحسن ع يقول في الرجل يقدم من سفره في وقت الصلاة فقال إن كان لا يخاف فوت الوقت فليتم وان كان يخاف خروج الوقت فليقصر وفيه ما في الخبر السابق من أن مورده الفرع الآتي ومجمله انه ان كان لا يخاف فوت الوقت يؤخر الصلاة حتى يدخل أهله فيتم والا فيقصر في أثناء الطريق بشهادة غيره مما عرفت وستعرف مع اباء جل الاخبار عن هذا الجمع كما لا يخفى على المتأمل وقد ظهر بما قررناه ان القول بالتقصير أشبه الأقوال بالقواعد وكذا الخلاف لو دخل الوقت وهو مسافر فحضروا الوقت باق وقد اتضح بما قررناه في الفرع السابق وجه الاختلاف في هذا الفرع أيضا وان الاتمام هيهنا اعتبارا بحال الأداء أيضا كالتقصير هناك أشبه بل الامر هيهنا أوضح ولذا التزم بعض من قال برعاية حال الوجوب هناك باعتبار حال الأداء هيهنا كالعلامة والشهيدين بل عن غير واحد الاعتراف بعدم معروفية القائل بتعين القصر وان نسبه في المتن وغيره إلى القيل بل عن السرائر انه لم يذهب إلى ذلك أحد ولم يقل به فقيه ولا مصنف ذكره في كتابه لا منا ولا من مخالفينا انتهى وما يظهر من بعض الأخبار المتقدمة من التخيير مراعاة حال الوجوب أو سعة الوقت يجب رد علمه إلى أهله أو حمله على ما لا ينافي ذلك بشهادة غيره كما عرفت وربما يشهد له أيضا مضافا إلى ذلك صحيحة العيص بن القاسم قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يدخل عليه وقت الصلاة في السفر ثم يدخل بيته قبل ان يصليها قال يصليها أربعا وقال لا يزال يقصر حتى يدخل بيته ويستحب ان يقول عقيب كل فريضة مقصورة ثلثين مرة سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر جبرا للنقصان العارض للفريضة لخبر سليمان بن حفص المروزي قال قال الفقيه العسكري يجب على المسافر ان يقول في دبر كل صلاة يقصر فيها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلثين مرة لتمام الصلاة وفي خبر رجا بن أبي الضحاك الذي صحب الرضا عليه السلام في سفره إلى خراسان انه ع كان يقول في دبر كل صلاة يقصرها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلثين مرة ويقول هذا تمام الصلاة وما في الخبر الأول من التعبير بالوجوب محمول على إرادة مطلق الثبوت أو تأكد الاستحباب إذ لا يصح اثبات مثل هذا الحكم العام الابتلاء الا بنص صحيح صريح غير قابل للطرح أو التأويل خصوصا مع قضاء السيرة القطعية من صدر الشريعة بعدم لزومه وعدم نقل الخلاف فيه من أحد ويظهر من بعض الروايات الواردة في باب التعقيب استحباب الاتيان بالتسبيحات الأربع عقيب كل صلاة ومقتضى اطلاق تلك الأخبار حصول امتثال الامر الوارد فيها بالثلثين الذي يؤتى بها جبرا للمقصورة كما يظهر وجهه بما شرحناه في بيان النسبة بين نافلة المغرب وبين النوافل الخاصة التي ورد الامر بفعلها في ذلك الوقت كصلاة الغفيلة وان أراد الاحتياط بالتكرير فالأحوط الاتيان بالأول بقصد مطلق التعقيب وبالثاني الجبر لا العكس أو ترك قصد التوظيف بل القربة المطلقة كما ظهر وجه ذلك كله في ذلك المبحث فراجع ولا يلزم المسافر متابعة الحاضر إذا ائتم به بل يقتصر على فرضه ويسلم منفردا كما عرفته في فصل الجماعة واما اللواحق فمسائل الأولى إذا خرج من منزله إلى مسافة فمنعه مانع عن قطعها اعتبر فإن كان بحيث يخفى عليه الاذان قصر إذا لم يرجع عن نية السفر بتردد عزم أو جزم على العدم أو يحصل شئ اخر من قواطع السفر كنية الإقامة أو مضى ثلثين يوما بلا قصد بلا خلاف على الظاهر ولا اشكال فإنه لا يخرج بذلك عن كونه مسافرا كما أنه لا شبهة في أنه لو رجع عن قصده قبل بلوغ المسافة أو حصل شئ اخر من القواطع عاد إلى الاتمام والمناقشة في كون البقاء ثلثين يوما بلا قصد إذا كان مستندا إلى وجود المانع لا تردد المسافر نفسه رافعا لحكم السفر بدعوى ان المنساق من أدلته ما كان التردد من نفسه بحيث يقول غدا اخرج أو بعد غد مدفوعة بان الانسياق المزبور ان سلم فبدوى وما في أغلب الأخيار من التعبير بقوله غدا اخرج أو بعد غد كناية عن عدم جزمه ببقاء العشرة وتجويزه الخروج قبل اكمالها وكيف لا مع أن الغالب عدم بقاء المسافر في مكان ثلثين يوما الا لأمور قهرية خارجة عن اختياره فلا يتفاوت الحال بالنظر إلى الانسياق المزبور ان سلم بين ان يكون بقائه مسببا عن وجود المانع أو عدم حصول بعض ما يتوقف خروجه عليه في عدم كون تردده (من نفسه بل هو نفسه عازم على الخروج في كلتا الصورتين مهما تيسر له مع أنه لم يناقش في الآخرة مناقش وان كان بحيث يسمعه أي الاذان أو بدا له عن نية السفر ولو لتردده) فيه اثم لفقدان الشرط أي استمرار القصد في الأخير وعدم وصوله إلى حد الترخص في الأول ويستوى في ذلك كله المسافر في البر والبحر لاشتراكهما في الأدلة المسألة الثانية لو خرج إلى مسافة فردته الريح فان بلغ سماع الاذان أتم لأنه في بلده والا قصر ما دام باقيا على عزمه كما هو واضح المسألة الثالثة إذا عزم المسافر على الإقامة في غير بلد عشرة أيام وصلى صلاة تامة ثم خرج عنه إلى ما دون المسافة فان عزم على العود والإقامة أي إقامة عشرة مستأنفة أتم ذاهبا وعائدا وفي البلد بلا خلاف يعتدى به فيه بل اجماعا مستفيضا نقله ان لم يكن متواترا لانقطاع سفره الأول بنية الإقامة وعدم حدوث سبب اخر موجب للتقصير أي عدم حدوث قصد قطع مسافة غير متخللة بالإقامة ومن هنا يظهر انه لا فرق بين ان ينوى العشرة الثانية في بلد الإقامة وغيرها مما هو دون المسافة ولا بين تعليق اقامتها على وصوله إلى ذلك المكان أو بعد تردده إليه أو إلى غيره مما هو دون المسافة مرة أو مرارا الاشتراك الجميع في المقتضى كما صرح به بعض وربما نسب إلى بعض المتأخرين القول بالتقصير الخروج عن محل الإقامة مطلقا سواء عزم على العود والإقامة أو على مجرد العود دون الإقامة أم لم يعزم على شئ منهما ووافقه بعض أفاضل العصر بناء منه على أن نية الإقامة قاطعة لحكم السفر بمعنى انها موجبة للاتمام في المقام لا لنفس السفر حتى لا ينضم الواقع بعدها إلى ما قبلها لعدم الدليل على ذلك بل مقتضى عمومات القصر في السفر وظاهر اطلاق صحيحة أبى ولاد
(٧٦٥)