كما يتضح ذلك بمراجعة العرف في باب الإجارات والخيارات وغير ذلك من الموارد التي تقدر في العرف والشرع بالأيام والشهور ولكن الاحتياط بالجمع بين القصر والاتمام لدى إرادة التلفيق مما لا ينبغي تركه وإذا نوى ان يقيم دونها أي دون عشرة أيام يقصر على المشهور بل عن ظاهر المنتهى دعوى الاجماع عليه ونقل عن ابن الجنيد انه اكتفى بإقامة خمسة فقال في كتابه المختصر الأحمدي لو نوى المسافر عند دخوله البلد أو بعد مقامه خمسة أيام فصاعدا تم ويشهد له رواية أبى أيوب الخزاز قال سئل محمد بن مسلم أبا عبد الله وانا اسمع عن المسافر ان حدث نفسه بإقامة عشرة أيام قال فليتم الصلاة وان لم يدر ما يقيم يوما أو أكثر فليبعد ثلثين يوما ثم ليتم وان كان أقام يوما أو صلاة واحدة فقال له محمد بلغني عنك انك قلت خمسا قال قد قلت ذلك قال الخزاز فقلت انا جعلت فداك يكون أقل من خمس قال لا وفيه انه لا تصلح هذه الرواية لمعارضة المعتبرة المستفيضة المتقدمة المعمول بها لدى الأصحاب الظاهرة أو الصريحة في أنه ان أراد المقام دون العشرة فليقصر فالأولى رد علم هذه الرواية بعد اعراض الأصحاب عنها وقوة احتمال كونها مشوبة بالتقية واشعار قوله ع قد قلت ذلك بصدور هذا القول عن علة وعدم صلاحية لمعارضته لما يقوله بالفعل ومعارضتها بما عرفت إلى أهله وقد حكى عن الشيخ انه حملها على الإقامة بأحد الحرمين أو على الاستحباب أقول حملها على الاستحباب أو التخيير كما قواه بعض لولا مخالفته للاجماع مستلزم لارتكاب التصرف في ظاهر مجموع الروايات المتعارضة بغير شاهد خارجي وهو مشكل واما حملها على الإقامة في الحرمين فهو وان كان بعيدا في حد ذاته ولكن ربما يقربه استشعار التورية والتقية من سوق العبارة كما يؤيده أيضا الخبر الآتي مضافا إلى حكاية القول بها عن بعض العامة فلا يبعد ان يكون المراد بالمشار إليه ولو من باب التورية ما رواه محمد بن مسلم في ذيل صحيحة المتقدمة أنه قال ولا يتم في أقل من عشرة أيام الا بمكة والمدينة وان أقام بمكة والمدينة خمسا فليتم وعن الصدوق في العلل في الصحيح عن معاوية بن وهب قال قلت لأبي عبد الله ع مكة والمدينة كسائر البلدان قال نعم قلت روى عنك بعض أصحابنا انك قلت لهم أتموا بالمدينة لخمس فقال أصحابكم هؤلاء كانوا يقدمون فيخرجون من المسجد عند الصلاة فكرهت ذلك لهم فلذا قلته وهذه الصحيحة بنفسها مع الغض عما ذكر صالحة قرينه الارتكاب التأويل في الرواية المزبورة كما انها شاهدة على في رادة الوجوب من الامر بالاتمام لمن أقام خمسا في مكة والمدينة الوارد في صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة بل ولا الاستحباب أيضا لوقوع التصريح بوجهه في هذه الصحيحة من أنه هو كراهة خروجهم من المسجد عند الصلاة ولكن لو كان وجهه منحصرا في ذلك لما كان ذلك مقتضيا لتخصيصه بمن أقام خمسا مع كون الحرمين في حد ذاتهما من مواضع التخيير كما ستعرف فالأظهر حمل الامر بالاتمام الوارد في الصحيحة على تأكد الاستحباب الغير المنافى للالتزام بان الاتمام في مواضع التخيير مطلقا أفضل مع أنه أوفق بقاعدة التسامح ولا ينافي ذلك ما في هذه الصحيحة من تخصيص وجه قوله لهم بالاتمام كراهة خروجهم من المسجد فان من الجائز ان لم يكن يأمرهم بذلك لولا هذه الجمة كغيره من الاحكام المستحبة التي لم يبينوه لكل أحد و كيف كان فلا خفاء ولا اشكال في أصل الحكم أي في عدم انقطاع حكم السفر بإقامة ما دون العشرة حتى في مكة والمدينة كما سيأتي لذلك مزيد توضيح انشاء الله وان تردد عزمه فلم يعلم متى خروجه غدا أو بعد غد مثلا أو عزم على الخروج ولكن لم يتهيأ له قصر ما بينه وبين شهر وهو ثلاثون يوما ثم يتم ولو يوما أو صلاة واحدة كما وقع التصريح به في صحيحة محمد بن مسلم وغيرها من الروايات المتقدمة في صدر المبحث ولا يعارضها خبر حنان عن أبيه عن الباقر عليه السلام قال إذا دخلت البلدة فقلت اليوم اخرج أو غدا اخرج فاستتمت عشرا فأتم لقصوره عن المكافئة من وجوه مع قوة احتمال وقوع التحريف فيه كما يؤيد ذلك أنه بعد ان روى الشيخ هذه الرواية عن حنان كما سمعت قال وفي رواية أخرى بهذا الاسناد فاستتمت شهرا فأتم فيغلب على الظن اتحاد الروايتين في الأصل ووقوع التحريف في أوليهما ثم إن تعليق الحكم في المتن على الشهر هو الموجود في أكثر النصوص وكثير من الفتاوى بل الأكثر على ما قيل وعبر في النافع بثلثين يوما بل في مفتاح الكرامة حكى التعبير بثلثين يوما عن النهاية وأكثر كتب المتأخرين بل عن التذكرة التصريح بان العبرة بها الا بما بين الهلالين وان نقص عنها وتبعه في ذلك غير واحد ممن تأخر عنه فلو كان ح ابتداء تردده من أول يوم من الشهر الهلالي إلى هلال الاخر واتفق نقصانه لم يتم صلاته حتى يكمله من الشهر الاخر وربما علل ذلك بان لفظ الشهر وان عبر به في كثير من النصوص الا انه هو اما مشترك لفظي بين الهلالين والثلثين أو معنوي أو حقيقة في أحدهما مجاز في الاخر وعلى كل حال يجب حمله على إرادة الثلثين هنا لحسنة محمد بن مسلم المتقدمة التي وقع فيها التصريح بأنه ان لم يدر ما يقيم يوما أو أكثر فليعد ثلثين يوما ثم ليتم فهي اما بيان له أو تقييد أو قرينة تجوز بل قد يقال بوجوب تنزيله على ذلك ولو مع قطع النظر عن هذه القرينة الندرة وقوع التردد في أول الشهر الهلالي فيحمل المطلق أو المشترك على الفرد الغالب من وقوع التردد في غير أول الشهر ولا خلاف ح في اعتبار الثلثين وعدم تلفيقه هلاليا بان يحسب من ذلك اليوم إلى مثله من الشهر المقبل شهر فيبقى ح تلك الصورة خاصة وهى ما إذا اتفق وقوع التردد في أول الشهر على مقتضى اطلاق أدلة القصر واستصحابه ونوقش في ذلك بناء على اشتراك لفظ الشهر بينهما اشتراكا معنويا لم يصلح الحسنة المزبورة لتقييده لورود القيد مورد الغالب فلا يصلح مقيدة لاطلاق الشهر الوارد في سائر الأدلة ودعوى ان الغلبة كما تمنع المقيد عن إرادة التقييد كذلك تمنع المطلق عن ظهوره في الاطلاق بل توجب انصرافه إلى الافراد كما تقدمت دعواه في تقريب الاستدلال مدفوعة بان هذه الغلبة هي غلبة الوجود لا الاستعمال وهى غير موجبة لصرف الاطلاق عن ظاهره ولكنها صالحة نكتة لتخصيص موردها بالذكر في الرواية المقيدة مع أن كون وقوع التردد في أول الشهر نادرا انما هو بالمقايسة إلى مجموع ما عداه من الشهر والا فالتردد في أوله ليس الا كالتردد في ثانيه ورابعه وهكذا فكما ان الاطلاق ليس منصرفا عن شئ من ذلك فكذا عن الأول واختلاف مصداق عدد أيام المطلق بالنسبة إلى هذا الفرد غير مقتض لصرف الاطلاق عنه بعد فرض كونه من الافراد الواضحة الفردية للمطلق بل من أظهرها وقد ظهر بذلك قوة ما حكى عن المحقق الأردبيلي من الاكتفاء بما بين الهلالين وان كان ناقصا لو اتفق وقوع التردد في أول الشهر وتعيين الثلثين لو كان التردد في غيره ولكن الأقوى خلافه فان لفظ الشهر عرفا وشرعا اسم لقطعة من الزمان مقدرة بما بين الهلالين كما أن اليوم اسم مختلفة منه محدودة بما بين طلوع الشمس وغروبها فمتى حدد شئ بشهر أو شهرين أو ثلاثة فما زاد في باب الإجازات وضبط الآجال أو تحديدها لا يتبادر منه الا إرادة هذا المعنى من غير فرق بين ما لو كان مبدء التحديد أول الشهر أو وسطه فيراد من اطلاقه ما يعم الملفق فيعد من هذا اليوم إلى مثله من الشهر المقبل شهرا من غير التفات إلى عدد أيامه ولكن
(٧٥٦)