الوضوء منكوسا ونحوه وهذا بخلاف ما لو كان مستحبا فإنه قد يحسن ترك هذا المستحب رعاية لأن لا يقع أحيانا في مخافة التقية وهذا مما يختلف باختلاف مرتبة الاستحباب وكذا بقوة احتمال وقوعه في مخالفة التقية وضعفه وكذا باختلاف الضرر الذي يخاف منه على تقدير مخالفة التقية والأنسب بما يقتضيه الجمع بين شتات الأخبار تنزيلها على اختلاف مرتبة الاستحباب وهو أوفق بالقواعد من حمل جميع هذه الأخبار على التقية التي هي بمنزلة الطرح والموثقة الدالة على صدورها تقية لا تدل على ارادتها بهذا المعنى والله العالم وهو اي القنوت محله الموظف في الشريعة في غير ما ستعرف استثنائه في كل ركعة ثانية من الصلوات الثنائية والثلاثية و الرباعية وفي مفردة الوتر قبل الركوع وبعده القراءة باجماع علمائنا كما عن المنتهى حكايته ويدل عليه صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال ما اعرف قنوتا الا قبل الركوع وصحيحة يعقوب بن يقطين قال سألت عبدا صالحا عن القنوت نفي الوتر والفجر وما يجهر فيه قبل الركوع أو بعده قال قبل الركوع حين تفرغ من قرائتك وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال القنوت في كل صلاة في الركعة الثانية قبل الركوع ورواية الحرث بن المغيرة قال أبو عبد الله عليه السلام اقنت في كل ركعتين فريضة أو نافلة قبل الركوع وفي خبر الأعمش المروي عن الخصال في حديث شرايع الدين عن أبي عبد الله عليه السلام قال أبو عبد الله عليه السلام أقنعت في كل ركعتين فريضة أو نافلة قبل الركوع وبعد القراءة وعن تحف العقول مرسلا إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام في كتابه إلى المأمون قال كل القنوت قبل الركوع وبعد القراءة وموثقة سماعة المضمرة قال سألته عن القنوت في اي صلاة هو فقال كل شئ يجهر فيه بالقراءة فيه قنوت والقنوت قبل الركوع وبعد القراءة وفي موثقة أبي بصير الآتية في قنوت الجمعة قال كل قنوت قبل الركوع الا الجمعة إلى غير ذلك من الأخبار الدالة عليه وعن المصنف في المعتبر ما يظهر منه الميل أو القول بأنه مخير بين فعله قبل الركوع أو بعده وان كان الأولى أفضل فقال ما لفظه ويمكن ان يقال بالتخيير وان كان تقديمه على الركوع أفضل انتهى واستحسنه الشهيد الثاني في الروضة فقال ما لفظه قبل يجوز فعل القنوت مطلقا قبل الركوع وبعده وهو حسن للخبر انتهى ومستند هذا القول ما رواه الشيخ بأسناده عن إسماعيل الجعفي ومعمر عن أبي جعفر عليه السلام قال القنوت قبل الركوع وان شئت فبعده حكى عن الشيخ أنه قال في توجيهه انه محمول على حال القضاء أو التقية على مذهب بعض العامة في الغداة أقول بما ذكره الشيخ في توجيه هذا الخبر يندفع ما احتمله غير واحد من المتأخرين من كون شئت مصحف نسيت من سهو النساخ فإنه يظهر من توجيه الشيخ انه رواه بهذا اللفظ واحتمال كون الشيخ معمولا في نقله على اخذه من كتاب مصحف مما لا ينبغي الالتفات إليه لا لمجرد كون احتمال الغلط في حد ذاته مخالفا للأصل بل لعدم كون تأليف الكتب الأربع مبنيا على ذلك و كيف كان فهذا الاحتمال مع مخالفته للأصل مما لا ينبغي الالتفات إليه واما ما ذكره الشيخ في توجيهه فان أراد بحال القضاء جوازه قضاء بعد الركوع مطلقا سواء تركه في محله الذي هو قبل الركوع عمدا أو سهوا فمرجعه لدى التحليل إلى ما ذكره المصنف ره من التخيير بين ان يأتي به قبل الركوع أو بعده ولكن الأول أفضل إذ القنوت في حد ذاته مستحب فله ان يختار تركه قبل الركوع وفعله بعده فتسميته قضاء مجرد اصطلاح اللهم الا ان يعتبر فيه ح قصد البدلية فليتأمل وان اراده في خصوص الناسي فالرواية تأبي عن الحمل عليه لأنها كادت أن تكون صريحا في إرادة اختيار فعله بعد الركوع على تقدير حصول الترك نسيانا واما حملها على التقية فإنما يتجه على تقدير معارضتها لما عداها من الروايات وعدم امكان الجمع بينهما وهي ليست كذلك بل هي بنفسها مقررة لتلك الروايات وناطقة بان محل القنوت قبل الركوع ولكنه يجوز بعده أيضا وليس في الأخبار المتقدمة ما ينافي ذلك لأن غايتها الظهور في انحصار مشروعيته القنوت بايقاعه قبل الركوع وعدم جواز فعله بعده وهو لا يصلح لمعارضة الرواية المصرحة بجواز التأخير فمقتضى الجمع بين هذه الرواية وبين الأخبار التي ورد فيها الامر بالقنوت قبل الركوع أو ان محله قبل الركوع انما هو حمل تلك الأخبار على إرادة محله الذي ينبغي ايقاعه فيه اي محله الأفضل لا محله الذي لا يشرع الا فيه واما قوله عليه السلام في صحيحة معاوية بن عمار ما اعرف قنوتا الا قبل الركوع فيحتمل قويا ان يكون جاريا مجرى التعبير في مقام الاخبار عما استقر عليه سيرته في مقام عمله فإنه كثيرا ما يقال في العرف لا أعرف الا هذا بمعنى لا أعمل الا هذا ولا أعرف الا هذا الشخص اي لا أصاحب الا معه واحتمال إرادة حقيقة كي يكون الكناية عن عدم مشروعيته وان كان أوفق بظاهر اللفظ ولكن مقتضاه ارتكاب التخصيص في قنوت الجمعة الذي ستعرف ان محله بعد الركوع مع أن سوق التعبير يأبى عن التخصيص مضافا إلى عدم اباء هذه الرواية أيضا عن الحمل على إرادة محله الفضيلي فالانصاف ان الالتزام بشرعية الاتيان به بعد الركوع عند تركه قبله ولو عمدا أشبه بالقواعد وأنسب بالمسامحة في أدلة السنن ويؤيده شرعيته للناسي كما ستعرف فإنه يكشف عن أن لما بعد الركوع أيضا كما قبله خصوصية مقتضية لطلبة على تقدير تركه قبله ومدخليته النسيان في المصلحة المقتضية له لا يخلو عن بعد وهذا وان لا يصلح ان يكون مستندا لاثبات حكم شرعي توفيقي الا انه مؤيد للرواية الدالة عليه و كيف كان فالأولى والأحوط انه لو تركه قبل الركوع ان يأتي به بعد الركوع بقصد القربة المطلقة لا علي سبيل التوظيف والله العالم ثم إنه قد أشرنا إلى أن حال القنوت في مفردة الوتر حال القنوت فيما عداها من الصلوات في أن محله قبل الركوع وهذا مما لا شبهة فيه نصا وفتوى ولكن صرح غير واحد بان لمفرد الوتر قنوت اخر بعد الركوع فلها قنوتان أحدهما قبل الركوع والاخر بعده منهم المصنف في المعتبر والعلامة في التذكرة والشهيدان في الدروس والروضة على ما حكى عنهم وعللوه بما روي عن أبي الحسن موسى عليه السلام انه كان إذا رفع رأسه من اخر ركعة الوتر قال هذا مقام من حسناته نعمة منك إلى اخر الدعاء وحكى عن المحقق الأردبيلي في شرح الارشاد انه انكر ذلك عليهم وقال وفي الوتر غير ثابت كون الثاني قنوتا مع أنه اعترف بأصل استحبابه ولكن لا بهذا العنوان فقال بعد الكلام المزبور على ما حكى عنه ولكن لا شك في استحباب الدعاء بعد الركوع أيضا فانكاره مبني على منع تسميته مطلق الدعاء الوارد في خلال الصلاة قنوتا وهو في محله ضرورة في طلاق اسم القنوت في عرف المتشرعة واستعمالات الشارع على مطلق الدعاء والذكر المطلوب في الصلاة والا لا ينحصر في كل صلاة بقنوت
(٣٨٩)