بموثقة عمار التي وقع فيها التصريح بجواز إعادة الفريضة كما لا يخفى فالظاهر أن مقصود القائلين بجواز نية الفرض ان له رفع اليد عما اتى به أولا والقصد إلى وقوع المعادة إطاعة للامر الوجوبي الذي كان متوجها إليه نظير ما لو قلنا بجواز الإعادة للإجادة فان معناه انه لو اتى بفرد غير كامل في مقام امتثال الامر بطبيعة الصلاة كالصلاة بلا خضوع مثلا له الغاء هذا الفرد ما دام الوقت باقيا واختيار إطاعتها في ضمن فرد كامل كما له شواهد في الأوامر العرفية المتوجهة إلى عبيدهم فلا يبعد ان يدعى ان إعادة المنفرد صلاته جماعة هي من هذا الباب فانا وان لم نلتزم بمشروعية الإعادة للإجادة على الاطلاق في الاحكام التعبدية التي لا إحاطة لنا بمناطاتها ولكن لا ننكر جوازها بعد مساعدة الدليل عليها فلا يبعد ان يقال إن المنساق إلى الذهن من قوله في خبري هشام والبختري ويجعلها الفريضة انما هو إرادة هذا المعنى فعلى هذا له ان يقصد امتثال الامر الوجوبي المتعلق بفريضة الظهر مثلا بالغاء ما فعله أولا واختيار اطاعته في ضمن فرد أكمل أو إطاعة الامر الندبي الذي تضمنته هذه الأخبار ولعل الأول أولى لما في الخبرين من الامر به بناء على إرادة هذا المعنى منهما كما هو الظاهر وقوله ان شاء يحتمل ان يكون مربوطا بقوله يجعلها الفريضة مسوقا لبيان عدم لزوم هذا الجعل ويحتمل ان يكون مربوطا بقوله عليه السلام يصلي معهم والله العالم الثالث مقتضى ما أشرنا إليه من اتحاد الفريضة ومعادتها ذاتا حصول الاجزاء بفعل المعادة عند انكشاف فساد الأولى ووقوعها فريضة وان اتى بها بنية الندب كما يؤمي إليه قوله عليه السلام يختار الله أحبهما إليه وقصد الندبية غير قادح في صحة الفعل ووقوعه امتثالا للامر الوجوبي المتعلق به بعد فرض وحدة الطبيعة وحصولها بقصد الإطاعة وان أخطأ في تشخيص طلبها خصوصا إذا كان خطأه ناشئا من توهم خروجه عن عهدة الطلب الالزامي المتعلق به كما فيما نحن فيه وقد تقدم في مبحث النية من كتاب الطهارة والصلاة ما ينكشف به حقيقة الحال في مثل هذه الموارد فراجع ويستحب ان يسبح المأموم الذي يقرء خلف الامام وجوبا كما في الصلاة مع المخالف أو المأموم المسبوق أو جوازا كما في غيره حيث جوزناها حتى يركع الامام إذا أكمل القراءة قبله وله أيضا ان يبقي آية ليقرأها عند فراغ الامام ليركع عن قراءة كما صرح به غير واحد ويدل على الأول موثقة عمر بن أبي شعبة عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له أكون مع الامام فافرغ قبل ان يفرغ من قرائته قال فأتم السورة ومجد الله واثن عليه حتى يفرغ وعلى الثاني موثقة زرارة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الامام أكون معه فافرغ من القراءة قبل ان يفرغ قال فامسك آية ومجد الله واثن عليه فإذا فرغ فاقرأ الآية واركع وربما يستشعر من الوسائل تنزيل الخبرين على خصوص الصلاة مع المخالف حيث أوردهما في هذا الباب وفيه انه لا مقتضى للتخصيص مع مخالفته للأصل واعتضاد اطلاقهما بالعمومات الدالة على استحباب الذكر وكراهة السكوت في الصلاة نعم قد ورد أيضا نحو ذلك في خصوص الصلاة خلف المخالف في الموثق عن إسحاق بن عمار عمن سئل أبا عبد الله عليه السلام قال أصلي خلف من لا اقتدي به فإذا فرغت عن قرائتي ولم يفرغ هو قال فسبح حتى يفرغ وخبر صفوان الجمال المروي عن محاسن البرقي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ان عندنا مصلى لا نصلي فيه وأهله نصاب وامامهم مخالف فأئتم به قال لا فقلت ان قرء اقرأ خلفه قال نعم قلت فان نفدت السورة قبل ان يفرغ فقال سبح وكبر انما هو بمنزلة القنوت وكبر وهلل وعن كتاب الفقه الرضوي بعد ذكر الصلاة خلف المخالف تقية فان فرغت قبله من القراءة ابق آية منها حتى تقرء وقت ركوعه والا فسبح إلى أن يركع ويستحب ان يكون في الصف الأول أهل الفضل كما صرح به غير واحد بل في المدارك هذا موضع وفاق بين العلماء بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه واستدل له بخبر جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال ليكن الذين يلون الامام أولى الأحلام منكم والنهى فان نسي الامام أو تعايا قوموه وأفضل الصفوف أولها وأفضل أولها ما قرب من الامام ومن طريق العامة قوله صلى الله عليه وآله ليلين منكم أولوا الأحلام ثم الذين يلونهم ثم الصبيان ثم النساء في المدارك الأحلام جمع حلم بالكسر وهو العقل ومنه قوله تعالى أم تأمرهم أحلامهم بهذا والنهى بالضم العقل أيضا وتعايا اي لم يهتد لوجه مراده أو عجز عنه ولم يطق احكامه وقد يناقش في دلالة الخبر بأنه أخص من المدعى فان ولاء الامام أخص من تمام الصف وربما عللوه بوجه اعتباري وهو ان الصف الأول أفضل الصفوف كما يدل عليه مضافا إلى ما في ذيل الخبر المزبور وما روى من أن الصلاة فيه كالجهاد في سبيل الله فيكون الأفضل للأفضل وفيه انه مجرد اعتبار لا يصلح ان يكون مستندا لاثبات حكم شرعي اللهم الا ان يدعى استفادته من الخبر المزبور بدعوى شهادة سوقه بكون ما في ذيل الخبر من قوله عليه السلام وأفضل الصفوف أولها الحديث بمنزلة تعليل اخر للحكم المذكور في الصدر لا جملة مستقلة غير مرتبطة بسابقتها فليتأمل ويمكن الاستدلال له أيضا بما روى من طريق العامة انه صلى الله عليه وآله قال ليليني منكم أولو الأحلام ثم الذين يلونهم ثم الصبيان ثم النساء إذ الظاهر من هذه الرواية إرادة الترتيب في الصفوف على حسب مراتبهم في الفضل وكفى بمثله دليلا لاثبات مثل المدعى مسامحة تنبيه: كلما كان من نظائر المقام مما فهم من دليله محبوبية حصوله في الخارج من غير أن يكون التكليف متوجها إلى شخص خاص يكون من قبيل التكاليف الكفائية المطلوب حصولها من اي شخص يكون فيستحب لكل من له مرتبة خاصة حفظ مرتبته ولغيره وضع صاحب المرتبة في مرتبته فأهل الفضل مثلا وظيفتهم التقدم وغيرهم وظيفتهم تقديم صاحب الفضل فكل من اتى بوظيفته فقد اتى بالمستحب ويكره تمكين الصبيان منه وفي المدارك قال في شرح العبارة بل تمكين غير أهله منه ويكره لهم التأخر أيضا انتهى. أقول مراده بأهله أولو الفضل فكأنه بنى المسألة على أن ترك المستحب مكروه وهو محل نظر بل منع وقد حكى عن الروض التصريح بالحاق المجانين والعبيد بالصبيان بناء منه على ما سمعت وفيه ما عرفت فالأشبه في لكراهة في تمكين من عدى الصبيان لانتفاء ما يدل عليه واما تمكين الصبيان فهو أيضا مما لم يثبت كراهته بدليل معتبر ولكن قال في الجواهر انه يفهم من الروض وجود نص بذلك فلا بأس بالالتزام به من باب المسامحة ويكره أيضا ان يقف المأموم في صف وحده ان كان ذكرا الا ان تمتلي الصفوف فلا يجد فيها مقاما بل في هذا الفرض أيضا الأولى ان يقف بحذاء الامام ولا ينفرد بصف لخبر السكوني عن جعفر عن أبيه قال قال أمير المؤمنين عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا تكونن في العثكل قلت وما العثكل قال إن تصلي خلف الصفوف وحدك فإن لم يمكن الدخول في الصف قام حذاء الامام أجزأه فان هو عاند الصف فسد عليه صلاته وعن كتاب دعائم الاسلام مرسلا عن علي عليه السلام
(٦٦٥)