الصفين أو بين أهل صف واحد والصفوف المتعددة من الجنوب إلى الشمال أو بين الامام ومأموميه من خلفه أو أحد جانبيه فضمير الجمع في قوله بينهم اما راجع إلى الجمع فلا حاجة حينئذ إلى اضمار معادل للمذكور ولكن يجب صرف قوله عليه السلام فليس لهم بصلاة إلى إرادة بعضهم المصلين وراء الحائل لوضوح عدم تأثير الحائل في بطلان صلاة الامام ومن معه من غير حائل فيما ليست الجماعة شرطا لصحتها أو راجع إلى القوم المريدين للايتمام فتقدير الكلام حينئذ فإن كان بينهم وبين غيرهم من أهل الجماعة اي الامام ومن اتصل سترة أو جدار فليس تلك لهم بصلاة وعلى اي التقديرين فقوله عليه السلام الا من كان حيال الباب لدفع توهم كون الفصل بالجدار من حيث هو قاطعا لعلاقة الارتباط مطلقا حتى بالنسبة إلى من لم يمنعه عن المشاهدة كما قد يتوهم نظيره لدى الفصل بنهر وطريق ونحوه واستثناء هذا الفرد ممن حكم ببطلان صلاته يستلزم خروج من اتصل به من جانبيه أو خلفه لخروجه عن موضوع هذا الحكم إذ أليس بينه وبين من اتصل بالامام وهو هذا الشخص المصلي حيال الباب سترة أو جدار كما أنه بناء على إرادة المعنى الأول يستلزم خروجه خروج كل من يصلي ورائه وان كان صفا مستطيلا إذ ليس بينهم وبين الصف الذي يتقدمهم (سترة أو جدار وبطلان صلاة من عدى الشخص المقابل للبناء من الصف المتقدم غير قادح بصحة صلاة الصفوف المتأخرة فإنه يكفي في صحة صلاة كل صف وجود واحد يعد بصلاته في الصف الذي يتقدمهم) نعم على هذا البناء يشكل الامر بالنسبة إلى من وقف جانبي الباب مع مشاهدته للصف الذي يتقدمهم كما هو الغالب بالنسبة إلى رجل أو رجلين أو أكثر ممن هو عن يمين الباب أو شماله فان مقتضى تخصيص الصحة في النص بخصوص من كان حيال الباب الالتزام ببطلان صلاة من على جانبيه مطلقا سواء شاهد الصف المتقدم عليه أم لم يشاهد مع أنه بحسب الظاهر مما لا يلتزم به أحد فيمكن ان يجعل اجماع الأصحاب كاشفا عن أن المراد بمن كان حيال الباب أعم من خصوص هذا الشخص وعن هو بمنزلته في عدم كون الجدار مانعا عن مشاهدة من يتقدمهم في الجملة فليتأمل مما ذكر ان الأظهر في معنى الخبر هو انه صلى قوم بامام وبينهم وبين غيرهم من أهل الجماعة سترة أو جدار فليس تلك لهم بصلاة الا من كان بحيال الباب فتصح صلاته ويتفرع عليه صحة صلاة كل من يتصل به من أحد جانبيه أو خلفه فمورد البطلان ما إذا لم يكن بحيال الباب أحد أو كان ولكن لم يتصلوا به بل بعدوا عنه أو صلوا في صف اخر عن يمين الباب أو يساره بين يدي هذا الصف والله العالم وقد يقال في توجيه مذهب المشهور بان سوق الرواية يشهد بكون الحكم منزلا على الصفوف كما ينبأ عن ذلك قوله عليه السلام واي صف إلى اخره فالمراد بقوله الا من كان حيال الباب استثناء الصف الكائن بحيال الباب في مقابل الصفوف الواقعة عن جانبيه لا خصوص الشخص الواقف بحياله وفيه نظر إذ المتبادر من لفظ من الموصولة إرادة الشخص دون الصف والمستثنى منه هو أهل الصف لا الصفوف فان تقدير الكلام على ما زعموه واي صف كان أهله يصلون بصلاة امام بينهم وبين الصف الذي يتقدمهم سترة أو حائل فليس تلك لهم بصلاة الا من كان حيال الباب فالمستثنى منه هو الضمير المجرور والراجع بحسب الظاهر إلى أهل الصف لا نفسه فليتأمل والانصاف ظهور الرواية في بادي الرأي فيما ذهب إليه المحقق البهبهاني كما اعترف به غير واحد ولكنه ظهور بدوي يرتفع بعد الالتفات إلى المناسبة المقتضية للحكم وهو انقطاع عدالة الارتباط بحيلولة السترة والجدار وعدم اختصاص مفاد الرواية على ما يتفاهم منها عرفا بخصوص الجدار الواقع بين الصفين واستبعاد كون رؤية شئ من الصف المتقدم ولو من بعيد شرطا تعبديا بالصحة صلاتهم كما لا يخفى فما ذهب إليه المشهور لا يخلو من قوة ولكن الاحتياط مما لا ينبغي تركه والله العالم لا يقدح حيلولة بعض المأمومين بعضا عن مشاهدة الامام أو الصف المتقدم بناء على اعتباره إذ المنساق من النص والفتوى انما هو المنع عن حائل خارجي نعم لو فرض فساد صلاة الحائل اتجه الحاقه بالحائل الخارجي كما صرح به في الجواهر وغيره لأنه حينئذ ليس في الواقع مصليا فيكون بمنزلة شخص أجنبي واقف بينهما مانع عن المشاهدة ويمكن الخدشة فيه بان اندراجه عرفا في زمرة المصلين كاف في بقاء علاقة الارتباط وعدم صحة مقايسته على الحائل الخارجي ولعله لذا قيد في المسالك الحاقه بالأجنبي بصورة العلم بفساد صلاته قال ولا يقدح حيلولة بعض المأمومين امامهم عن بعض مشاهدة المانع للامام أو مشاهدة من يشاهده من المأمومين وان تعددت الوسائط ويشترط عدم علم الممنوع من المشاهدة بفساد صلاة الحائل والا بطلت صلاته لان المأموم حينئذ كالأجنبي انتهى إذ لا يبعد ان يدعى ان اندراجه عرفا في عداد المصلين انما هو فيما إذا لم يعلم بفساد صلاته تفصيلا والا جرى عليه حكم الأجنبي بشهادة العرف فليتأمل ويحتمل ان يكون فقط نظره اختصاص الحكم بفساد الصلاة بهذه الصورة لا لدعوى اختصاص مانعية الحائل بصورة العلم كي تدفع بمخالفتها لظاهر النص والفتوى بل لما استشير إليه في جملة من الفروع الآتية التي هي من نظائر المقام من أن الأظهر ان الاخلال بشرائط الايتمام فيما ليست الجماعة شرطا لصحتها غير موجب لبطلان أصل الصلاة بل اجزاء احكام المنفرد عليه وهو غير مقتض للحكم بالبطلان في مثل هذه الموارد لدى الجهل بالموضوع كما سيأتي لذلك مزيد توضيح إن شاء الله تعالى في محله الثالث ظاهر النص والفتوى كون عدم الحيلولة وكذلك عدم البعد الوارد في النص شرطا في صحة الايتمام من حيث هو فما دام مأموما يجب ان لا يكون بينه وبين الامام حائل فهو شرط ابتداء واستدامة ولكن قد يقال بان هذا الظهور بدوي والا فالتأمل الصادق يشهد بعدم دلالتها على اعتباره استمرارا لان قوله عليه السلام فليس تلك بصلاة إشارة إلى الصلاة التي صليت مع الستر والحائل وهي ظاهرة في المجموع والحكم ببطلان الصلاة التي صليت تمامها مع الحائل لا يستلزم الحكم ببطلان ابعاضها إذا وقعت كذلك أو ببطلان الكل إذا وقع البعض كذلك وفيه ان قوله فليس تلك لهم بصلاة لا يصلح رافعا للظهور الذي ادعى كونه بدويا لوقوعه جزاء عن الشرط الذي نشأ منه هذا الظهور إذ المشار إليه بتلك هي الصلاة التي أخل بشرطها الذي تكفل الشرطية لبيانه وحيث إن الشرطية ظاهرة في الاطلاق وكونها قضية طبيعية مقتضاها صدق الجزاء عند حصول مسمى الشرط ومن المعلوم ان القوم الذين يصلون بصلاة امامهم من أول تلبسهم بالصلاة بينه
(٦٣١)