قال وهو المحكى عن جماعة من الصحابة والتابعين في تفسير التقصير المذكور في الآية ولكن مع ذلك كله لا ينبغي الالتفات إليه بعد شذوذه ومعارضة مستنده بالمستفيضة الآتية الواردة في كيفية صلاة الخوف المشتمل بعضها على حكاية فعل رسول الله صلى الله عليه وآله التي نص في فعلها ركعتين أو ثلثا ان كانت مغربا هذا مع أن عمدة ما يصح الاستناد إليه لهذا القول هي الصحيحة المزبورة وهى بظاهرها مخالفة لما حكاه من فعل رسول الله صلى الله عليه وآله بعسفان حيث إنه صلى الله عليه وآله بنفسه لم يرد الركعتين إلى ركعة اللهم الا ان يحمل ذلك أي ترك الرد بالنسبة إلى الامام رخصة في ترك التقصير رعاية لحال الطائفتين وفي الحدائق قال في توجيه الصحيحة المزبورة ومن المحتمل قريبا تخصيص الرواية بحال الخوف من اتمام الركعتين بمعنى ان الحال أضيق والخوف أشد من الحالة الموجبة للركعتين فيقتصر على الركعة فيكون هذه المرتبة أول مراتب الانتقالات الآتية في هذه الصلاة والأظهر هو الحمل على التقية أقول وربما يضعف الاحتمال المزبور ما ستعرفه من أن شدة الخوف توجب القصر في الكيفية لا عدد الركعات والله العالم وإذا صليت جماعة فلها كيفيات ثلث مأثورة صلاة بطن النخل وصلاة ذات الرقاع وصلاة عسفان ولم يتعرض المصنف للثالثة ولعله لضعف مستندها وعدم ثبوتها لديه واما الأوليان فقد أشار اليهما بقوله فالامام بالخيار ان شاء صلى بطائفة ثم بأخرى وكانت الثانية له ندبا وتسمى هذه الصلاة بصلاة بطن النخل بالخاء المعجمة تسمية باسم الموضع الذي روى أن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى فيه بأصحابه وبهذه الكيفية ولكن الرواية لم تثبت مسندة من طرقنا كما اعترف به في المدارك وغيره بل رواها الشيخ في مبسوطه على ما نقل عنه على سبيل الاجماع من طرقهم فقال فيما حكى عنه مشيرا إلى هذه الصلاة رواها الحسن عن أبي بكر عن فعل النبي ص ثم قال وهذا يدل على جواز صلاة المفترض خلف المتنفل أقول وحيث لم يثبت ذلك بطريق معتبر فيشكل الالتزام بصحتها بل يتجه بنائها على القول بجواز اقتداء المفترض بالمتنفل حتى في مثل الفرض أي فيما لو اتى بالفريضة جماعة فأعادها نفلا وقد عرفت في محله انه في هذه الصورة لا يخلو من اشكال وان لم يكن بعيدا فعليه يثبت للامام في المقام الخيار فان شاء صلى بالطائفتين كما عرفت وان شاء يصلى كما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله بذات الرقاع بالراء المهملة والقاف قال في محكى الذكرى واختلف في التسمية بذلك فقيل إن القتال كان في صفح جبل فيه جدد حمر وصفر كالرقاع وقيل كانت الصحابة حفاة فلفوا على أرجلهم الجلود والخرق لئلا تحترق قال صاحب المعجم وقيل سميت برقاع كان في ألويتهم وقيل الرقاع اسم شجر كانت في موضع الغزوة قال وفسرها مسلم في الصحيح بان الصحابة نقيت أرجلهم من الشجر فلفوا عليها الخرق وهى على ثلاثة أميال من المدينة عند بئر اروما هكذا نقله صاحب معجم البلدان بآلاف قال وبين الهجرة وبين هذه الغزوة أربع سنين وثمانية أيام وقيل مر بذلك الموضع ثمانية حفاة فنقبت أرجلهم وتساقطت أظفارهم فكانوا يلفون عليها الخرق انتهى ثم يحتاج هذه الصلاة إلى النظر في شروطها وكيفيتها واحكامها اما الشروط فاحدها ان يكون الخصم في غير جهة القبلة في المدارك قال هذا الشرط مقطوع به في كلام أكثر الأصحاب واستدلوا عليه بان النبي صلى الله عليه وآله انما صلاها كذلك فيجب متابعته ثم قال واستوجه العلامة في التذكرة عدم اعتباره لعدم المانع من فعلها بدونه قال وفعل النبي ص وقع اتفاقا لا انه كان شرطا أقول وهو جيد إذ لا مقتضى لارتكاب التقييد في الأدلة الدالة عليه من الكتاب والروايات الآتية بل ستعرف امكان الالتزام بجواز الجماعة بهذه الكيفية اختيارا وثانيها ان يكون فيه قوة لا يؤمن ان يهجم على المسلمين في أثناء صلاتهم والا انتفى الخوف المسوغ للكيفية المزبورة بناء على عدم جوازها اختيارا وثالثها ان يكون في المسلمين كثرة يمكن ان يفترقوا طائفتين تكفل كل طائفة بمقاومة الخصم إذ من الواضح لدى قصور المسلمين عن ذلك لا يجوز لهم الجماعة بهذه الكيفية المستلزمة للاختلال بحراستهم ورابعها ان لا يحتاج الامام إلى تفريقهم أكثر من فرقتين تصليان معه على التناوب بان كان كل منهما كافيا في حراسته ولو لدى احتياجهم إلى تفريق الحرسة فرقا عديدة في مقابل ما لو احتاج مثلا إلى تثليث المسلمين وجعل كل ثلث طائفة يصلى بها ويقوم الآخران بحفظه في المدارك قال اشتراط ذلك في الثنائية واضح لتعذر التوزيع بدونه اما في الثلاثية فقد قطع الشهيدان بجواز تفريقهم ثلث فرق وتخصيص كل فرقة بركعة وهو انما يتم إذا جوزنا الانفراد اختيارا والا اتجه المنع منه لان المروى انه يصلى في الثلاثية ركعة يقوم وركعتين بأخرين انتهى وهو جيد اللهم الا ان يدعى القطع بان المقصود من شرع هذه الصلاة ادراك الجميع فضيلة الجماعة من غير مدخلية خصوصية كيفية التفريق وتثنيته في ذلك كما ليس بالبعيد فيتجه ح تجويز التربيع أيضا لو كانت الفريضة رباعية وقيل باختصاص التقصير في صلاة الخوف بالسفر كما هو واضح واما كيفيتها فان كانت الصلاة ثنائية صلى بالطائفة الأولى ركعة وقام إلى الثانية فينوي من خلفه الانفراد واجبا أي يجب على من خلفه الانفراد في الثانية رعاية لحق الفرقة الأخرى ويحتمل ان يكون المقصود بالعبارة كما فهمه الشراح انه يجب عليهم نية الانفرادي لا يجوز لهم الاتيان بما بقي من صلاتهم من غير احداث ووجهه انه يجب عليهم مفارقة الامام عند قيامهم للثانية كما ستعرف ولا يجوز لهم المفارقة ما لم يرجعوا عن قصد الايتمام وهو لا يحصل الا بنية الانفراد واستوجه غير واحد تبعا للشهيد في الذكرى عدم وجوب نية الانفراد نظرا إلى أن صلاة الخوف انما شرعت كذلك فهو في ابتداء صلاته لا ينوى الايتمام بركعة وعدن انقضاء الركعة يأتي تتمة صلاته جريا على ما اقتضته الأولى من غير حاجة إلى تجديدها ولكنك عرفت في محله ان اختيار مفارقة الامام فيما بقي من صلاته كما هو مقتضى تكليفه في المقام لا يتخلف عن نية الانفراد بل لا معنى لنية الانفراد الا ذلك فلا يترتب على تحقيق ما هو الحق من القولين بعد الالتزام بوجوب مفارقة الامام واتيان كل منهم بنفسه ببقية صلاته فائدة يعتد بها وانما المهم بيان وجوب أصل المفارقة وان المفارقة الواجبة عليهم يجب كونها مقرونة بنية الانفراد فكاد يكون مستدركا كما أوضحناه في محله وكيف كان فعند قيامهم للثانية ينفردون ويتمون صلاتهم فرادى وجوبا رعاية لحق الآخرين كما يدل عليه الاخبار الآتية ثم يستقبلون العدو وتأتي الفرقة الأخرى فيحرمون ويدخلون معه في ثانيته وهى أولاهم فإذا
(٧١٣)