واما ما يقال من الفرق بين التعبيرين بملاحظة الخنثى وان لم نقل بكونه طبيعة ثالثة فان مقتضى جعل الذكورة شرطا الرجوع إلى البراءة لدى الشك في تحققها كما في الفرض وهذا بخلاف ما لو جعلنا المرأة مستثناة ممن وجبت الجمعة عليه فإنه يجب الاقتصار في رفع اليد عن الحكم الثابت بالعموم على الافراد التي علم اندراجها تحت عنوان المخصص اي المعلوم الأنوثية فالخنثى حيث لم يعلم كونه أنثى يرجع في حكمه إلى اصالة العموم فليس بشئ لما تقرر في محله من عدم جواز التمسك بالعمومات في الشبهات المصداقية وقد سبق توضيحه في أوايل كتاب الطهارة فراجع فالمرجع هي الأصول العملية سواء جعلنا الذكورة عنوانا لما تعلق به التكليف أو عممنا الموضوع وجعلنا المرأة مستثناة منه وقضية الأصل فيه الاحتياط بالجمع بين الجمعة والظهر لو قيل بعدم صحة الجمعة من المرأة كما يستظهر من عبارة المصنف الآتية أو اختيار فعل الجمعة بنا على ما ستسمعه من أن المرأة لو تكلفت الحضور وصلت الجمعة صحت صلاتها واجزأتها عن الظهر أو تأخير الصلاة إلى أن تفوته الجمعة ويتعين تكليفه بالظهر وهذا وان كان مخالفا للاحتياط الا انه لا يجب عليه هذا الاحتياط فان مقتضى الأصل براءة الذمة عن التكليف بالحضور وعدم وجوبه عليه فليتأمل ويمكن الالتزام بعدم وجوب الاحتياط عليه وجواز الاتيان بصلاة الظهر في أول وقتها لدى التمكن من أداء الجمعة بدعوى ان الظهر بمنزلة الأصل الذي يرجع إليه عند عدم تنجز التكليف بالجمعة بالتقريب الذي تقدم تحقيقه في مسألة اشتراط الاذن فأصالة البراءة عن الجمعة (ح) سليمة عن المعارض ويتفرق عليها وجوب الظهر فراجع وكذا مقتضى جعل الحرية شرطا كما في المتن وغيره عدم وجوبه على المبعض فإنه لا يطلق عليه اسم الحر على الاطلاق مع أن الموجود في النص انما هو استثناء العبد الذي قد يقال بعدم صدقة عليه أيضا على الاطلاق فينصرف عنه اطلاق النص وحكى عن الشيخ القول بوجوبه على المبعض إذا هاياه مولاه فاتفقت الجمعة في يومه وهو لا يخلو من وجه فليتأمل والمراد بالحضر على اما صرح به في المدارك وغيره ما قابل السفر الشرعي فيدخل فيه المقيم وكثير السفر والعاصي بسفره وناوي إقامة العشرة والمتردد ثلاثين يوما بل ربما يظهر من بعض عدم الخلاف فيه فان تم الاجماع فهو والا فبالنسبة إلى العاصي بسفره لا يخلو من نظر إذا المتبادر من المسافر في الروايات الدالة عليه سقوط الجمعة عنه من يطلق عليه في العرف اسم المسافر وكون سفره في طاعة الله أو في معصيته لا مدخلية له في صدق هذا الاسم وعدم ترخيص الشارع له في التقصير في صلاته تخصيص في حكم المسافر لا تصرف في موضوعه واما كثرة السفر وكذا نية الإقامة بل نفسها أيضا وان لم تخرجه عرفا عن مصداق هذا الاسم ولكن يظهر بالتدبر في الأدلة الواردة في كثير السفر وناوي الإقامة ونحوه انه منزل شرعا منزلة الحاضر فهي حاكمة على اطلاقات الأدلة المثبتة الاحكام شرعية للمسافر كما أن الامر كذلك بالنسبة إلى السفر إلى ما دون المسافة لو قلنا بأنه في العرف يطلق على الأعم فان تجديد الشارع له بالمسافة كاشف عما اراده الشارع من اطلاق اسمه في الموارد التي أثبت له حكما شرعيا وهذا بخلاف ما ورد في العاصي بسفره فإنه بظاهره تخصيص لا حكومة كمالا يخفي على المتأمل ودعوى الملازمة بين وجوب الجمعة والاتمام لقيام الخطبتين يوم الجمعة مقام الأخيرتين تتعين في حق كل من وجب عليه التمام عارية عن الدليل وبما أشرنا إليه من أن المدار في السقوط على كونه مسافرا لا كونه مكلفا بالقصر ظهر ضعف ما عن التذكرة من وجوب الجمعة في المواضع الأربعة ولعله أراد وجوبها على تقدير اختيار التمام والا فلا مقتضى لتعينها بعد ان كان مخيرا في التقصير كمالا يخفى والشرط السابع ان لا يكون بينه وبين الجمعة أزيد من فرسخين وقد اختلفت كلمات الأصحاب في تحديد البعد الموجب لسقوط الجمعة فالمشهور على ما نسب إليهم ان حده ان لا يكون أزيد من فرسخين وعن الصدوق وفي المقنع القول بان الله تعالى وضعها عن تسعة إلى أن قال ومن كان على رأس فرسخين ورواه في من لا يحضره الفقيه وذكره في كتاب الأمالي في وصف دين الإمامية وهو قول ابن حمزة أيضا على ما حكى عنه وحكى عن ابن أبي عقيل أنه قال ومن كان خارجا من مصرا وقرية إذا غدا من أهله بعدما يصلي الغداة فيدرك الجمعة مع الامام فاتيان الجمعة عليه فرض وان لم يدركها إذا غدا إليها بعد صلاة الغداة فلا جمعة عليه وعن ابن الجنيد أنه قال ووجوب السعي إليها على من يسمع الغداء بها أو كان يصل إلى منزله إذا راح منها قبل خروج نهار يومه والأصل في المسألة اخبار مستفيضة منها ما عن الشيخ بسنده عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال تجب الجمعة على من كان منها على فرسخين وعن الكليني بسنده عن محمد بن مسلم (عن أبي جعفر نحوه الا أنه قال على كل من كان الحديث وعنه أيضا بسنده عن محمد بن مسلم) قال سألت أبا عبد الله عن الجمعة فقال تجب على كل من كان منها على رأس فرسخين فان زاد على ذلك فليس عليه شئ وخبر الفضل بن شاذان المروي عن العلل والعيون عن الرضا عليه السلام قال انما وجبت الجمعة على من يكون على فرسخين لا أكثر من ذلك لأن ما يقصر فيه الصلاة بريدان ذاهبا أو بريد ذاهبا وبريد جائيا والبريد اربع فراسخ فوجبت الجمعة على من هو على نصف البريد الذي يجب فيه التقصير وذلك أنه يجئ فرسخين ويذهب فرسخين فذلك أربعة فراسخ وهو نصف طريق المسافر وهذه الروايات هي مستندة القول المنسوب إلى المشهور حيث إن ظاهرها وجوبها على من كان على رأس فرسخين وسقوطهما عمن كان على أزيد من الفرسخين وفي صحيحة زرارة المتقدمة ووضعها عن تسعة إلى أن قال ومن كان على رأس فرسخين وفي خطبة الأمير المتقدمة الجمعة واجبة على كل مؤمن الا الصبي إلى أن قال ومن كان على رأس فرسخين وقد استدل بهذه الخبرين للقول المحكي عن الصدوق ولكني لم أر اختلافا في مفاد هذه الأخبار ولا أرى ثمرة عملية تترتب على تحقيق الحق من المذهبين اما انه لا اختلاف في مفادها فلأن رأس الفرسخ اسم حقيقة لمبدئة الذي هو عبارة عن طرفه الذي هو الحد المشترك بينه وبين ما زاد عليه فهو في حد ذاته مما لا مسافة له ولكن كثيرا ما يطلق رأس الفرسخ ويراد منه أوايله القريبة من الحد المشترك من طرفيه فإذا توارد حكمان مختلفان على الفرسخ وما زاد عليه بان وجب مثلا الحضور إلى الجمعة على من كان على الفرسخ من أوله إلى اخره وعدم الحضور على الخارج من الفرسخ فمهما اطلق رأس الفرسخ وعلق على من كان عليه أحد الحكمين
(٤٥٢)