منفردا لأجل الاستعجال أو لتدارك فضل أول الوقت كما لا يخفى على المتأمل وفي الحدائق بعد ان استظهر من الأخبار المتقدمة أحقية الامام مطلقا المقتضية لاستحباب الانتظار أجاب عن معارضة الخبرين بما لفظه ان الخبرين المذكورين غير خاليين من الاشكال وان لم يتنبه له أحد من علمائنا الابدال وذلك فان الظاهر من الاخبار وكلام الأصحاب ان الأذان والإقامة في الجماعة من وظائف صلاة الامام ومتعلقاتها ولا تعلق لصلاة المأمومين بشئ منهما غاية الأمر انه قد يقوم بهما الامام كلا أو بعضا وقد يقوم بهما بعض المأمومين كلا أو بعضا وحينئذ فإن لم يكن الامام حاضرا فلمن يؤذن هذا المؤذن ويقيم المقيم واشكل من ذلك في رواية معاوية بن شريح بعد ذكر ما تقدم قلت فإن كان الامام هو المؤذن قال وان كان فلا ينتظرونه ويقدموا بعضهم وكيف يستقيم هذا وهو الذي قد اذن واقام وعند قوله قد قامت الصلاة قام الناس على أرجلهم فأين ذهب بعد ذلك حتى ينتظرونه أو لا ينتظرونه وبالجملة فجميع ما ذكرنا من وجوه هذه الاشكالات ظاهر لا ريب فيه والاعتماد على هذين الخبرين بعد ما عرفت من ثبوت أحقية الامام الراتب بالاخبار المتقدمة مضافا إلى اتفاق الأصحاب مشكل غاية الاشكال انتهى. أقول دعوى اتفاق الأصحاب على استحباب الانتظار في الفرض مع عدم تعرض أكثرهم له بخصوصه غير مسموعة مع أنه حكى عن ظاهر المنتهى العمل بظاهر الخبرين والحكم بعدم الانتظار وطرح الخبرين بتوهم التنافي بينهما وبين الاخبار المزبورة مع كونهما أخص مطلقا مما لا وجه له وما ذكره من الاشكالين مما لا ينبغي الالتفات اليهما اما ما ذكره أولا من عدم تعلق الأذان والإقامة بصلاة المأمومين واختصاصهما بالامام ففيه انهما بحسب الظاهر يتعلقان بالصلاة التي يؤتى بها جماعة ولذا صرحوا في باب الأذان والإقامة بأنه لو اذن واقام بنية الانفراد فبدا له ان يصلي جماعة يعيدها إذ الظاهر جواز الاتيان بهما بقصد الجماعة قبل ان يعينون امامهم كما أن الظاهر جواز الاتيان بهما قبل حضور الامام وإذا أذنوا وأقاموا والامام حاضر أو غائب ثم بدا لهم ان يقدموا غيره لم يبطل اذانهم فلا يتوجه على الروايتين اشكال من هذه الجهة واما الاشكال الأخير فهو ايراد على السائل حيث فرض الحاجة إلى الانتظار في هذا الفرض النادر التحقق مع امكان ان يكون مراده بكون المؤذن هو الامام كون وظيفته الاذان بمقتضى عادته لا في خصوص هذه الصلاة فليتأمل والهاشمي أولى من غيره بالتقدم إذا كان بشرائط الإمامة اكراما لأجداده الكرام والا فلا دليل يعتد به عليه عدى انه نسبه غير واحد إلى المشهور ولعله كاف في اثبات مثله من باب المسامحة ولكن ينبغي الاقتصار في الترجيح بهذا وشبهه على ما إذا لم يوجد بينهم من هو أولى منه بمقتضى اطلاقات الأدلة المعتبرة الواردة في الترجيح ككونه اقرأ أو أفقه أو غير ذلك مما ستعرفه وإذا تشاح الأئمة في الإمامة بان أراد كل منهم التقدم فالأولى ترك الايتمام بجميعهم إذ قلما يبقى معه الوثوق بخلوص امامتهم عن قصد الرياسة وكيف كان فإن لم يكن ذلك بظاهره على وجه ينافي العدالة فمن قدمه المأمومون فهو أولى وان كان مفضولا كما يقتضيه اطلاق المتن وغيره بل عن بعضهم التصريح به لما فيه من اجتماع القلوب وحصول الاقبال المطلوب في العبادة وربما يشهد له خبر الحسين بن زيد عن الصادق عليه السلام عن ابائه في حديث المناهي قال ونهى عن أن يؤم الرجل قوما الا باذنهم وقال من أم قوما باذنهم وهم به راضون فاقتصد بهم في حضوره وأحسن صلاتهم بقيامه وقرائته وركوعه وسجوده فله مثل اجر القوم ولا ينقص عن أجورهم شئ ويؤيده أيضا خبر زكريا صاحب السابري عن أبي عبد الله عليه السلام قال ثلاثة في الجنة على المسك الأذفر مؤذن احتسابا وامام أم قوما وهم به راضون ومملوك يطيع الله ويطيع مواليه والمروي عن مستطرفات السرائر نقلا عن كتاب أبي عبد الله السياري قال قلت لأبي جعفر الثاني ان قوما من مواليك يجتمعون فتحضر الصلاة فيؤذن بعضهم ويتقدم أحدهم فيصلي بهم فقال إن كانت قلوبهم كلها واحدة فلا بأس قال ومن لهم بمعرفة ذلك قال فدعوا الإمامة لأهلها بناء على أن يكون المراد باتحاد قلوبهم رضاء جميعهم بإمامته كما فهمه في الوسائل وغيره ويؤيده أيضا الاخبار الآتية الدالة على كراهة امامة من يكرهه المأمومون ولكن قد يقال بان تقديم المأمومين ورضاء الامام انما يكون مرجحا فيما إذا كان ذلك لامر ديني ككونه أوثق لديهم أو أشد مواظبة لحفظ أوقات الصلاة ونحوها والا فلا عبرة باختيار السواد الناشي من أغراضهم الدنيوية الفاسدة وهو لا يخلو من نظر إذ المفروض أهلية الجميع في حد ذاتهم للإمامة فلا مانع حينئذ من أن يكون رضاء المأمومين بامامة أحدهم أو كراهتهم للاخر من اي سبب يكون ملحوظا لدى الشارع في مقام الترجيح كما يؤيده اطلاق المستفيضة الآتية الدالة على كراهة من يكرهه المأمومون فان اختلفوا اي المأمومون قدم الأقرء فالأفقه فالأقدم هجرة فالأسن فالأصبح ويشهد لذلك كله على الترتيب المزبور ما عن الفقه الرضوي قال إن أولى الناس بالتقدم في الجماعة أقرأهم للقران فان كانوا في القراءة سواء فأفقههم وان كانوا في الفقه سواء فأقربهم هجرة وان كانوا في الهجرة سواء فأسنهم فان كانوا في السن سواء فأصبحهم وجها وصاحب المسجد أولى بمسجده انتهى ولكن قد يظهر من بعض الأخبار خلاف هذا الترتيب كخبر أبي عبيدة المروي عن الكافي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القوم من أصحابنا يجتمعون فتحضر الصلاة فيقول بعضهم لبعض تقدم يا فلان فقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله يتقدم القوم أقرأهم للقران فان كانوا في القراءة سواء فأقدمهم هجرة فان كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا فان كانوا في السن سواء فليؤمهم اعلمهم بالسنة وأفقههم في الدين ولا يتقدمن أحدكم الرجل في منزله ولا صاحب سلطان في سلطانه وعن الصدوق في العلل باسناده عن الحسن بن محبوب مثله ثم قال وفي حديث اخر فان كانوا في السن سواء فأصبحهم وجها وعن دعائم الاسلام عن جعفر بن محمد قال يؤم القوم أقدمهم هجرة فان استووا فاقرأهم فان استووا فأفقههم فان استووا فأكبرهم سنا وحكى عن جملة من المتأخرين كالعلامة وجماعة ممن تأخر عنه القول بتقديم الأفقه على الأقرأ مستدلا عليه بالعقل والنقل من الكتاب والسنة اما الدليل العقلي فهو قبح تقديم المفضول على الفاضل كما هو مفروغ عنه بين الامامية واما النقل فمن الكتاب قوله تعالى هل يستوي
(٦٨٢)