السجدتين ولا يخفى ما فيها من البعد * (المسألة الرابعة) * من شك بين الاثنتين بعد احرازهما على حسب ما تقدم والثلاث والأربع بنى على الأربع وتشهد وسلم ثم اتى بركعتين من قيام وركعتين من جلوس على المشهور بل عن الانتصار والغنية الاجماع عليه وقد حكى الخلاف في هذه المسألة في موضعين أحدهما في وجوب البناء على الأكثر فقد حكى عن ابن الجنيد انه جوز البناء على الأقل ما لم يخرج الوقت ولم نقف له على دليل في خصوص المقام ولعل مستنده الجمع بين أدلة البناء على الأكثر واخبار البناء على الأقل فلا يختص كلامه بخصوص المقام بل يلتزم به في جميع المسائل الأربع كما ربما يظهر ذلك من بعض المتأخرين وقد ظهر ضعفه فيما مر ثانيهما في كيفية الاحتياط فالمشهور فيه ما عرفت من أنه يأتي بركعتين من قيام وركعتين من جلوس ويدل على ذلك مرسلة ابن أبي عمير عن الصادق عليه السلام في رجل صلى فلم يدر اثنتين صلى أم ثلاثا أم أربعا قال يقوم فيصلي ركعتين من قيام ثم يسلم ثم يصلي ركعتين من جلوس ويسلم فان كانت أربع ركعات كانت الركعتان نافلة والا تمت الأربع وعن الصدوقين وأبي على القول بأنه يصلي ركعة من قيام وركعتين من جلوس وعن الذكرى انه قوى من حيث الاعتبار لأنهما تنضمان حيث تكون الصلاة اثنتين ويجتزي بأحدهما حيث تكون ثلاثا الا ان النقل والاشتهار يدفعه وربما استدل له بصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل لا يدري اثنتين صلى أم ثلاثا أم أربعا فقال يصلي ركعة من قيام ثم يسلم ثم يصلي ركعتين وهو جالس وعن الفقه الرضوي قال وان شككت فلم تدر اثنتين صليت أم ثلاثا أم أربعا فصل ركعة من قيام وركعتين من جلوس وفيه ان الرضوي لم تثبت حجيته واما الصحيحة وان كانت صريحة في المدعى ولكنها لم تثبت بهذا المتن فان نقل عن بعض نسخ التهذيب ان فيها بدل الركعة ركعتين من قيام فهي حينئذ موافقة لفتوى المشهور وربما يؤيد صحة هذه النسخة ان الصدوق على ما روى عنه في الوسائل روى هذه الرواية باسناده عن عبد الرحمن بن الحجاج وروى أيضا باسناده عن سهل بن اليسع عن الرضا عليه السلام في ذلك أنه قال يبنى على يقينه ويسجد سجدتي السهو بعد التسليم ويتشهد تشهدا خفيفا وقال وقد روى أنه يصلي ركعة من قيام وركعتين وهو جالس ثم قال ليست هذه الأخبار بمختلفة وصاحب السهو بالخيار باي خبر منها اخذ فهو مصيب انتهى فان ظاهره ان ما رواه مرسلا يغاير مضمونه مع كل من الخبرين الذين رواهما مسندا فيكشف ذلك عن صحة النسخة التي فيها لفظ الركعتين وربما نقل اختلاف النسخ في سندها أيضا فعن بعضها انه رواها عن أبي إبراهيم عليه السلام بدون ذكر أبي عبد الله وكيف كان فلا يصح الاعتماد على هذه الرواية في اثبات القول المزبور بعد ان اختلف نقلها والأولى الاستدلال له بعموم القاعدة المستفادة من قوله عليه السلام في موثقة عمار الا أعلمك شيئا إذا فعلته ثم ذكرت انك أتممت ونقصت لم يكن عليك شئ فقال بلى قال إذا سهوت فابن على الأكثر فإذا فرغت وسلمت فقم فصل ما ظننت انك نقصت فان كنت قد أتممت لم يكن عليك في هذه شئ وان ذكرت انك كنت نقصت كان ما صليت تمام ما نقصت وكذا غيرها من الروايات الدالة بظاهرها على أن صلاة الاحتياط على تقدير نقص الصلاة تقع تتمة لها حقيقة فان مقتضاها انه بعد الاتيان بركعة من صلاة الاحتياط قائما انحصار شكه في الثلاث والأربع لأنه يعلم بان صلاته لو كانت تامة لم يكن عليه في هذه شئ لكون التسليم حائلا ولو كانت ناقصة وقعت هذه تتمة لها فلو كان نقصها ركعة فقد تمت بهذه الركعة ولو كان ركعتين فعليه الاتيان بركعة أخرى فهو حينئذ على يقين من الثلاث ؟ الأربع لأنه يعلم بان صلاته لو كانت تامة لم يكن عليه في هذه شئ تكون التسليم حائلا ولو كانت ناقصة وقعت هذه تتمة لها فلو كان نقصها ركعة فقد تمت بهذه الركعة ولو كان ركعتين فعليه الاتيان بركعة أخرى فهو حينئذ على يقين من الثلاث وشاك في الرابعة فعليه يعمل بموجبه من البناء على الأكثر والاتيان بركعتين من جلوس أو ركعة قائما ولكن ظاهر المحكى عن القائلين بهذا القول تعين الركعتين من جلوس فهو لا يناسب التوجيه المزبور اللهم الا ان يلتزموا به في مطلق الشك بين الثلاث والأربع ودعوى ان الأدلة الواردة في الشك بين الثلاث والأربع منصرفة عما صار كذلك بعد الاتيان بركعة من صلاة الاحتياط إذا المتبادر منها الشك المتعلق بالركعات الأصلية الماتى بها قبل الاحتياط مدفوعة بان ركعة الاحتياط بعد ان بين الشارع صيرورتها جزء من الصلاة على تقدير الحاجة إليها تصير جزء من صلاته الأصلية فالشك المتعلق بالصلاة حينئذ شك في ركعاتها الأصلية وانصراف النصوص عنه بدوي يرتفع بعد الالتفات إلى كونها من قبيل القضايا الطبيعية وان مناط هذا الحكم هو انه مهما احتمل نقص الصلاة أوجب الشارع تدارك النقص بتخلل التسليم صونا عن أن يتطرق إليها الزيادة والتكبير صونا عن لغوية عمله على تقدير الاستغناء وكيف كان فالاستدلال المزبور وان لا يخلو من وجه ولكن المرسلة المتقدمة يدفعه إذ لا عبرة بالقواعد العامة في مقابل النص الخاص فما ذهب إليه المشهور من الاتيان بركعتين من قيام وركعتين من جلوس أقوى وهل يجوز ان يصلي ركعة من قيام بدل الركعتين من جلوس فيه أقوال أحد بما تعين الجلوس ولعله المشهور بل عن الذكرى نسبته إلى الأصحاب ثانيهما تعين الركعة قائما كما عن ظاهر المفيد في الغرية والديلمي في المراسم وأبي العباس في الموجز وثالثها التخيير كما عن العلامة والشهيدين اختياره للجمع بين أوامر الجلوس في الأخبار الواردة في خصوص المسألة وظاهر قوله عليه السلام أتمم ما ظننت انك نقصت ولأن هذا الشك مركب من البسائط فلا يزيد على ما وجب لكل واحد لو كان مستقلا وهو لا يخلو من من وجه ولكن الأحوط ان لم يكن أوجه تعين الجلوس جمودا على ظواهر النصوص الخاصة الواردة فيه واما القول بتعين القيام ويتحقق فلعل منشأه في لالتفات إلى الأخبار الخاصة والعامة الواردة في مطلق الشك بين الثلاث والأربع والاخذ بظاهر الأخبار العامة الامرة باتمام ما ظن نقصه وفيه ما لا يخفى وهل يجب تقديم الركعتين من قيام فيه أقوال أحدها ذلك كما نسب إلى الشيخ المفيد في المقنعة والسيد في أحد قوليه ثانيهما التخيير كما نقل عن ظاهر السيد في الانتصار ثالثها تحتم تقديم الركعتين جالسا كما نسب القول به إلى بعض الأصحاب والرابع تحتم
(٥٦٧)