مع عدم انفكاك بدنهما عن النجاسة غالبا وكذا قضية العلة المنصوصة في موثقة يونس وخبر الفضل بن شاذان عدم اعتبار الطهارة من الخبيث أيضا مع قصوره دل على اعتبار مثل هذه الشرائط في الصلاة عن شمول هذه الصلاة لانصراف اطلاق اسمها عنها على تقدير تسليم صدقها عليها حقيقة من باب الاشتراك اللفظي أو المعنوي كما يؤيد هذه الدعوى التعليلات الواردة في الأخبار المزبورة وكذلك الكلام في سائر ما دلت الأدلة المطلقة على اعتبارها وجودا أو عدما كالستر ونحوه فان المتجه صرف أدلتها إلى ما فيه الركوع والسجود بمقتضى التعليل الوارد في الروايات المزبورة لو لم نقل بانصرافها في حد ذاتها إليه فالأوجه عدم اشتراطها بشئ من الشرائط المعتبرة في الصلاة عدى منا دل الدليل عليه بخصوصه كالاستقبال والقيام ونحوه كما جزم بذلك العلامة الطباطبائي في منظومته حيث قال وليس من شروطها رفع الحدث قطعا كذا الأصح في رفع الخبث وهكذا عدالة الامام وسائر الشروط والاحكام لذات أركان وفي الذكرى طرد جميعها وهو ضعيف المستند ولا أرى شرطا سوى الايمان وما مضى والحل في المكان مشيرا بما مضى إلى الاستقبال وكون رأس الميت إلى يمين المصلي ونحوهما وبطلانها مع الغضب في المكان باعتبار ان من افعالها القيام وهو في المكان المغصوب محرم فيمتنع وقوعه جزء عبادة كما تقرر في محله ولا يقاس عليه اللباس المغصوب كما لا يخفى على من تدبر فيما أسلفناه في محله واما مستند القول بالاطراد الذي ضعفه هو الاخذ بعمومات أدلة الشرائط لمطلق الصلاة الصادقة عليها وقد عرفت وجه ضعفه ولكن مع ذلك كله لا ينبغي ترك الاحتياط بمراعاة سائر الشرائط عدى ما دل الدليل على نفي اعتباره بالخصوص كالطهارة من الحدث والله العالم واما عدالة الامام وكذا سائر الشرائط المعتبرة في الجماعة من حيث هي كعدم علو موضع الامام ونحوه فقد يقال بثبوتها نظرا إلى عموم أدلة بعضها وما ليس لدليله من حيث هو عموم يمكن استفادة اطراده بالنسبة إلى كل جماعة مشروعة بتنقيح المناط فليتأمل ولا يجوز التباعد للمصلي اماما كان أو منفردا أو مأموما بغير الصفوف عن الجنازة كثيرا بحيث يخرج عرفا عن صدق الوقوف عنده أو في وسطه أو عند صدره أو غير ذلك من الألفاظ الواردة في بيان موقف المصلي التي يستفاد من مجموعها اعتبار في لتباعد عنه أو عن الجماعة التي هو من جملتهم إذا كان مأموما بمقدار يعتد به مخل بالهيئة المعهودة لدى المتشرعة في كيفية الصلاة على موتاهم بحيث لا يراه العرف مصليا عليه صلاة الأموات بحيث يصح ان يقول في العرف مشيرا إليه بقوله اللهم ان هذا المسجى بين يدي كذا وكذا ولا يجوز ان يصلي على الميت الا بعد تغسيله وتكفينه في المدارك قال هذا قول العلماء كافة لأن النبي صلى الله عليه وآله هكذا فعل وكذا الصحابة والتابعون فيكون الاتيان بخلافه تشريعا محرما انتهى ونوقش في هذا الدليل باجمال وجه الفعل فلا يصلح مقيدا لاطلاق الأدلة الامرة بالصلاة على الميت وهو حاكم على اصالة توقيفية العبادة وعدم مشروعيتها الا على النهج المعهود المتلقى من صاحب الشريعة مضافا إلى ما تقرر في محله من أن المرجع لدى الشك في الشرطية والجزئية قاعدة البراءة لا الاشتغال ويمكن الجواب عنه بورود الاطلاقات مورد حكم اخر فليس لها اطلاق من هذه الجهة كما لا يخفى واما الرجوع إلى قاعدة البراءة لدى الشك في الشرطية فإنما هو فيما إذا ثبت أصل الفعل وشك في اشتراطه بشئ كالستر والطهارة لا في مثل ما نحن فيه الذي تعلق الشك فيه أولا وبالذات بأن الصلاة على الميت هل هي مشروعة قبل الغسل أو التكفين أم يختص مشروعيتها بما بعدهما فليتأمل هذا مع أن الرجوع إلى الأصل أو الاطلاق في مخالفة الكيفية المعهودة في الشريعة المتلقاة من صاحب الشرع في مثل هذه العبادة التوقيفية المنقول عليها الاجماع معتضدا بالشهرة المحققة وعدم نقل الخلاف فيه بل عن بعض التصريح بنفي الخلاف فيه لعله في غير محله مضافا إلى ظهور غير واحد من الأخبار في كون التغسيل والتكفين والصلاة والدفن أفعالا مترتبة مثل ما رواه الصدوق باسناده عن علي بن جعفر انه سئل أخاه موسى بن جعفر عليه السلام عن الرجل يأكله السبع أو الطير فتبقى عظامه بغير لحم كيف يضع به قال يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن وخبر القلانسي عن أبي جعفر عليه السلام قال سئلته عن رجل يأكله السبع أو الطير فتبقى عظامه بغير لحم كيف يصنع به قال يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن وربما يؤيده أيضا الخبر ان الاتيان ثم لا يخفى عليك ان المراد بوجوب تأخير الصلاة عن الغسل والتكفين هو الوجوب الشرطي فلو أخل بالترتيب المزبور عمدا بل وكذا سهوا أو نسيانا لم تصح صلاته لأنه فعل امرا غير مشروع ولكن هذا اي اشتراط وقوع الصلاة بعد الغسل والتكفين انما هو فيما إذا وجب التغسيل والتكفين واما إذا سقط التكليف بهما أو بأحدهما لم يسقط الصلاة عليه لأنها تكاليف مستقلة عدى ان بعضها قبل بعض فلا يسقط شئ منها بسقوط الاخر لقاعدة الميسور غيرها مضافا إلى عموم أدلتها كقوله صلى الله عليه وآله لا تدعو أحدا من أمتي بلا صلاة ولا فرق بين سقوط الغسل والتكفين أو أحدهما بأصل الشرع كما في الشهيد أو المحدود المأمور بتقديم الغسل على القتل أو بواسطة التعذر كما في المصلوب الذي يتعذر انزاله من الخشبة فإن لم يكن له كفن جعل في القبر وسترت عورته وصلى عليه بعد ذلك ويدل عليه موثقة عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما تقول في قوم كانوا في سفر لهم يمشون على ساحل البحر فإذا هم برجل ميت عريان قد لفظه البحر وهم عراة ليس لهم الا ازار كيف يصلون عليه وهو عريان وليس معهم فضل ثوب يكفنونه به فقال يحفر له حفيرة فيستر عورته باللبن وبالحجر ثم يصلي عليه ثم يدفن قلت فلا يصلي (عليه إذا دفن فقال لا يصلي) على الميت بعد ما يدفن ولا يصلي عليه وهو عريان حتى تواري عورته ورواية محمد بن مسلم عن رجل قال قلت لأبي الحسن عليه السلام قوم كسر بهم المركب في بحر فخرجوا يمشون على الشط فإذا هم برجل ميت عريان والقوم ليس عليهم الا مناديل متزرين بها وليس لهم فضل ثوب يوارون الرجل فكيف يصلون عليه وهو عريان فقال إذا لم يقدروا على ثوب يوارون به عورته فليحفروا قبره ويضعوه في لحده يوارون عورته بلبن أو أحجار أو تراب ثم يصلون عليه ثم يوارونه في قبره قلت ولا يصلون عليه وهو مدفون بعد ما يدفن قال لا لو جاز ذلك لاحد لجاز لرسول الله صلى الله عليه وآله فلا يصلي على
(٥٠٥)