طلحة بن زيد عن جعفر بن أبيه ع عن علي ع انه كان يكسر المحاريب إذا رآها في المساجد ويقول كأنها مذابح اليهود وفيه ما لا يخفى فان التعبير بالكسر لا يناسب إرادة المحاريب الداخلة في الحائط بل وكذا التشبيه بمذابح اليهود فانا وان لم نعهد مذابحهم لكن من المستبعد كونها بشكل المحاريب الداخلة في الحائط ويحتمل ان يكون مرادهم بالمحاريب الداخلة في الحائط الداخلة في حائط غير حائط المسجد أي المقاصير وأشباهها مما له جدران مستقلة في المسجد كما فهمه كاشف اللثام حيث فسر المحاريب الداخلة في الحائط الواقعة في عبارة القواعد بما لفظة الداخلة في داخل الحائط وهى كما أحدثها العامة في المسجد الحرام واحدا للحنفية واخر للمالكية وثالثا للحنابلة للاخبار والامر يكسرها انتهى فكأنه فهم من الخبر المزبور وأيضا إرادة ذلك كما أومى إليه في ذيل عبارته المزبورة وكيف كان فالظاهر كراهة المقاصير وهذا النوع من المحاريب بل مطلق المحاريب الداخلة في الحائط دخولا يمنع من على جانبيها مشاهدة الامام اما المقاصير فيدل على كراهتها التوبيخ الوارد في صحيحة زرارة المتقدمة في احكام الجماعة من قوله عليه السلام وهذه المقاصير لم تكن في زمن أحد من الناس وانما أحدثها الجبارون الحديث واما المحاريب الداخلة في الحائط على النحو المزبور فكأنها هي القدر المتيقن مما يتناوله حكم الأصحاب بكراهتها فلا يبعد الالتزام بها من باب المسامحة مع امكان كونها مرادة بالخبر المزبور أيضا كما تقدمت الإشارة إليه والله العالم وان يجعل المسجد طريقا أي استطراقه مع بقاء هيئة المسجدية لا اخذه طريقا فان هذا حرام كما عرفت ومما يشهد بكراهة استطراقه قول النبي صلى الله عليه وآله في خبر المناهى لا تجعلوا المساجد طرقا حتى تصلوا فيها ركعتين وظاهرا ارتفاع الكراهة بصلاة ركعتين كما اعترف به في الجواهر ولكنه استشكل في الاعتماد عليه لعدم ثبوت اعتبار هذا الخبر وكون الكراهة قابلة للمسامحة في رافعه وهو لا يخلو من جودة فليتأمل ويستحب ان يجتنب البيع والشراء فيها والمجانين وانفاذ الاحكام وتعريف الضوال وإقامة الحدود وانشاد الشرع ورفع الصوت وعمل الصنائع لرواية علي بن أسباط عن بعض رجاله قال قال أبو عبد الله ع جنبوا مساجدكم البيع والشراء والمجانين والصبيان والاحكام والضالة والحدود ورفع الصوت وخبر عبد الحميد عن أبي إبراهيم قال قال رسول الله ص جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشرائكم وبيعكم وعن المجالس باسناده إلى أبي ذر عن رسول الله ص في وصيته له يا أبا ذر الكلمة الطيبة صدقة وكل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة يا أبا ذر من أجاب داعى الله وأحسن عمارة مساجد الله كان ثوابه من الله الجنة قلت كيف يعمر مساجد الله قال لا ترفع فيها الأصوات ولا يحاض فيها الباطل ولا يشترى فيها ولا يباع واترك اللغو ما دمت فيها فإن لم تفعل فلا تلومن يوم القيمة الا نفسك وعن الصدوق في الفقيه مرسلا قال ع جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم ورفع أصواتكم وشرائكم وبيعكم والضالة والحدود والاحكام و عن العلل باسناده عن محمد بن أحمد دفعه قال رفع الصوت في المساجد يكره وعن الفقيه مرسلا قال سمع النبي ص رجلا ينشد ضالة في المسجد فقال قولوا له لا إله إلا الله عليك فإنها لغير هذا بنيت وفى حديث المناهى عن الصادق ع قال نهى رسول الله ص ينشد الشعر أو تنشد الضالة في المسجد وخبر جعفر بن إبراهيم عن علي بن الحسين ع قال قال رسول الله ص من سمعتموه ينشد الشعر في المساجد فقولوا فض الله فاك انما نصبت المساجد للقرآن ولا يخفى عليك ان مرجع الحكم باستحباب الاجتناب عن الأشياء المزبورة إلى الحكم بكراهة ايجاد هذه الأفعال في المسجد ولذا عبر بعضهم كما في المتن وغيره باستحباب الاجتناب عنها واخرون بكراهتها وكذا ورد في بعض الأخبار المزبورة الامر ترك المستحب من حيث مكروه كي يتوجه عليه المنع بل لان المنساق من الامر بالاجتناب عن شئ ليس الا كراهة وجود ذلك ويشهد لكراهة عمل الصنائع مط صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما ع قال نهى رسول الله ص عن سل السيف وعن يرى النبل في المسجد وقال انما بنى لغير ذلك ومرفوعة محمد بن أحمد المروية عن العلل قال إن رسول الله ص مر برجل يبرى مشاقص له في المسجد فنهاه وقال إنها لغير هذا بنيت فان مقتضى التعليل الواقع في الخبرين بل وكذا مرسل الفقيه المتقدم المشتمل على هذا التعليل كراهة عمل الصنائع مط ثم إنه قد ورد في جملة من الاخبار الامر بتجنيب الصبيان ولم يذكره المصنف هنا و ذكره هو في المعتبر على ما حكى عنه كغيره من الأصحاب مطلقين للحكم فيهم كالنصوص ولكن قيده بعضهم بمن يخاف منهم التلويث دون غيرهم ممن يوثق بهم فإنه يستحب تمرينهم على اتيانها وفي الجواهر بعد نقل ذلك عنهم قال ولا بأس به الا انه ينبغي إضافة مخافة ما ينافي توقير المسجد من اللعب ونحوه أو أذية المصلين و نحو ذلك إلى التلويث انتهى وهو جيد فان المنساق من الامر بتجفيهم ليس الا ارادته في مثل هذه الموارد كما لا يخفى واستدل لكراهة انفاذ الاحكام الذي هو أحد الأشياء المزبورة مضافا إلى الامر بتجنب المساجد عنه في مرسلة علي بن أسباط المتقدمة بعموم العلة المذكورة في جملة من النصوص المزبورة من أنها بنيت لغيرها ولان الترافع يقضى إلى التشاجر ورفع الأصوات والخوض في الباطل وقد نهى عن جميع ذلك فيها بالخصوص وعن السرائر والمختلف وقضاء المبسوط والخلاف نفى كراهة انفاذ الاحكام فيها للأصل وضعف الخبر وعن الشيخ أنه قال ولان النبي ص لا خلاف انه كان يقضى في المسجد ولو كان مكروها ما فعله وكذلك كان أمير المؤمنين ع يقضى بالكوفة في الجامع ودكة القضاء معروفة إلى ومنا هذا وهو اجماع الصحابة انتهى أقول لا يصلح الفعل لمعارضة القول لامكان وقوعه على جهات مرجحة له مختفية علينا فليس لنا في مقام المعارضة الا اتباع ما أمرنا به وعدم مقايسة فعلنا بأفعالهم اللهم الا ان يناقش في الرواية الناهية بقصورها عن الحجية فيشكل ح الالتزام بكراهته من باب المسامحة فإنه ليس بأولى من الحكم باستحبابه من باب التأسي مع معارضتها بما في كشف اللثام عن بعض الكتب مرسلا انه بلغ أمير المؤمنين عليه السلام ان شريحا يقضى في بيته فقال يا شريح اجلس في المسجد فإنه عدل بين الناس ولأنه وهن بالقاضي ان يجلس في بيته ولكن مع ذلك كله الالتزام بكراهته اخذا بظاهر الخبر المزبور الممكن دعوى انجبار ضعفه بالعمل لعله هو الأشبه واما تعريف الضالة الذي وقع التعبير به في المتن وغيره فالمتبادر من اطلاقه إرادة ذكرها ليعرف صاحبها كما أن هذا المعنى بحسب الظاهر هو المراد بانشادها الذي عبر به كثير منهم ولكنهم صرحوا بكراهة نشدانها
(٧٠٧)