وابن إدريس نقل عن بعض الأصحاب انه ان صلى عليه وهو على خشبة استقبل بوجهه وجه المصلي ويكون هو اي المصلي مستدبر القبلة ثم حكم بان الأظهر انزاله بعد الثلاثة والصلاة عليه قلت هذا النقل لم اظفر به وانزاله قد يتعذر كما في قضية زيد انتهى ونوقش فيه بان المعارض لها ما دل على استقبال المصلي القبلة والراد لها وان لم يوجد لكن الأكثر لم يذكروا مضمونها كما اعترف به وفيه ما أشرنا إليه من حكومة هذه الرواية على ما دل على استقبال المصلي القبلة خصوصا بعد اعتضادها بصحيحة زرارة وغيرها من الروايات المعتبرة المصرحة بان ما بين المشرق والمغرب قبلة التي قد عرفت في مبحث القبلة توجيهها بما لا ينافي الاخذ بمضمونها في المقام واما عدم ذكر الأكثر مضمونها فلعدم تعرضهم لكيفية الصلاة على المصلوب مع أنه لا يظن بهم الالتزام بسقوط الصلاة عليه لدى تعذر انزاله فلعلهم في مثل الفرض لا يمنعون عن العمل بمضمون هذه الرواية كما يؤيد ذلك ان من تعرض لنقل هذه الرواية لم يتجرأ على طرحها رأسا وكيف كان فالعمل بمضمونها لدى تعذر انزال المصلوب ووضعه على الكيفية المعتبرة في وضع الجنازة حال الصلاة من جعل رأسها إلى يمين المصلي كما هو موردها على الظاهر كقضية زيد هو الأشبه ومع تعذر الاستقبال أو اشتباه القبلة فكاليومية كما يظهر وجهه بالتدبر فيما مر في اليومية وكذا يجب القيام بلا نقل خلاف فيه الا من الشافعي بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ويدل عليه مضافا إلى ذلك النصوص المتظافرة المشتملة على الامر بالقيام والوقوف فيها منها النصوص التي تسمعها في السنن في الوقوف عند الوسط والصدر وكذا في كيفية وقوف الامام في الصلاة على جنائز متعددة وندبية الخصوصيات التي اشتملتها تلك النصوص من كيفيات الوقوف لا ينافي دلالتها على وجوب أصل القيام فان من لاحظ تلك النصوص يرى دلالتها على كون اعتبار أصل القيام فيها في حد ذاته مفروغا عنه وقد أريد بهذه الأخبار بيان كيفيته الواجبة أو المسنونة وكيف كان فلا شبهة فيه بعد استفاضة نقل الاجماع المعتضدة بالسيرة المستمرة وغيرها مما عرفت نعم هو شرط مع الامكان امنا مع العجز فيجب الامكان كاليومية لقاعدة الميسور وغيرها مما سمعته في اليومية مما هو مشترك بينهما فلو وجد من يمكنه القيام ففي المدارك لم يسقط الفرض بصلاة العاجز لأصالة عدم سقوطه بغير الصلاة الكاملة مع احتمال السقوط لقيام العاجز بما هو فرضه وفي الجواهر بعد نقل هذه العبارة عن المدارك قال وكان مراده انه وجدا لتمكن بعد وقوع صلاة العاجز لا وجوده قبل صلاته فان مشروعية صلاة العاجز حينئذ فضلا عن الاسقاط لا تخلو من نظر بل منع ثم ذكر وجه النظر بما ملخصه ان الواجب الكفائي ما تعلق غرض الشارع بحصوله في الخارج من غير مدخلية لخصوص اشخاص المكلفين في مطلوبيته كإنقاذ الغريق مثلا فيجب عقلا على كل مكلف علم بتعلق غرض الشارع بحصول هذا الفعل في الخارج وعدم رضاه بتركه ايجاده على البدلية ولا يعذر أحد بمخالفته لدى ترك الجميع لجميع المكلفين بمنزلة مكلف واحد في قيام هذا الواجب به وعدم انتقاله إلى بدله الاضطراري الا بتعذر حصول الفرد الاختياري من الجميع فإذا علم تعلق غرض الشارع بان يصلي على هذا الميت عن قيام أو يدفن في البر مع الامكان ليس لمن يقدر على الخروج عن عهدة هذا الواجب ايكاله إلى من لم يقدر عليه ولا للعاجز المبادرة إلى البدل الاضطراري الذي هو وظيفته على تقدير انحصار المكلف فيه فكما لا يجوز لمن لا يقدر من دفن الميت في البر القاء الميت في البحر لدى وجود من يقدر على دفنه في البر فكذلك لا يشرع لمن لا يقدر الا من الصلاة مضطجعا أو جالسا ان يصلي مع وجود القادر على القيام وهو لا يخلو من جودة الفهم الا ان يمنع وفاء الأدلة بتعلق غرض الشارع بحصوله عن قيام ما دام ممكنا على الاطلاق كما في المثال فان من الجائز عدم تعلق الغرض الا بحصوله عن قيام على تقدير كون من يباشر فعل الصلاة متمكنا من الاتيان بهذا قائما اي عدم ارادته الا حصول طبيعة الصلاة من اي شخص يكون بحسب وسعه ولكن هذا الاحتمال ما لم يتحقق لا يجدي في جواز اجتزاء من ندر على القيام بفعل العاجز لأصالة بقاء التكليف وعدم سقوطه عنه بفعل العاجز واما لو وجد التمكن بعد وقوع الفعل فمقتضى الأصل سقوطه لقاعدة الاجزاء والله العالم ويجب أيضا جعل رأس الجنازة إلى يمين المصلي بلا نقل خلاف فيه بل عن ظاهر غير واحد أو صريحهم دعوى الاجماع عليه ويدل عليه أيضا مضافا إلى الاجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة والسيرة المستمرة موثقة عمار عن أبي عبد الله في حديث انه سئل عمن صلى عليه فلما سلم الامام فإذا الميت مقلوب رجلاه إلى موضع رأسه قال يسوي وتعاد الصلاة عليه وان كان قد حمل ما لم يدفن فان دفن فقد مضت الصلاة عليه ولا يصلى عليه وهو مدفون هذا على اجماله مما لا شبهة فيه ولكن الاشكال في أن المراد من جعل رأس الجنازة إلى يمين المصلي كونه عن يمينه فعلا كما يقتضيه استثناء المأمور في الروضة والمدارك وغيرهما فيشكل حينئذ الاستدلال له بالخبر المزبور بل وكذلك بالاجماعات لما ستسمع من التصريح بخلافه عن بعض أو المراد به وضعه إلى جهة اليمين اي المغرب والرجلين إلى المشرق كما يؤيد ذلك ما عن ظاهر الذكرى من أن المراد من ذلك بيان استقبال الميت قال ويجب الاستقبال بالميت بأن يوضع رأسه عن يمين المصلي ورجلا عن يساره ولكن قد يشكل على هذا التقدير أيضا في أن وضعه كذلك هل هو باعتبار مقايسته إلى المصلي من حيث هو فلو تعذر في حقه الاستقبال بحيث وجب عليه الصلاة مستدبرا وجب وضع الميت بين يديه بحيث يكون رأسه إلى يمينه كما هو المنساق من كلماتهم في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم أم بملاحظة جهة القبلة كما يستشعر من العبارة المتقدمة المحكية عن الذكرى وأوضح من ذلك دلالة عليه ما عن المهذب في بحث القبلة انه بعد ان ذكر وجوب استقبال الميت في أحواله الثلاثة الاحتضار والصلاة عليه والدفن من غير ذكر خلاف قال ويختلف استقباله باختلاف حالاته ففي الاحتضار يكون مستلقيا وظاهر رأسه مستدبرا وظاهر قدميه مستقبلا وفي حال الصلاة يكون مستلقيا أيضا ورأسه إلى المغرب ومقدم جنبه الأيمن مستقبلا وفي حال دفنه يكون مضطجعا رأسه إلى المغرب ووجهه وبطنه ومقاديم
(٥٠٣)