نعم لو كان جهله بما لا يرجع إلى الحكم كما لو ظن الكفر في شخص فدعا عليه وكان مؤمنا لم تبطل صلاته * (المسألة الرابعة) * يجوز للمصلي إن يقطع صلاته إذا خاف تلف مال وفوات غريم أو تردي طفل أو ما شابه ذلك من مواقع الضرورة العرفية دينية كانت أو دنيوية بل قد يجب القطع في مثل هذه الموارد إذا بلغ خوفه إلى مرتبة الظن وكان ما يخاف منه مما يجب حفظه كإنقاذ نفس محترمة من الغرق والحرق ونحوه لما ستعرف من أن كونه في الصلاة التي لم يتضيق وقتها لا يصلح مانعا عن تنجيز التكليف بشئ من الواجبات المضيقة المضادة لها فضلا عن مثل حفظ النفس المحترمة الذي هو من أهم الواجبات واما إذا لم يصل خوفه إلى هذا الحد أو كان ما يخاف منه مما لا يجب عليه شرعا التحرز من ضرره كفوات غريم ونحوه لم يجب القطع بل يجوز كما نبه عليه الشهيدان حيث قسما قطع الصلاة إلى الأقسام الخمسة فعن الذكرى انه بعد ان حكم بتحريم القطع الا في مواضع الضرورة قال وقد يجب القطع كما في حفظ الصبي والمال المحترم من التلف وانقاذ الغريق والمحترق وحيث يتعين عليه فلو استمر بطلت صلاته للنهي المفسد للعبادة وقد لا يجب بل يباح كقتل الحية التي لا يغلب على الظن أذاها واحراز المال الذي لا يضر فوته وقد يستحب كالقطع لاستدراك الأذان والإقامة وقراءة الجمعة والمنافقين في الظهور والجمعة والايتمام بإمام الأصل وغيره وقد يكره كإحراز المال اليسير الذي لا يبالي بقواته مع احتمال التحريم انتهى وفي المسالك قال في شرح العبارة المراد بالجواز هنا معنا الأعم ثم قال فان قطعها لحفظ الصبي المتردي إذا كان محترما واجب وكذا حفظ المال المضر فوته بحاله وقطعها الاحراز المال اليسير الذي لا يضر فوته مباح ولاحراز المال اليسير الذي لا يبالي بفواته كالحبة والحبتين من الحنطة مكروه إلى أن قال وقد يستحب قطعها لأمور تقدم بعضها كناسي الأذان والإقامة فقطع الصلاة منقسم إلى الأحكام الخمسة انتهى وفي الحدائق بعد ان نقل عن الشهيد في الذكرى العبارة المتقدمة اعترض عليه بان ما ذكره في صورة وجوب القطع من الحكم ببطلان الصلاة لو استمر في صلاته مبني على استلزام الامر بالشئ النهي عن ضده الخاص والظاهر منه في غير موضع من كتابه المذكور في لقول بذلك وبالجملة فالحكم بالبطلان ضعيف بل غايته حصول الاثم انتهى أقول الحق وجاهة هذا الاعتراض الا انه ربما التزم بالبطلان في هذه المسألة بعض من لا يقول به في مسألة الضد حقيقة أو تنزلا لزعمه انه مأمور بقطع الصلاة وابطالها وهو يناقض الامر بالمضي فليس هذا من مسألة الضد كي يمكن الالتزام بصحة ببعض الوجوه المقررة في محلها واما انه مأمور بقطع الصلاة فلقوله (ع) في صحيحة حريز الآتية فاقطع الصلاة وابتغ غلامك أو غريمك (الخ) وفيه ان الامر في تلك الصحيحة وارد في مقام توهم الخطر أريد به بيان الرخصة لا الوجوب كما ستعرف فالحق انه لا مقتضى لبطلان الصلاة من غير جهة المضادة وهي أيضا غير مقتضية له كما تقرر في محله و ناقش في الحدائق أيضا فيما ذكره الشهيد من صورتي الإباحة والكراهة بان الدليل قد دل على تحريم القطع ولا يجوز الخروج عنه الا بدليل ظاهر الدلالة على الجواز وما ذكره من التمثيل بالحية التي لا يغلب على الظن أذاها واحراز المال الذي لا يضر فوته لا دليل عليه انتهى وفيه ما ستعرف من أن عمدة دليل حرمة القطع الاجماع القاصر عن شمول مواقع الضرورة العرفية فيكفي (ح) لاثبات الجواز في جميع الموارد التي مثل بها الشهيد الأصل على اشكال فيما جعله من القسم المكروه اي ما كان الاحراز المال اليسير الذي لا يبالي بفوته خصوصا مع تمثيلهم بالحبة والحبتين من الحنطة كما في المسالك وغيره حيث لا يعد مثله ضرورة في العرف ولا مصداقا عرفيا للضرر المنفي في الشرع فهو ملحق عرفا بالقطع اختيارا بلا ضرورة مقتضية له الذي ستعرف عدم الخلاف في حرمته واشكل منه الحكم بكونه على سبيل الكراهية إذ لا دليل يعتد به عليها ويدل أيضا على الجواز لدى الخوف من الحية ونحوها بل وكذا لدى الخوف من ترتب ضرر دنيوي يعتد به وان لم يصل إلى مرتبة الظن مضافا إلى الأصل عمومات أدلة نفي لحرج الحاكمة على عمومات أدلة التكليف وخصوص ما رواه الصدوق في الصحي عن حريز بن عبد الله عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كنت في صلاة الفريضة فرأيت غلاما لك قد ابق أو غريما لك عليه مال أو حية تتخوفها على نفسك فاقطع الصولة وابتغ غلامك أو غريمك واقتل الحية ورواه في الكافي عن حريز عمن اخبره عن أبي عبد الله (ع) مثله وموثقة سماعة قال سألته عن الرجل يكون قائما في الصلاة الفريضة فينسى كيسه أو متاعا يتخوف ضياعه أو هلاكه قال يقطع صلاته ويحرز متاعه ثم يستقبل القبلة قلت فيكون في الصلاة الفريضة فتفلت عليه دابة أو تفلت دابته فيخاف ان تذهب أو يصيب منها عنتا فقال لا بأس بان يقطع صلاته ويتحرز ويعود إلى صلاته واطلاق الامر بقطع الصلاة في هذا الموارد جار مجرى الغالب من استلزامها الفعل الكثير أو الاستدبار ونحوه فلا يفهم منها جواز القطع مطلقا وان لم يستلزم فعلا كثيرا أو غيره من المنافيات مع امكان ان يكون المراد بقطع الصلاة رفع اليد عنها لأجل هذه الأمور ثم العود إليها على حسب ما يقتضيه تكليفه من استينافها على تقدير حصول المناف والبناء عليها على تقدير العدم وكيف كان فمفادهما جواز القطع في هذه الموارد لدى خوف الضرر وقد أشرنا إلى أن الخوف أعم من ظن الضرر الذي يوجب تنجز التكليف بالتحرز عنه مع أن الضرر المترتب على فرار الغريم ونحوه ليس مما يجب دفعه ولو مع القطع به فقطع الصلاة في مثل هذه الموارد لا يتصف الا بالجواز ولا يجوز قطع الصلاة الواجبة اختيارا اي بلا ضرورة شرعية أو عرفية مقتضية له بلا خلاف فيه على الظاهر كما اعترف بذلك غير واحد بل عن جملة منهم التصريح بالاجماع في جملة من المنافيات المتقدمة كالشهيد في الذكرى في الكلام والحدث والقهقهة بل المتدبر في كلماتهم يراه من الأمور المسلمة لديهم فهو على اجماله مما لا مجال للارتياب فيه كما يفصح عن ذلك مضافا إلى الاجماعات المستفيضة المعتضدة بالشهرة وعدم معروفية الخلاف مغروسيته في أذهان المتشرعة من الصدر الأول كما يستشعر ذلك من الأسئولة والأجوبة الواقعة في كثير من الأخبار التي وقع فيها التعرض لبيان حكم بعض الأفعال التي مست الحاجة إلى فعلها حال التشاغل بالصلاة فإنها مشعرة بكون في لجواز القطع لديهم مفروغا
(٤٢٧)