الاتيان بما تيسر من القراءة كلا أو بعضها وكذا أذكار الركوع والسجود وغيرها لقاعدة الميسور منظور فيه مع أن اطلاق النصوص ينفيه وفرض عدم تمكن أصحاب صفين الذين كانت صلاتهم التسبيحات من الاتيان بشئ من القراءة والأذكار الواجبة في صلاة المختار كلا أو بعضها مخالف للواقع بمقتضى العادة ودعوى ان المقصود بالروايات كون هذه التسبيحات منضمة إلى ما تيسر لهم من الأجزاء الأصلية هي صلاتهم كما ترى ويظهر مما ذكرناه ان اثبات شرعية الجماعة في هذه الصلاة اخذا بالاستصحاب أو بعموم أدلتها لا يخلو من اشكال إذ الموضوع متبدل عرفا والعمومات منصرفة عنها فليتأمل فروع الأول إذا صلى مؤميا فامن في الأثناء أتم صلاته بالركوع والسجود فيما بقي على حسب ما يقتضيه تكليفه بعد حصول الامن فيأتي بها تامة ان ارتفع أصل الخوف وكان حاضرا و ان لم يرتفع أصل الخوف أو كان مسافرا فمقصورة ولا يستأنف الصلاة لان الامر يقتضى الاجزاء كما عرفته في المريض الذي برء أو حصل له خفه في الامناء في مبحث القيام وقيل يتم ما لم يستدبر القبلة في أثناء صلاته والا استأنفها وهذا القول منقول عن الشيخ وهو ضعيف لعدم كون الاستقبال شرطا في حقه ولا الاستدبار مانعا كي يكون مقتضيا للاستيناف وقد ظهر بما أشرنا إليه انفا من أن الصلاة بالتسبيح مغائرة بالنوع لصلاة المختار الوجه في تخصيص المصنف ره عنوان الموضوع بالصلاة مؤميا فإنه لو اتى بتسبيحة ثم امن وضم إليها ركعة أو ركعتين لا يتالف منهما صلاة ذات ركعتين أو ركعات كي يقع امتثالا للامر المتعلق بها إذا التسبيحة ليست بركعة بل مباينة لها عرفا فالامر بتكبيرتين عوض كل صلاة ثنائية ليس الا كالأمر بالتصدق بدينارين كذلك فكما ان الصلاة لا تلتئم من دينار وركعة فكذا من تكبيرة وركعة ولا ينافي ذلك ما تقرر في محله من قاعدة الاجزاء بالنسبة إلى التكاليف الاضطرارية ولو في اجزائها فليتأمل وكذا لو صلى بعض صلاته ثم عرض له الخوف أتم صلاة خائف كما وكيفا على حسب ما هو تكليفه في هذا الحال ولا يستأنف على اشكال فيما لو انتقل فرضه إلى التسبيح ينشأ مما تقدمت الإشارة إليه من عدم اندراج المؤلف منهما في موضوع صلاة ذات ركعتين أو ركعات عرفا حتى يقع امتثالا للامر بها ولا في موضوع صلاة التسبيح التي جعلت بدلا عنها لدى الضرورة ومن أن الضرورة المؤثرة في الاجتزاء عن كل ركعة بتسبيحة غير مقتضية لابطال الركعة الماتى بها تامة بل اتمامها بحسب ما يقتضيه تكليفه حال الضرورة فيفهم من اجتزاء الشارع بتسبيحتين عن الركعتين الاجتزاء بأحديهما منضمة إلى ركعة تامة في مثل الفرض بالأولوية القطعية فان الركعة التامة أوفى وأكمل في تحصيل ما هو المقصود من الامر بالتسبيح فهذا هو الأقوى بل لعله مما لا خلاف فيه وان كان الأحوط استيناف صلاة بالتسبيح بعد اتمام تلك الصلاة بتسبيحة أو تسبيحتين والله العالم الفرع الثاني من رأى سودا فظنه عدوا فقصر وصلى مؤميا ثم انكشف بطلان خياله لم يعد وكذا لو اقبل العدو فصلى مؤميا لشدة خوفه ثم بان هناك حائل بمنع العدو إذا السبب المسوغ لهذه الصلاة على ما يظهر بالتدبر في أدلتها هو الخوف وهو حاصل في المقامين فتكون الصلاة مأمورا بها وهو يقتضى الاجزاء نعم قد يقال بان هذا فيما إذا لم يستند الخوف إلى التقصير في الاطلاع وعدم التأمل أو غلبة الوهم والا وجب عليه الإعادة وبه قطع في الذكرى على ما حكى عنه وهو لا يخلو من وجه إذ المنساق من الأدلة انما هو الخوف الحاصل المتعارف الناس من الامارات المورثة له في العادة لا الخوف الحاصل للجبان من الأوهام السوداوية والخيالات السوفسطائية الغير الملتفت إليها في العرف والعادة فليتأمل الفرع الثالث إذا خاف من سيل أو سبع أو حية أو غير ذلك جاز ان يصلى صلاة شدة الخوف فيقصر ح عددا وكيفية لعدم الفرق في أسباب الخوف المجوزة لذلك على ما صرح به غير واحد بل في الحدائق نسبته إلى المشهور بل عن المعتبر أنه قال كل أسباب الخوف يجوز معها القصر والانتقال إلى الايماء مع الضيق والاقتصار على التسبيح ان خشي مع الايماء وان كان الخوف من لص أو سبع أو غرق وعلى ذلك فتوى علمائنا ثم استدل عليه بقوله تعالى وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة ان خفتم ان يفتنكم الذين كفروا قال وهو دال بمنطوقه على خوف العدو وبفحواه على ما عداه من المخوفات واستدل أيضا بصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد الله عن قول الله عز وجل فان خفتم فرجالا أو ركبانا كيف يصلى وما يقول إن خاف من سبع أو لص كيف يصلى قال يكبر ويؤمى برأسه وصحيحة زرارة قال قال أبو جعفر ع الذي يخاف اللصوص والسبع يصلى صلاة المواقفة ايماء على دابته الحديث وصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يلتقى السبع وقد حضرت الصلاة ولا يستطيع المشي مخافة السبع فان قام يصلى خاف في ركوعه وسجوده السبع والسبع امامه على غير القبلة فان توجه إلى القبلة خاف ان يثب عليه الأسد فكيف يصنع قال فقال يستقبل الأسد ويؤمى برأسه ايماء وهو قائم وان كان الأسد على غير القبلة ويدل عليه أيضا رواية إسحاق بن عمار عمن حدثه عن أبي عبد الله ع في الذي يخاف السبع أو يخاف عدوا يثب عليه أو يخاف اللصوص يصلى على دابته ايماء الفريضة ودوابة عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق عليه السلام في حديث قال ومن تعرض له سبع وخاف فوت الصلاة استقبل القبلة وصلى صلواته ايماء فان خشي السبع وتعرض له فليدر معه كيف دار وليصلي بالايماء وفي المدارك بعد نقل كلام المصنف في المعتبر وما استدل به من الآية وبعض الروايات المزبورة قال وهذه الروايات انما تدل على مساواة صلاة خائف الأسد لخائف العدو في الكيفية اما قصر العدد فلا دلالة لها عليه بوجه وما ادعاه من دلالة الآية الشريفة عليه بالفحوى غير واضح ومن ثم تردد في ذلك المنتهى وحكى عن بعض علمائنا قولا بان التقصير في عدد الركعات انما يكون في صلاة الخوف من العدو خاصة والمصير إليه متعين إلى أن يقوم على قصر العدد دليل يعتد به انتهى وفى الحدائق نقل كلام المدارك واستجوده وهو لا يخلو من جودة اللهم الا ان يقال إن المنساق من قوله في الصحيحة المتقدمة الذي يخاف اللصوص والسبع يصلى صلاة الموافقة الإشارة إلى الصلاة المعهودة التي شرعت مقصورة فقوله ايماء على دابته
(٧١٩)