المشهور القائلين باشتراط الرجوع ليومه في الملفقة الا إرادة الثمانية الامتدادية وكيف كان فالمتبع هو الدليل وقد عرفت ان غاية ما ثبت اعتباره في سببية المسافة للتقصير مطلق قصدها الذي لا يقدح فيه العدول من شخص إلى شخص أو من نوع إلى اخر وتوهم ان المنساق من مثل قولهم عليهم السلام التقصير في بريدين أو بريد ذاهبا وبريد جائيا كون كل منهما نوعا مستقلا من المسافة الموجبة للتقصير فيعتبر في سببية كل منهما قصده من مبدء سيره مع امكان الفرق بين ما لو قصد من أول الأمر ان يذهب بريدا ويرجع وبين ما لو قصد بريدين فانفسخ عزمه بعد ان ذهب بريدا فرجع فإنه يعد رجوعه في الأول جزء من سفره عرفا بخلاف الثاني فإنه بنظر العرف ابطال للمسافرة مدفوع بما في الأخبار المعتبرة من التصريح بان البريد انما يكون موجبا للتقصير لأنه إذا ذهب ورجع يبلغ حد التقصير فهو ليس حد مستقل في عرض البريدين بل هو قسم منه فالعدول إليه من الامتدادية ليس الا كالعدول من امتدادية إلى امتدادية أخرى مع أن لنا ان نقول إن المدار على مطلق قصد المسافة ولو في ضمن جنسها الشامل لكلا النوعين لانتفاء ما يدل على اعتبار أزيد من ذلك واما ما ذكر من أن الرجوع عن عزم المسافة الامتدادية يعد في العرف ابطالا للمسافرة ففيه ان هذا انما هو بالنسبة إلى السفر الذي تعلق به قصده والا فهو مسافر حتى يرجع إلى منزله ويصدق عليه عرفا انه ذهب بريدا ورجع بريدا بلا شبهة هذا كله مع أنه الاصغاء إلى شئ من مثل هذه الدعاوى في مقابل النصوص الخاصة المتقدمة الثانية الحكم بوجوب التمام على من خرج ينتظر الرفقة فيما دون المسافة انما هو فيما إذا لم يكن جازما بمجيئ الرفقة وعازما على السفر على تقدير عدم تيسر الرفيق أيضا كما هو واضح وهل يلحق الظن بمجيئهم بالجرم به وجهان أقواهما عدم الترخص للأصل كالظن بالسفر بدونهم خلافا للمحكى عن الذكرى فجعل غلبة الظن بذلك كالجزم وفيه انه يحتاج إلى الدليل وهو منتف ولو تيسر له الرفقة فعزم على السفر اعتبر في جواز الترخص له بلوغ ما بقي من الذي أراد قطعه مع الرفيق مسافة لعدم اعتبار ما قطعه أولا حال خلوة عن الجزم كما صرح به في الجواهر بل قد يلوح من كلماتهم التسالم عليه حيث جعلوه كطالب الآبق والهائم على وجهه الذي يجب عليه التمام وان قطع مسافاة فان تم اجماعهم عليه كما ليس بالبعيد فهو والا ففي بعض صوره لا يخلو من اشكال وهو فيما إذا كان مقصوده من حين اخذه في السير قطع هذه المسافة التي لا يستقيم له قطعها الا مع الرفيق برجاء ان يلحقه رفيق عند رأس فرسخين مثلا فإنه بعد ان تيسر له الرفيق وقطعها صدق عليه انه قطع مجموعها عن قصد كما أنه لو احتمل كون زيد ملفوفا باللحاف فعده نصفين بقصد قتل زيد على تقدير وجوده تحت اللحاف وصادف الاحتمال للواقع فإنه يصدق عليه انه قتل زيدا عن قصد نعم قبل ان يتيسر له الرفيق لم يكن واثقا بوصوله إلى مقصده والحاصل ان السير الواقع على هذا الوجه ليس عاريا عن قصد المسافة بل عن الجزم بتحققها وكون الجزم أيضا كالقصد شرطا في سببية البريدين للتقصير بحيث يعتبر في جواز الترخص بلوغ ما بقي من الذي أراد قطعه مع الرفيق مسافة يحتاج إلى دليل ولم نقف على ما يدل عليه عدى ما تقدمت الإشارة إليه من ظهور كلماتهم في التسالم عليه فهذا هو عمدة المستند له والا فلا يخلو من تأمل نعم لا تأمل في أنه لا يجوز له التقصير ما لم يكن جازما على قطعها لان احراز الموضوع الذي هو عبارة عن كونه مشغولا بسفر هو ثمانية فراسخ شرط في تنجز التكليف بحكمه ويدل عليه أيضا ما في ذيل رواية إسحاق بن عمار المتقدمة قال قلت أليس قد بلغوا الموضع الذي لا يسمعون فيه اذان مصرهم الذي خرجوا منه منه قال بلى انما قصروا في ذلك الموضع لأنهم لم يشكوا في مسيرهم وان السير سيجد بهم في السفر فلما جاءت العلة في مقامهم دون البريد صاروا هكذا فليتأمل الثالثة لو قصد مسافة ثم تردد في أثنائها ثم عاد إلى الحزم فهل يعتبر كون الباقي بنفسه مسافة أم يكفي بلوغها بضمه إلى السابق وجهان من ذهاب حكم ما قطعه بالتردد فإنه يجب عليه ح التمام كما وقع التصريح به في خبر إسحاق بن عمار المتقدم ومن أن هذا لا يقتضى سقوط ما قطعه عن الاعتبار بل ذهاب حكمه بعروض التردد فإذا عاد إلى الجزم زال اثر تردده وهذا هو الأظهر كما جزم به في الجواهر وغيره إذ لا دليل على اعتبار استمرار القصد بحيث لا يتخلل في أثنائه تردد بل مقتضى اطلاقات أدلة التقصير في بريدين خلافه ويدل عليه أيضا اطلاق قوله في ذيل خبر اسحق فإذا مضوا فليقصروا ولو قطع شيئا من الطريق مع التردد ففي الجواهر قوى الاكتفاء ببلوغ ما قطعه حال الجزم وما بقي مسافة واسقاط ما تخلل منها مما قطعه حال التردد وربما يظهر من شيخنا المرتضى ره أيضا الميل إليه حيث قال ولو قطع شيئا مع التردد فلا يبعد عدم احتسابه في الضم مع احتمال الاحتساب أقول قد عرفت انفا قوة هذا الاحتمال ولكن فيما إذا كان ما قطعه حال التردد واقعا بعنوان جزئيته من هذه المسافة كما لو سلكه بقصد ان لا يتخلف عن رفيقه على تقدير استقرار عزمه على المسير لا لغرض اخر كتحصيل ماء ونحوه واما في هذه الصورة أو في صورة العزم على ترك السفر وقطع بعض المسافة لغرض اخر ثم عوده إلى قصده فقد يقوى عدم الاحتساب إذا المنساق من خبر صفوان بل وكذا رواية عمار كون مجموع المسافة صادرا عن قصد قطعها ان قلت فعلى هذا يشكل انضمام اللاحق إلى السابق الذي قطعه حال الجزم إذا المنساق من الخبرين إرادة مسافة متصلة هي ثمانية فراسخ قلت الخبران المزبوران بحسب الظاهر ليسا مسوقين الا لنفى الاعتداد بقطع المسافة التي وقعت بلا قصد أو بقصدين مستقلين فلا يفهم منهما عدى انه يعتبر في السفر الموجب للقصر ان يسير ثمانية فراسخ مع القصد واما إذا كان السفر الذي قصده من حين خروجه من منزله أكثر من ثمانية فراسخ كعشرين فرسخا مثلا فقطع مقدار ثمانية فراسخ من هذه المسافة بهذا القصد وما زاد عليها مع التردد أو العزم على الخلاف فالروايتان المزبورتان غير ناف سببيته للتقصير سواء وقع ما قطعه حال التردد أو العزم على العدم في خلال الثمانية أو بعدها كما لا يخفى على المتأمل الرابعة لا فرق في اعتبار قصد المسافة بين التابع وغيره سواء كانت التبعية واجبة كما في الزوجة والعبد أم غير واجبة اختيارية كانت كالخادم أم اضطرارية كالأسير والمكره ونحوهما مما اخذ ظلما فان عملوا قصد المتبوع وجزمه على قطع المسافة فان كانوا عازمين على متابعته ولو كرها قصروا واما ان لم يكونوا عازمين على المتابعة بل على الرجوع مهما تيسر لهم ذلك بعتق أو طلاق أو إباق أو نشوز واحتملوا ذلك فعن
(٧٣٢)