كون السجود معتبرا في مهية الصلاة ويكون الاخلال به اخلالا بالمهية ولا اخلال مع التدارك بلا تخلل المنافي فالقول بالبطلان بمجرد طر والنسيان على تقدير تحققه في غاية الضعف ثم إنه لا اشكال في عدم وجوب الجلوس قبل السجود المتدارك حيث يكون المنسي السجدتين بل وكذا إذا كان سجدة واحدة وكان قد جلس بعد رفع رأسه من السجود الجلسة الواجبة واحتمال اعتبار كون السجدة الثانية حاصلة عن جلوس مدفوع بالأصل واما إذا جلس بنية انه للاستراحة لزعمه الفراغ من السجدتين فقد يقال بعدم الاعتداد به لوقوعه على غير وجهه فلا يكون مجزيا عن الواجب لا لمجرد اختلافهما في الوجوب والندب وان قصد الندب يمنعه عن وقوعه بصفة الوجوب كي يتوجه عليه ما تقرر في محله من عدم مدخلية صفتي الوجوب والندب في قوام ذات المطلوب كي يكون قصدهما معتبرا أو قصد الخلاف مضرا بل لأن الواجب هو الجلوس بين السجدتين وهو بهذا العنوان لم يقع بل بعنوان اخر معروض لطلب ندبي مدفوع بأنه لم يثبت اعتبار هذا العنوان قيدا في مطلوبية وانما القدر المتيقن الذي دل عليه الدليل هو وجوب الجلوس مطمئنا بين السجدتين بقصد جزئية من الصلاة المنوي بها التقرب وقد حصل كذلك وقصد كونه للاستراحة لا يغيره عما هو عليه من حصوله عقيب الأولى فيقع مصداقا للواجب بعد فرض في خذ العنوان قيدا في مطلوبته كما هو مقتضى الأصل فالقول بالاجتزاء به كما قواه في الجواهر وغيره أشبه واما إذا لم يكن جلس فالذي صرح به بعض وجوب الجلوس حينئذ لكونه فعلا من افعال الصلاة يجب تداركه وحكى عن الشيخ وصرح العلامة في المنتهى وظاهر غيره عدم الوجوب للأخبار المتقدمة الامرة بالسجود من غير استفصال وربما استدل لهم أيضا بان الواجب الفصل بين السجدتين وقد تحقق بالقيام بل قد يقال بأنه خرج بالقيام عن قابلية التدارك لأنه مقيد بوقوعه بين السجدتين وقد تعذر حصوله كذلك وفيه ان ترك الاستفصال انما هو لأن السؤال عن السجدة دون غيرها فلا يكشف ذلك عن أن غيرها على تقدير كونه أيضا منسيا لا يجب تداركه واما دعوى ان الواجب هو الفصل بين السجدتين وقد تحقق ففيها ان مقتضى الجمود على ظاهر دليله هو الفصل بالجلوس لا مطلقه كي يدعى تحققه واما ما قيل من فوات محله بتعذر محله ففيه انه لم يثبت تقييده بما بين السجدتين بحيث ينافيه القيام قبله أو بعده ولذا لا مانع عن الالتزام بجواز القيام اختيارا قبله أو بعده لأن يتناول شيئا مثلا مما لا يتحقق به فعل كثير مبطل للصلاة فالقول بوجوب تداركه أوفق بالقواعد ولو شك في الجلوس بنى على عدمه للأصل ولا يجري فيه قاعدة الشك في الشئ بعد تجاوز المحل لا لما قيل من أنه بعد الرجوع لتدارك السجدة يرجع شكه إلى الشك فيه وهو في محله إذ العبرة بالمحل الذي يتحقق به التجاوز وعدمه هو المحل الذي يعرض فيه الشك لا المحل الذي يرجع إليه لتدارك خلل اخر معلوم إذ العود إلى المحل لا ينفي صدق الخروج منه بل يؤكده ودعوى انه متى عاد إليه صدق عليه انه شاك في الشئ وهو في محله مدفوعة بان المدار في الاعتداد بالشك على في لخروج منه لا على الكون فيه فلو شك في السجود مثلا ثم ذكر ان قيامه للثالثة صدر منه سهوا بزعم انها ثانية فلم يتشهد عليه ان يجلس ويتشهد ولا يرجع بذلك شكه في السجود إلى الشك فيه قبل تجاوز محله كما قد يتوهم إذ الشئ لا ينقلب عما وجد عليه هذا مع أن جلوسه لتدارك التشهد جلوس اخر غير الجلوس الأول الذي خرج بالتجاوز عنه عن محل سجود الثانية فهو بنفسه كالقيام للقرائة مما به يتحقق التجاوز كما لا يخفى على المتأمل بل لأن قاعدة الشك بعد التجاوز مجريها على ما هو المنساق من أدلتها انما هو فيما لو شك في شئ بعد ان تلبس بما هو مترتب عليه ولم يعلم بان تلبسه به بعنوانه المترتب على هذا الشئ صدر منه خطأ واما مع علمه بذلك فلا عبرة بتلبسه به فإذا علم بان قيامه إلى الثانية صدر منه سهوا قبل اكمال الأولى ولكن تردد في أن سهوه هل تعلق به حين رفع رأسه من الركوع أو بعده السجدة الأولى أو بعد الجلسة الواقعة عقيبها لا يصح ان يقال إنه بالنسبة إلى ما عدى السجدة الأخيرة التي هي معلومة الفوات انه شاك في الشئ بعد تجاوز محله إذ ليس لقيامه الذي علم بصدوره منه سهوا قبل فراغه من الأولى مرتبة مقررة حتى يتحقق به مفهوم التجاوز بل القيام لدى التحقيق صدر منه قبل ان يحل محله والفرق بينه وبين المثال الذي تقدمت الإشارة إليه وهو ما لو قام إلى الثالثة سهوا قبل التشهد ثم ذكر نسيان التشهد وشك في السجود هو ان القيام إلى ركعة من حيث هو سواء كانت ثانية أو ثالثة أو رابعة بل ولو كانت زائدة له محل مقرر وهو بعد الفراغ من سابقتها الذي لا يتحقق الا بالرفع من السجدة الأخيرة والتلبس بها سهوا قبل التشهد لتوهم كونها ثانية أو رابعة مثلا لا يستلزم الغفلة عن مرتبتها من حيث كونها بعد ركعة فلم يحرز في المثال خطأه من هذه الجهة حتى ينافي ذلك صدق اسم التجاوز عن المحل واما فيما نحن فيه فقد علم بخطأه من هذه الجهة وصدور الركعة منه سهوا في أثناء سابقتها فلاحظ وتدبر أو التشهد وذكر قبل ان يركع رجع فتلافاه ثم قام واتى بما يلزم من قراءة أو تسبيح ثم ركع وان كان قد قرء سابقا إذ لا اعتداد بما سبق لوقوعه في غير محله الموظف فعليه اعادته بعد تدارك التشهد لأصالة بقاء التكليف به وعدم سقوطه بقرائته السابقة نعم لو استمر نسيانه إلى أن تجاوز محل تدارك التشهد بان تلبس بالركوع كشف ذلك عن صحة المقرو ووقوعه في محله لأن اعتبار التشهد في الصلاة انما هو في غير مثل الفرض ويشهد لوجوب تدارك التشهد ما لم يركع مضافا إلى الأصل وعدم الخلاف فيه على الظاهر كما ادعاه غير واحد جملة من الأخبار منها صحيحة سليمان بن خالد قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي ان يجلس في الركعتين الأولتين فقال إن ذكر قبل ان يركع فليجلس وان لم يذكر حتى يركع فليتم صلاته حتى إذا فرغ فليسلم ويسجد سجدتي السهو وصحيحة عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الرجل يصلي ركعتين من المكتوبة فلا يجلس فيهما فقال إن ذكر وهو قائم في الثالثة فليجلس وان لم يذكر حتى ركع فليتم صلاته ثم يسجد سجدتين وهو جالس قبل ان يتكلم وحسنة الحلبي أو صحيحته عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا قمت في الركعتين من الظهر ومن غيرها ولم تتشهد فيهما فذكرت ذلك في الركعة الثالثة قبل ان تركع فاجلس وتشهد وقم فأتم صلاتك وان لم تذكر حتى تركع فامض في صلاتك حتى تفرغ فإذا فرغت فاسجد سجدتي السهو بعد التسليم قبل ان تتكلم إلى غير ذلك من الروايات الدالة عليه واعلم أنه ليس في كلام المصنف رحمه الله التعرض لحكم نسيان السجود
(٥٤٨)