على ما يشهد به السياق كما يؤيد هذه الدعوى مع موافقته للأصل بل يشهد له تعقيبه بقوله ذلكم خير لكم الذي هو بمنزلة التعليل للنهي عن البيع فإنه يكشف عن كون هذه القضية بنفسها ملحوظة للامر استقلالا لا تبعا لملاحظة حال ايجاب السعي كالمعاني الحرفية كما في الفرض الأول كما لا يخفى على المتأمل فيشكل (ح) التخطي عن المورد لامكان ان يكون للبيع خصوصية مقتضية لتحريمه دون سائر المنافيات وليس قوله ذلكم خير لكم مسوقا للتعليل كي يؤخذ بمفهوم العلة بل هو من قبيل تعقيب الكلام بذكر المناسبات والحكم المقتضية للحكم كما هو واضح نعم ذكر مثل هذه المناسبات ربما يوهن ظهور الطلب في كونه مولويا ولكن لا بحيث يسقطه عن الاعتبار خصوصا بعد اعتضاده بفهم الأصحاب وفتواهم هذا مع أن حرمة البيع المنافي للسعي بعد النداء الذي هو بحسب الظاهر كناية عن دخول الوقت مما لا خلاف فيه على الظاهر فلا ينبغي الاستشكال فيه واما التعدي إلى كل مفوت فمما لا دليل عليه الا ان نلتزم بان الامر بالشئ يقتضي النهي عن ضده وهو خلاف التحقيق نعم لا يبعد ان يدعي ان المتبادر من البيع في المقام بواسطة المناسبة هو مطلق التجارة لا خصوصه والله العالم فان باع اثم وكان البيع صحيحا على الأظهر بل لا ينبغي الارتياب فيه إذ المتبادر من الامر بترك البيع في الآية ليس الا إرادة الحكم التكليفي اي الحرمة وهي غير مقتضية للفساد في المعاملات كما تقرر في محله فما عن الكاتب والشيخ من القول بالفساد ضعيف ولو كان المتعاقدان ممن لا يجب عليهم السعي جاز لهما البيع بلا خلاف فيه على الظاهر ولا اشكال ولو كان أحدهما ممن لا يجب عليه السعي كان البيع سائغا بالنظر إليه وحراما بالنظر إلى الاخر وقيل بتحريمه على الأول أيضا بل في المدارك نسبته إلى الأشهر لأنه معاونة على المحرم وفيه منع صدق الإعانة على الاثم عرفا عليه خصوصا بالنسبة إلى الاشخاص الذين يتركون الجمعة على كل حال سواء اشتغلوا التكسب أم لا اللهم الا ان يدعي استفادة حكمه منه بالفحوى وفيه تأمل * (المسألة التاسعة ) * إذا لم يكن الإمام عليه السلام موجودا في البلد ولا من نصبه للصلاة وأمكن الاجتماع والخطبتان قيل يستحب ان يصلي جماعة ان تشرع صلاة الجمعة في حال غيبة الامام وفقد المنصوب بل هي أفضل فردي الواجب فهذه الملاحظة اطلاق عليها الاستحباب وقيل لا يجوز وقد تقدم تحقيق هذه المسألة عند المبحث عن اشتراط الاذن وعرفت فيما تقدم ان الأول أظهر * (المسألة العاشرة) * إذا لم يتمكن المأموم من السجود مع الامام في الركعة الأولى التي أدرك ركوعها معه فان أمكنه السجود واللحاق به قبل الركوع فعل وصحت جمعة بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن كشف اللثام دعوى الاتفاق عليه إذا لتخلف عن الامام في ركن للحاجة والضرورة غير قادح بصحة الصلاة جماعة كما ستعرف انشاء الله في مبحث الجماعة والا اي وان لا يمكنه ذلك لم يتابعه في الركوع بل اقتصر على متابعته في السجدتين إذ لو تابعه في الركوع للزم اما ترك السجدتين من الأولى أو زيادة الركوع قبلهما ونوى بهما للأولى فيكمل له ركعة مع الامام ثم يأتي بركعة ثانية لنفسه كالمأموم المسبوق وقد تمت صلاته بلا خلف فيه بيننا على الظاهر بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ويشهد له مضافا إلى الاجماع وعموم بعض الروايات الواردة فيمن أدرك مع الامام ركعة لو لم ندع انصرافها عن مثله خصوص خبر حفص بن غياث قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول في رجل أدرك الجمعة وقد ازدحم الناس وكبر مع الامام وركع ولم يقدر على السجود و قام الامام والناس في الركعة الثانية وقام هذا معهم فركع الامام ولم يقدر هذا على الركوع في الثانية من الزحام وقدر على السجود كيف يصنع فقال أبو عبد الله اما الركعة الأولى فهي إلى عند الركوع تامة فلما لم يسجد لها حتى دخل في الثانية لم يكن ذلك له فلما سجد في الثانية فإن كان نوى هاتين السجدتين للركعة الأولى فقد تمت له الأولى فإذا سلم الامام قام فصلى ركعة ثم يسجد فيها ثم يتشهد ويسلم وان كان لم ينو السجدتين للركعة الأولى لم تجز عنه للأولى ولا للثانية وعليه ان يسجد سجدتين وينوي انهما للركعة الأولى وعليه بعد ذلك ركعة تامة يسجد فيها فان نوى بهما الثانية قيل كما عن الشيخ في النهاية والقاضي في المهذب تبطل الصلاة لأنه ان اكتفى بهما للأولى واتى بالركعة الثانية خالف نيته وانما الأعمال بالنيات وان ألغاهما واتى بسجدتين غيرهما للأولى واتى بركعة أخرى تامة زاد في الصلاة ركنا وان اكتفى بهما ولم يأت بعدهما الا بالتشهد والتسليم نقص من الركعة الأولى السجدتين ومن الثانية ما قبلهما وقيل كما عن السيد في المصباح والشيخ في المبسوط والخلاف ويحيى بن سعيد في الجامع يحذفهما ويسجد للأولى و يتم ثانية بل عن الخلاف الاجماع عليه لقوله عليه السلام في الخبر المتقدم وان كان لم ينو السجدتين للركعة الأولى لم تجز عنه للأولى ولا للثانية وعليه ان يسجد سجدتين وينوي انهما للركعة الأولى وعليه بعد ذلك ركعة تامة ونوقض في دعوى الاجماع بمعروفية الخلاف بل عن الرياض تارة ان القائل به نادر وأخرى ان الشهرة على خلافه ظاهرة وفي الرواية بضعف السند وعدم الصراحة إذ يجوز ان يكون قوله (ع) وعلى ان يسجد إن مستأنفا بمعنى انه كان عليه ان ينويهما للأولى فإذا لم ينوهما لها بطلت صلاته أقول اما الخدشة في دلالتها بما ذكر فمما لا ينبغي الالتفات إليه واما في سندها فكذلك بعد اعتماد الكليني والشيخ عليها وتدوينها في كتابيهما واشتهارها بين الأصحاب كما اعترف به في الذكرى حيث حكى أنه قال ليس ببعيد العمل بهذه الرواية لاشتهارها بين الأصحاب وعدم وجود ما ينافيها وزيادة السجود مغفرة في المأموم كما لو سجد قبل امامه وهذا التخصيص يخرج الروايات الأدلة على الابطال عن الدلالة واما ضعف الرواية فلا يضر مع الاشتهار على أن الشيخ قال في الفهرست ان كتاب حفص يعتمد عليه انتهى و توهم انصراف الرواية عما لو نوى بهما الثانية لأنه فرض نادر إذ لا يكاد يتأتي هذا القصد ممن يعلم بأنه لم يفرغ من الأولى فهو من الغالب لو لم يقصد بهما الأولى اما يقصد بهما محض التبعية دون الجزئية للصلاة مثل من أدرك الامام بعد رفع رأسه من الركوع وتبعه في السجدتين من باب
(٤٥٩)