اتفاقية لما تقدم من مخالفة الشيخ وغيره في غير المقام انتهى كلام شيخنا المرتضى قدس سره أقول إن أراد صاحب الايضاح بصلاة الامام المشتملة على رخصة في ترك واجب أو فعل محرم مطلق الصلاة الاضطرارية المشتملة على الاخلال بشئ من الاجزاء والشرائط الاختيارية ولو لم يكن له تعلق بصلاة المأموم كما لو صلى في ثوب نجس أو لم يحسن بعض الأذكار الواجبة مما عدى القراءة التي يتحملها عن المأموم إلى غير ذلك من الشرائط والاجزاء التي لا ربط لها بصلاة المأموم ولا يوجب الاخلال بها تغيير الصورة التي يجب على المأموم المتابعة فيها فيشكل إقامة الدليل على ما ادعاه إذ غاية ما يمكن ان يستدل به لهذه الكلية دعوى استفادتها من استقراء الموارد الجزئية أو دعوى انصراف أدلة الجماعة إلى الايتمام بمن لا يكون صلاته من حيث هي انقص من صلاة المأموم وكلتا الدعويان ولا سيما أوليهما في حيز المنع واما ما ذكره في الايضاح من أن الايتمام هيئة اجتماعية يقتضى ان يكون الصلاة مشتركة بين الإمام والمأموم وان صلاة الامام هي الأصل فان أراد بهذا ان قضية الاجتماع في الصلاة هي مشاركة الجميع في الاتيان بفرد من الصلاة مسمى بصلاة الجماعة مشتركة بين الجمع صادرة منهم بمباشرة الامام وتبعية المأمومين له في الافعال فيكون المصلى حقيقة هو الامام ولكن فعله يقوم مقام فعل الجميع فيتجه حينئذ دعوى اعتبار ان لا يكون صلاته انقص مما يجب على المأمومين حتى يصلح ان يقوم مقام صلاتهم ولكن المبنى فاسد لما عرفت في مبحث الخلل من أن كلا من الإمام والمأموم مستقل بصلاته وليس يضمن الامام شيئا من صلاة المأموم مما عدى القراءة فالهيئة الاجتماعية الحاصلة بالايتمام لا تقتضي وقوع صلاة مشتركة بين الجميع بل اشتغال الجميع بفعل الصلاة المطلوبة من كل واحد منهم مجتمعا يربط صلاته بصلاة الامام بتبعيته له في حركاته وسكناته فالهيئة الاجتماعية لا تقتضي الا موافقة الجميع في الافعال التي يتقوم بها هيئة الجماعة بحيث يكون الامام أصلا ومن عداه تبعا له دون الشرائط التي لا مدخلية لها بهيئة الجماعة ومن هنا يظهر انه ان أراد بعبارته المزبورة هذا المعنى كما ليس بالبعيد فهو حق ولكنها غير مثبتة لمدعاه اللهم الا ان يكون مراده بالصلاة المشتملة على الرخصة في ترك واجب أو فعل محرم خصوص ما كانت مشتملة على نقص موجب لتغير صورتها التي يجب المتابعة فيها مع الامكان ككونه جالسا أو مؤميا أو مضطجعا أو مستلقيا لا مطلق الصلاة الاضطرارية فينطبق حينئذ دليله على مدعاه فيكون ملخص مرامه انه متى رخص الامام في ترك فعل من افعال الصلاة كالقيام مثلا أو فعل محرم كالاضطجاع والاستلقاء أو الجلوس حال القراءة لم يجز لمن لا يكون مرخصا في الاتيان بصلاته بهذه الهيئة الايتمام به لأنه ان وافقه في ذلك فقد أخل بالواجب وإلا لم يتحقق الايتمام لان الايتمام شرعا وعرفا عبارة عن المتابعة وهى منتفية بالنسبة إلى هذا الجزء لا يقال إن انتفاء التبعية بالنسبة إلى جزء لا يقتضى بطلان أصل الايتمام بالإضافة إلى أصل الصلاة التي اتى بها بهذا القصد على سبيل الاجمال كما اعترفنا به في أوائل المبحث لأنا نقول معنى الايتمام بالغير في صلاته هو أن يأتي بافعاله مربوطا بافعال الامام بان يقوم بقيامه ويركع بركوعه ويسجد بسجوده وهكذا كما يشهد بذلك النبوي المشهور انما جعل الامام اماما ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا ولا ملازمة بينه وبين الالتزام ببطلان الاقتداء رأسا بمطلق المخالفة كما تقدم تحقيقه في أوائل المبحث فإذا تعلق امر ندبي بفعل الصلاة جماعة لا ينسبق الا إرادة هذا المعنى فيختص جوازه بما إذا لم يستلزم الاخلال بواجب فلو لم يكن لنا دليل خاص على جواز الايتمام للمأموم المسبوق الذي يحتاج إلى التخلف عن الامام لفعل التشهد لم يكن يمكن استفادة شرعيته من اطلاقات أدلة الجماعة فمقتضى الأصل في كل مورد يلزم من متابعة الامام في جميع افعاله الاخلال بشئ من اجزاء الصلاة وشرائطه عدم شرعية الجماعة في تلك الصلاة الا ان يدل دليل خاص اما على سقوط اعتبار ذلك الشئ في الصلاة في مثل الفرض كسقوط القراءة عمن أدرك الامام راكعا واغتفار زيادة الركن فيما لو رفع رأسه من الركوع قبل الامام مثلا أو جواز التخلف عنه لتداركه كما في المأموم المسبوق في جماعة العراة التي ورد فيها ان الامام يؤمى برأسه ومن خلفه يركعون ويسجدون فتلخص مما ذكر ان الالتزام بالكلية المزبورة وهى المنع عن امامة كل ناقص بمن هو فوقه في المرتبة إذا كان نقصه موجبا للاخلال بالهيئة المعتبرة في الجماعة ما لم يدل دليل خاص على جوازه كما لعله المشهور لا يخلو من وجه ان قلت مقتضى هذا الوجه عدم جواز العكس أيضا أي ايتمام الناقص بالكامل كالقاعد بالقائم مع أنه لا خلاف في جوازه على الظاهر قلت مضافا إلى كفاية الاجماع دليلا على جواز العكس انه يمكن الفرق بينهما بجريان قاعدة الميسور بالنسبة إلى المأموم العاجز إذ لا شبهة في أنه مهما عمل العاجز بوظيفته تبعا لافعال الامام بان جلس حال قيام الامام وأومى للركوع والسجود حين ركوعه فقد تبعه بقدر وسعه فهو بشهادة العرف ميسور المتابعة التي لا تسقط بمعسوره وربما يشهد له أيضا في الجملة خبر أبي البختري عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام قال المريض القاعد عن يمين المصلى جماعة فلا ينبغي الاستشكال فيه ولو حدث للامام في الأثناء ما يوجب الجلوس مثلا انفرد المأموم ما لم يستنب الامام غيره كما عن التذكرة التصريح به لظهور النص والفتوى في اعتبار ذلك ابتداء واستدامة كما أن هذا هو مقتضى القاعدة التي قوينا اعتبارها في هذا الباب ولو تجدد للعاجز القدرة على القيام في الأثناء فقام جاز الاقتداء به في بقية صلاته لزوال المانع ودعوى اعتبار كونه قادرا على القيام في تمام الصلاة في صحة الاقتداء به مطلقا ضعيفة فان ما دل على اعتبار هذا الشرط لم يدل الا على اعتباره حال كونه اماما لا في أصل صلاته حتى في جزئها التي اتى به منفردا نعم قد يتجه ذلك على القول بعدم جواز الاقتداء بمطلق الصلاة المشتملة على نقص وان لم يكن موجبا لتغيير هيئتها ولكنك عرفت ضعف هذا القول وعدم مساعدة دليل عليه في مقابل اطلاقات أدلة الجماعة ولو علم بعجز الامام عن اتمام صلاته قائما وانه لا يقدر الا على القيام في الأوليين مثلا فهل له ان يأتم به بانيا على أن ينفرد عنه حين عروض العجز له وجهان أوجههما ذلك على تردد فيما لو علم بحصول العجز قبل اكمال ركعة كما سيأتي توضيحه انشاء الله تعالى عند التكلم في جواز الايتمام مع العزم على أن ينفرد في بعض صلاته وكذا يعتبر في الامام ان لا يكون أميا أي لا يحسن قراءة الفاتحة والسورة أو ابعاضهما كما عن غير واحد التصريح به بمن ليس كذلك بلا خلاف فيه بيننا على الظاهر بل عن جماعة دعوى الاجماع عليه ففي التذكرة قال لا يجوز ان يأتم القاري بالأمي في الجهرية والاخفاتية عند علمائنا أجمع وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد والشافعي
(٦٧٧)