وإذا دخل في ركن فإن كان قد أخل به عن عمد بطلت صلاته وكذا لو فعل ما يجب تركه أو ترك ما يجب فعله جهلا بوجوبه واعتباره في الصلاة سواء كان عن تقصير أو قصور فإنه كالعامد بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه إذ القصور يجعله معذورا من حيث المؤاخذة لا انه يجعل فعله موافقا للامر كي يترتب عليه اثاره الوضعية فهو غير آت بالمأمور به على وجهه فلا يكون مجزيا وان كان معذورا على تقدير القصور واحتمال اكتفاء الشارع بفعله الناقص بدلا عن التام في اسقاط طلبه من باب التوسعة والارفاق بعد الغض عن مخالفته للأصل واحتياجه إلى الدليل المنفي في المقام مدفوع بان مرجعه لدى التحليل إلى اختصاص الواجبات بالعالمين بها وهو غير معقول نعم قد يعقل ذلك بجعل الصلاة من قبيل تعدد المطلوب بالتقريب الذي تقدم تحقيقه في مبحث القراءة في مسألة الجاهل بالجهر والاخفات ولكنه خلاف ظواهر أدلة الأشياء المعتبرة في الصلاة فلا يمكن الالتزام به الا بدليل معتبر صالح الصرف سائر الأدلة عن ظواهرها وليس في المقام عدى ما قد يتخيل من شمول قوله عليه السلام في الصحيح الآتي لا تعاد الصلاة الا من خمسة ويدفعه انه لم يقصد بهذه الصحيحة نفي الإعادة بالاخلال بما عدى الخمسة على الاطلاق بحيث يصح التمسك باطلاقها للمدعى إذ الاخلال العمدي غير مراد منها قطعا فيدور امرها بين ان يكون المراد بها الاخلال الغير العمدي مطلقا بحيث يعم ما نحن فيه أو الاخلال الصادر عن سهو ونسيان كما فهمه الأصحاب ولا معين لإرادة الأول فيتعين قصره على خصوص الناسي والساهي ابقاء للأدلة المنافية له على ظواهرها وعلى تقدير تسليم ظهورها في الشمول فليس بحيث يكافؤ ظهور أدلة الاجزاء والشرائط في اعتبارها في مهية الصلاة الممتنع تقييدها بصورة العلم مع أنه يكفي صارفا لها عن هذا الظاهر الاجماع المستفيض نقله على مساواة الجاهل للعالم فيما عدى ما ستعرف المعتضد بعدم معروفية الخلاف وارساله في كلماتهم ارسال المسلمات نعم ربما توهم متوهم ان مقتضى القاعدة في عمل الجاهل الصحة والاجتزاء بالفعل الناقص لمكان الامر العقلي حيث إن العقل يلزمه باتيان الناقص فبفعله يتحقق امتثال هذا الامر العقلي وبعده لا يبقى محل للامر باتيان الباقي لكونه مرتبطا بما اتى به وفيه ان الزام العقل بفعله نشأ من توهم ان هذا هو المأمور به فأمره ارشادي محض نشأ من حكمه بوجوب إطاعة الواجب فلا يترتب على موافقته من حيث هي الا مصلحة الانقياد لا الخروج عن عهدة الواجب الواقعي الذي لم يتحقق امتثاله تنبيه ليس من الجاهل الذي ادعينا انصراف النص أو صرفه عنه والاجماع على أنه كالعامد المجتهد المخطي في اجتهاده ومقلديه فإنه لو لم نقل بأنه من اظهر الموارد التي يفهم من النص معذوريتها فلا يبعد دعوى استفادة حكمه منه بالفحوى فليتأمل الا الجهر والاخفات في موضعهما الذي عرفته في مبحث القراءة اجماعا كما ادعاه غير واحد من غير فرق بين القاصر والمقصر ويشهد له مضافا إلى ذلك صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في رجل جهر فيما لا ينبغي الاجهار فيه وأخفى فيما لا ينبغي الاخفاء فيه فقال اي ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة فان فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدرى فلا شئ عليه وقد تمت صلاته وقضية اطلاق النص وفتاوي الأصحاب في لفرق بين الأوليين والأخيرتين ولا بين الجاهل بأصلهما أو محلهما كما لو زعم أن الاخفات في العشائين والجهر في الظهرين ولا بين الجاهل بحكمهما أو موضوعهما كما لو زعم أن بعض اقسام الاخفات جهر فاكتفى به في المغرب مثلا ولا بين الاخلال بما وجب فيه الاخفات بالأصالة أو العارض المأمومية كما في المأموم المسبوق كما تقدم تحقيق ذلك كله في مبحث القراءة في شرح قول المصنف ان خافت في موضع الجهر أو عكس جاهلا أو ناسيا لم يعد وقد تعرضنا هناك لدفع اشكال الدور الوارد في المقام الذي تقدمت الإشارة إليه والى دفعه انفا فراجع ولو جهل غصبيته الثوب الذي يصلي فيه أو المكان أو نسي غصبيتهما أو جهل نجاسة الثوب أو البدن أو موضع السجود صحت صلاته فلا قضاء ولا إعادة وقد تقدم تحقيق ذلك كله فيما سبق اما مسألة الجهل بنجاسة موضع الجبهة فقد شرحنا حالها في مبحث مكان المصلي ونبهنا على قصور ما دل على شرطية طهارة المسجد عن إفادتها في غير حال العلم والالتفات واما مسألة الجهل بنجاسة الثوب والبدن فقد استقصينا الكلام في شرحها في احكام النجاسات من كتاب الطهارة واما مسألة جاهل الغصبية وناسيها ففي لباس المصلي ولا يعذر الجاهل بالحكم في شئ من ذلك نعم قد يتجه معذوريته في مسألة الغصب لو كان عن قصور كما يظهر وجهه مما مر فلاحظ وتدبر فروع الأول إذا توضأ بماء مغصوب مع العلم بالغصبية وصلى أعاد الطهارة والصلاة إذ لا صلاة الا بطهور ولا يحصل الطهارة بالوضوء بماء مغصوب تنجز في حقه التكليف بالاجتناب عنه كما عرفته في مبحث التيمم واما لو جهل غصبيته أو نسيها لم يعد إحديهما كما يظهر وجهه بالتدبر فيما أسلفناه في المبحث المشار إليه وفيما حققناه في مبحث لباس المصلي فراجع الثاني إذا لم يعلم أن الجلد ميتة وصلى فيه ثم علم لم يعد إذا كان في يد مسلم أو شراء من سوق المسلمين فان يد المسلم وسوق المسلمين امارة معتبرة شرعا للتذكية كما عرفته في محله وانكشاف مخالفتها للواقع بعد الفراغ من الصلاة غير ضائر إذ الطهارة الخبثية المعتبرة في الصلاة أعم من الطهارة الواقعية والطهارة الظاهرية التي اقتضتها الأصول و القواعد الظاهرية كما يفصح عن ذلك التعليل الواقع في صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له أصاب ثوبي دم رعاف إلى أن قال فإن لم أكن رأيت موضعه وعلمت انه اصابه فطلبته فلم أقدر عليه فلما ان صليت وجدته قال تغسله وتعيد الصلاة قلت فان ظننت انه قد اصابه ولم أتيقن ذلك فنظرت فلم أر فيه شيئا ثم صليت فرأيت قال تغسله ولا تعيد الصلاة قلت لم ذلك قال لأنك كنت على يقين من طهارتك ثم شككت فليس ينبغي لك ان تنقض اليقين بالشك ابدا الحديث إذ لو لم تكن الطهارة الظاهرية كافية في صحة الصلاة في الواقع لم يكن يحسن تعليل نفي الإعادة بعد انكشاف الخلاف بكونه حال الصلاة مكلفا بعدم نقض اليقين بالشك كما لا يخفى ويؤيده أيضا المستفيضة الامرة بالصلاة فيما يشتري من سوق المسلمين ما لم يعلم أنه ميتة ففي بعضها قال اشتر وصل فيها حتى تعلم أنه ميتة بعينه وفي بعضها التوبيخ عن المسألة وفي جملة منها الاستشهاد بفعلهم عليهم السلام وهذه الروايات وان كانت مسوقة لبيان كون سوق المسلمين ويدهم امارة معتبرة
(٥٣٠)