صالح لمعارضها عدى للروايات المزبورة التي عرفت حالها ولكن قد تحمل اخبار أهل مكة ونظائرها مما دل بظاهره على تحتم التقصير على مريد الرجوع لغير يومه على التخيير لما عن ظاهر غير واحد كالسرائر والأمالي والمختلف وبعض رسائل الشهيد الثاني من دعوى الاجماع على عدم تعين التقصير المعتضدة بالشهرة المحققة وربما علل أيضا بالجمع بين هذه الأخبار وبين ما دل بظاهره على تعين الاتمام وأورد على هذا الجمع بأنه ان حصل التكافؤ بينها وبين ما دل على تعين التمام مع في لرجوع ليومه كان اللازم الرجوع إلى عمومات اخبار التحديد بالثمانية الذهابية ولو حصل التعارض معها أيضا وجب الرجوع إلى اصالة التمام لا اخراج جميع المعارضات عن ظاهرها بحملها على الوجوب التخيرى بل لو لم يكن هناك هناك أصل أو عموم يرجع إليه كان اللازم الاخذ بأحدهما تخيير الا اخراجهما عن ظاهرهما لما تقرر في محله من أن الجمع إذا كان بإخراج طرفي التعارض عن ظاهرهما من دون شهادة ثالث كان الطرح أولى واما الشهرة وحكاية الاجماع فان صلحت للاستناد أو الترجيح كان اللازم طرح اخبار أهل مكة انتهى أقول أولوية الطرح من الجمع المستلزم لاخراج كل من المتعارضين عن ظاهرهما بلا شاهد خارجي انما هي في الاخبار الظنية الصدور القابلة للطرح وأنت خبير بان الاخبار الامرة بالتقصير لغير مريد الرجوع ليومه لتظافرها وتكاثرها لا يتطرق إليها بالنظر إلى مجموعها احتمال في لصدور فصدور شئ ههنا اجمالا مما لا مجال للارتياب فيه فلا يجوز طرحها رأسا القدر المتيقن من مفادها جواز التقصير وظاهرها تعينه وحيث لا يمكن طرح هذه الأخبار من حيث السند وجب جعلها شاهدة على في رادة الظاهر مما دل بظاهره على وجوب الاتمام فما دل بظاهره على ذلك وجب ارتكاب التأويل فيه لا محالة بقرينة تلك الأخبار سواء أريد من تلك الأخبار الوجوب أم الجواز واما تلك الأخبار فان أمكن الاخذ بظاهرها من الوجوب العيني بان لم يلزم منه مخالفة اجماع و نحوه وجب والا تعين ارتكاب التأويل فيها أيضا بالحمل على الوجوب التخييري فما قيل من أن الشهرة وحكاية الاجماع ان صلحت للاستناد أو الترجيح كان اللازم طرح اخبار أهل مكة لا يخلو من نظر لما عرفت من أن اخبار أهل مكة غير قابلة للطرح بل للتأويل فتلخص مما ذكر ان القول يتحتم التقصير أوفق بما يقتضيه الجمع بين الاخبار ولكن لو تعذر ذلك بمخالفة لاجماع ونحوه اتجه الالتزام بالتخيير بل قد يتجه الالتزام بالتخيير بملاحظة نفس الاخبار من حيث هي كما اعترف به غير واحد نظرا إلى عموم الابتلاء بالسفر الذي هو أقل من ثمانية فراسخ فلو كان التقصير واجبا على من ذهب بريد أو رجع قبل العشرة كما هو الغالب في موارده للزم من تحديد ما يجب فيه التقصير بمسيرة يوم أو بياض يوم أو بريدين أو غير ذلك مما كان ظاهره إرادة الامتدادية كما ورد في كثير من الاخبار بحيث لا يكاد يخطر بذهن السامع إرادة الأعم من الملفقة ايقاع المكلف في مخالفة تكليفه الواقعي في الحكم الذي يعم به البلوى وهو قبيح اللهم الا ان يكون ذلك لحكمة مقتضية لاظهار خلاف الواقع أو يكون تلك الأخبار محفوفة بقرائن حالية أو مقالية مرشدة لإرادة الأعم وليس شئ من هذه الاحتمالات بأقوى من احتمال إرادة الرخصة أو الوجوب التخييري من الروايات الامرة بالتقصير بل لعل هذا الاحتمال أقوى خصوصا بعد اعتضاده بالشهرة والاجماعات المحكية على عدم تحتم التقصير وبصحيحة عمران بن محمد المتقدمة الامرة بالاتمام في ضيعته التي هي على خمسة عشر ميلا والتقصير في طريقه بالتقريب الذي عرفته فيما سبق فالانصاف ان القول به ليس بالبعيد خصوصا لغير مريد الرجوع ليومه ولا ينافيه ما في اخبار عرفات من المبالغة في الانكار على أهل مكة والدعاء عليهم بالويل حيث أتموا في عرفات لامكان ان يكون ذلك لالتزامهم بالاتمام ورغبتهم عن سنة النبي صلى الله عليه وآله كما أشير إليه في صحيحة زرارة الطويلة المتقدمة فليتأمل وربما يؤيده أيضا بالنسبة إلى مريد الرجوع لغير يومه ما عن الفقه الرضوي من أنه قال فيه فإن كان سفرك بريدا واحدا واردت ان ترجع من ذلك قصرت لان ذهابك ومجيئك بريدان إلى أن قال فإن لم ترد الرجوع ليومك فأنت بالخيار ان شئت تممت وان شئت قصرت ولو تردد يوما في ثلاثة فراسخ مثلا ذاهبا وجائيا وعائدا لم يجز له القصر وان كان ذلك من نيته سواء وصل في تردده إلى حيث يسمع الاذان ويرى الجدران أم لا اما الأول فواضح لانقطاع المسافة ح فلا مجال للارتياب فيه بل وكذا الثاني إذ لم يشرع التقصير في السفر الذي هو أقل من بريدين أو بريد ذاهبا وبريد جائيا كما شهدت بذلك النصوص المتقدمة على كثرتها مع ما في بعضها من التصريح بعدم مشروعية التقصير فيما دون ذلك وما في موثقة ابن مسلم من التعليل بشغل اليوم انما هو بيان لبلوغ سفره إلى الحد الذي وجب فيه التقصير لا كونه بنفسه موجبا للقصر ولو لم يكن حدا لسفره كما لو تردد في نصف ميل أو ربع ميل مثلا حول بلده مأة مرة ذاهبا وجائيا كما هو واضح فما عن العلامة من الحكم بالتقصير لمن لم يصل في تردده إلى محل الترخص على اشكال ضعيف ولو كان لبلد طريقان والأبعد منهما مسافة فسلك الا بعد قصر وان كان سلوكه له ميلا إلى الرخصة لاطلاق الأدلة أو عمومها خلافا للمحكى عن القاضي فأوجب التمام على من كان سلوكه ميلا إلى الرخصة لكونه كاللاهي بسفره وفيه ما لا يخفى ضرورة ان هذا القصد لا يجعل سفره سفر لهو حتى فيما لو لم يكن له داع إلى أصل السفر الا الميل إلى الرخصة فضلا عما لو كان هذا القصد داعيا له إلى اختيار ابعد الطريقين إذ كثيرا ما يتعلق غرض صحيح عقلائي بنفس الرخصة في قصر الصلاة و ترك الصيام كما ربما يتفق ذلك في شهر رمضان لمن يشق عليه الصيام أو يخاف من ضرره أو يقصد التخلص من صوم يوم بظن كونه عيدا فيختار السفر لأجله و الحاصل ان اختيار ابعد الطريقين ميلا إلى الرخصة لا يجعل السفر سفر لهو ولا محرما جزما كي يخصص به عمومات أدلة التقصير ولو سلك الأقرب وكان دون الأربعة أو كان أربعة ولكن لم يقصد الرجوع ليومه بناء على اعتباره في القصر لم يقصر وان رجع من الابعد ولو ليومه لما ستعرف من اعتبار كون المسافة مقصودة له من أول خروجه واما لو كان قصده الرجوع من الابعد من أول خروجه ففي الجواهر قال فلا يبعد في لقصر أيضا اقتصارا في المعتبر من التلفيق على المتيقن منه وهو البريد الذهابي دون غيره فيبقى على اصالة التمام وقال شيخنا المرتضى ره ولو سلك الأقرب وكان أربعة وأراد الرجوع ليومه قصر و ان لم يكن أربعة أتم وان قصد الرجوع بالأبعد ليومه بناء على المشهور من عدم كفاية التلفيق ما لم يبلغ الذهاب أربعة بل حكى دعوى الاجماع عليه فان تم
(٧٢٩)