أو علل مبطليته بذلك الالتزام باختصاص مبطليته بالأولى فالالتزام بكون كل فعل خارجي من شانه ان يخرج به المصلي عن كونه مصليا على تقدير وقوعه في الأثناء اي الفعل المعتد به في العرف مبطلا مطلقا أوفق بظواهر كلماتهم في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم المحكية مع أنه أحوط ثم إن ما يقع في الأثناء مما يخرج به المصلي عن كونه مصليا عرفا أيضا يقع على قسمين لأنه قد يصل من الكثرة أو طول المدة إلى حد يخرج به الأجزاء السابقة عرفا عن صلاحية انضمام اللاحقة بها بمعنى انه يفوت به المتابعة العرفية المعتبرة في انضمام الجزء اللاحق بسابقة بحيث صدق على المجموع كونه عملا واحدا في العرف وقد لا يصل إلى هذه الحد مالا يصل إلى هذا الحد فالظاهر اختصاص مبطليته بحال العمد لانحصار مستنده فيما ذكر وهو قاصر عن شمول حال السهو كما تقدمت الإشارة إليه واما ما يخل بالتوالي بالمعنى المزبور فالأظهر كونه مبطلا مطلقا إذا المتبادر عرفا من الامر بمثل الصلاة ونحوها من الافعال المركبة إرادة الاتيان باجزائها متوالية على وجه يعد مجموعها عرفا عملا واحدا كما تقدمت التنبيه عليه في مبحث التيمم ولعل ما في العبارة المتقدمة عن الروضة من التفصيل بين الفعل الكثير الغير الماحي للصلاة والماحي لها باختصاص مبطلية الأول بالعمد دون الثاني مرجعه إلى ما قويناه بإرادة انقطاع علاقة الارتباط عرفا من محو الصورة والا فمع انه لا دليل عليه مما لا يكاد يرجع إلى محصل فإنه ان أريد بصورة الصلاة الصورة المتعارفة عندنا فلا دليل على اعتبارها في مهية الصلاة في حال العمد أيضا فضلا عن السهو بل كثير من الافعال التي ورد النص بجوازها حتى قراءة القرآن من المصحف خصوصا إذا كان عن جلوس يخل بهيئتها المتعارفة لدينا وان أريد بها صورتها الشرعية فلا طريق لنا إلى العلم بها وبمحوها الا من طريق السمع ولا يصح ان يكون العرف مرجعا في تشخيصها كما أوضحناه في مبحث التيمم فالالتزام بان للصلاة صورة معتبرة شرعا وراء الاتيان باجزائها جامعة للشرائط المعتبرة فيها مستقبلا للقبلة من حين التلبس به إلى اخرها غير منصرف عنها في الأثناء بسلام أو كلام أو غير ذلك مما دلت الأدلة الشرعية على حصول الانصراف بها يحتاج إلى دليل والا فمقتضى الأصل عدمه وبما ذكرنا يظهر ان ما جعله غير واحد من المتأخرين مناطا لمبطلية الفعل الكثير من كونه ماحيا لصورة الصلاة لا يخلو من نظر فليتأمل ومنها البكاء لشئ من أمور الدنيا من ذهاب مال أو فوت عزيز فان تعمده مبطل للصلاة على المشهور بل في الحدائق ان هذا الحكم ذكره الشيخ ومن تأخر عنه وظاهرهم عدم الخلاف فيه وفي الجواهر حكى عن بعض نفي الخلاف فيه صريحا وعن التذكرة نسبة إلى علمائنا واستدلوا عليه بأنه فعل خارجي عن حقيقة الصلاة فيكون قاطعا لها كالكلام وبما رواه الشيخ في التهذيب بأسناده عن النعمان بن عبد السلام عن أبي حنيفة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن البكاء في الصلاة أيقطع الصلاة فقال إن بكى لذكر جنة أو نار فذلك هو أفضل الأعمال في الصلاة وان ذكر ميتا له فصلاته فاسدة ولعل هذا الخبر هو المراد بما عن الصدوق وفي الفقيه مرسلا قال وروي ان البكاء على الميت يقطع الصلاة والبكاء لذكر الجنة والنار من أفضل الأعمال في الصلاة وفي المدارك ناقش في الدليل الأول بأنه قياس محض وفي الثاني يضعف السند ثم قال فيشكل الاسناد إليها في اثبات حكم مخالف للأصل ومن ثم توقف في هذا الحكم شيخنا المعاصر وهو في محله انتهى أقول اما الخدشة في الدليل الأول ففي محلها واما الرواية فضعفها مجبور باشتهارها بين الأصحاب واستنادهم إليها فلا ينبغي التردد في الحكم مع عدم معروفية الخلاف فيه ثم إن ظاهر المتن وغيره بل في الجواهر نسبة إلى المشهور من غير التصريح بخلافه عن أحد اختصاصه بغير حال السهو فلعل وجه كون صورة السهو فرضا نادرا خارجا عن منصرف النص كما لا يخفى واما المغلوب عليه قهرا فعن كثير منهم التصريح بالبطلان بل لم ينقل الخلاف فيه عن أحد لاطلاق النص والفتوى مع اعتضاده بثبوت ذلك في نظائره من الضحك وغيره ودعوى انصراف النص إلى البكاء الاختياري ممنوعة حتى في الكباء لذكر جنة أو نار الذي حكم بأنه من أفضل الأعمال فإنه ذاتا كذلك واختياره اختيار لما هو الأفضل لا انه يصير كذلك على تقدير كونه اختياريا ولا ينافيه حديث رفع ما اضطروا عليه لما أشرنا إليه في نظائر المقام من أنه لا حكومة لهذا الحديث على اطلاقات أدلة القواطع فما عن الروضة وغيره من التردد فيه في غير محله ثم إن سوق التعبير في النص يشهد بإرادة التمثيل من قوله ان بكى لذكر جنة أو نار (الخ) فأريد به بيان حكم مطلق البكاء وانه ان كان من هذا القبيل اي لامر أخروي فهو من أفضل الأعمال في الصلاة وان كان لامر دنيوي يقطع الصلاة كما يؤيد ذلك فهم الأصحاب وفتواهم ولا يتفاوت الحال في البكاء على الامر الدنيوي بين ان يكون ذلك من قبيل فوات المحبوب أو حصول المكروه فما في كلمات غير واحد منهم من تخصيص الأول بالذكر جار مجرى التمثيل كما لا يخفى وليس البكاء لامر دنيوي يطلبه من الله تعالى كسعة الرزق أو كثرة المال أو الولد ونحوه من هذا القسم بل من القسم الأول الذي هو من أفضل الأعمال الغير المنافية للصلاة إذ لا يفهم من المثال إرادة ما يعم مثل الفرض خصوصا بعد الالتفات إلى ما ورد في الأخبار من الحث على البكاء حال الدعاء مثل خبر علي بنا بي حمزة قال قال أبو عبد الله لأبي بصير إذا خفت امرا يكون أو حاجة تريدها فابدء بالله فمجده واثن عليه كما هو أهله وصل على النبي (ص) واسأل حاجتك وتباك ولو مثل رأس الذباب ان أبي كان يقول أقرب ما يكون العبد من الرب عز وجل وهو ساجد باك بل يمكن استفادة نفي البأس عنه بل رجحانه من اطلاق الأخبار الواردة في الحث على ابكاء في الصلاة كخبر منصور بن يونس انه سأل الصادق (ع) عن الرجل يتباكى في الصلاة المفروضة حيت يبكى قال قرة عين والله وقال إذا كان ذلك (فاذكرني) عنده ورواية سعيد بياع السابري قال قلت لأبي عبد الله (ع) أيتباكى الرجل في الصلاة قفال بخ بخ ولو مثل رأس الذباب إذا المتبادر من مثل هذه الأخبار إرادة البكاء في الصلاة على حسب ما يناسبه أحوالها فيعم الكباء حال القنوت وغيره على ما يطلبه من الله تعالى من امر اخرته ودنياه وكيف كان فهذا مما لا ينبغي الارتياب فيه بل لا يبعد ان يكون البكاء على الحسين عليه السلام أيضا ملحقا بالقسم الأول وان كان مندرجا في هذا القسم موضوعا فان قوله (ع) فان
(٤١٣)