من تلك الجماعة التي سلم عليهم وكون الرد واجبا عليهم أو غير واجب لا مدخلية له فيما يتبادر من هذين الخبرين وقد بني جماعة من الأصحاب ذلك على شرعية عبادة وفيه نظر إذ لا يعتبر في رد السلام قصد القربة ووقوعه على وجه العبادة فالعبرة بصدق اسم رد السلام وشمول ما دل على سقوط الواجب بفعله وعدم كون الفعل واجبا عليه بل ولا مستحبا غير مناف لكونه مسقطا للواجب بل لو كان الدليل الحاكم باطلاقه شاملا لغير المقصودين بالسلام أيضا لكنا نلتزم به كغيره من الواجبات الكفائية التي لم يتعلق الغرض بخصوصيات الاشخاص ولا خصوص المكلفين فالذي يصلح ان يكون مستندا للقول بعدم الكفاية انما هي دعوى الانصراف التي عرفت منعها على مدعية نعم من لا يعتمد على مثل هذه الأخبار ويرى مستند الحكم منحصرا بالاجماع وجب عليه الالتزام بعدم سقوطه برد الصبي سواء التزم بشرعية أم لا لخروجه عن مورد الاجماع ومخالفته للأصل كما لا يخفى الثالث صرح غير واحد بوجوب اسماع الجواب تحقيقا أو تقديرا بل عن الذخيرة لم أجد أحدا صرح بخلافه في غير حال الصلاة وفي الجواهر قال لا أجد فيه خلافا الامر المقدس الأردبيلي أقول بل الظاهر اعتبار الاسماع تحقيقا أو تقديرا في السلام أيضا فلا يجب رده بدونه ولكن لم أجد التعرض له صريحا في كلماتهم ولكنه قد يلوح ذلك من بعض كلماتهم مثل ما قيل في مقام الاستدلال لوجوب السماع في الرد بأنه لا يصدق التحية ولا الرد عرفا بدونه وبخبري ابن القداح وعبد الله بن الفضل الآتيين الواردين في كليهما وربما يشعر به أيضا تعليق وجوب الرد في عبارة العلامة الآتية بسماع النداء إلى غير ذلك من التلويحات الواقعة في كلماتهم وكيف كان فالظاهر اعتبار الاسماع في كل من السلام والجواب إذا الظاهر صحة ما قيل من عدم صدق التحية والرد عرفا بدونه ولا أقل من انصراف الآية ونحوها عن التحية الغير الواصلة إليه والرد الذي هو كذلك وربما يؤيده أيضا حكمة تعارف السلام التي أشير إليها في خبر عبد الله بن الفضل المروي عن كتاب معاني الأخبار للصدوق وقال سألت أبا عبد الله (ع) عن معنى التسليم في الصلاة قال التسليم علامة الامر و تحليل الصلاة قلت وكيف ذلك جعلت فداك قال كان الناس فيما مضى إذا سلم عليهم وارد امنوا شره وكانوا إذا ردوا عليه امن شرهم وإذا لم يسلم عليهم لم يأمنوه وإذا لم يردوا عليه لم يأمنهم وذلك خلق في العرب الحديث ويؤيده أيضا خبر ابن القداح عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا سلم أحدكم فليجهر بسلامه ولا يقول سلمت ولم يردوا على ولعله يكون قد سلم ولم يسمعهم وإذا رد أحدكم فليجهر برده ولا يقول المسلم سلمت فلم يردوا على ثم قال كان علي يقول لا تغضبوا ولا تغضبوا افشوا السلام واطيبوا الكلام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ثم تلا قوله تعالى " السلام المؤمن المهيمن " بل قد يستدل بهذين الخبرين على المدعى ولكنه لا يخلو من تأمل وكيف كان فالعمدة ما عرفت فما عن المحقق الأردبيلي من التردد في وجوب اسماع الرد كأنه في غير محله نعم قد يقال بذلك في حال الصلاة لبعض الأخبار الآتية التي سيأتي التعرض لها انشاء الله ولا فرق في وجوب الرد والسماع بين كون المسلم حاضرا أو من وراء ستر أو حائط ونحوه الاطلاق ما دل عليه قال العلامة في محكي التذكرة لو ناداه من وراء ستر أو حائط فقال السلام عليك أو كتب وسلم فيه أو ارسل رسولا فقال سلم على فلان فبلغه الكتاب والرسالة قال بعض الشافعية يجب عليه الجواب والوجه انه ان سمع النداء وجب والا فلا وهو جيد لعدم صدق التحية والسلام عرفا على الكتابة ونقل السلام نعم ينبغي ان يقول في جواب من بلغه الرسالة مثل ما قال الصادق عليه السلام في خبر أبي كهمس قال قلت للصادق عليه السلام عبد الله بن يعفور يقرئك السلام فقال عليك وعليه السلام إذا اتيت عبد الله بن يعفور فاقرأه السلام وقل له الحديث تأسيا بالامام عليه السلام الرابع لو سلم جماعة على واحد فالظاهر كفاية صيغة واحدة في رد الجميع بلفظ الجمع فإنه يصدق عليه عرفا ولغة رد تحية الجميع بالمثل أو الأحسن الخامس ما يصدر من الأخرس في مقام التحية هل يجب رده وما يصدر منه في مقام الجواب هل يكتفي به في سقوط التكليف عن الغير ظاهر المحكي عن التذكرة ذلك حيث قال على ما حكى عنه وسلام الأخرس بالإشارة معتد به وكذا رده السلام وهو لا يخلو من اشكال فان إشارته وان كان عرفا قائما مقام لفظه لكن تحقق موضوع التحية والسلام حقيقة بذلك بحيث يندرج في موضوع الآية لا يخلو من تأمل وسبيل الاحتياط في غير حال الصلاة غير خفي واما في حال الصلاة فستعرف ما يقتضيه الاحتياط في مثل هذه المواضع ثم إن ما ذكرناه من صدر المبحث انما هو فيما يتعلق بالسلام ورده من حيث هو لا بالمقايسة إلى حال الصلاة واما في حال الصلاة فلا يجوز السلام على الغير ابتداء قاصدا به التحية جزما لأنه كلام مبطل واما لو قصد به الدعاء محضا بان استعمله بمعنى سلمك الله أو سلام الله عليك قاصدا به محض الدعاء فهو أيضا كذلك على الأشبه إذا أريد به الخطاب حقيقة والمكالمة معه بالدعاء له نعم لو اخرج الخطاب عن حقيقته وجعله مناجاة مع الرب بمنزلة ما لو قال اللهم سلم فلانا أو سلام الله عليه جاز بلا شبهة كما تقدم التنبيه عليه في مسألة تسميت العاطس فراجع واما جواب السلام فيجوز في الجملة بل يجب بلا خلاف فيه بينا على الظاهر أو التعبير بالجواز في عبائر كثير منهم كالمصنف (ره) وغيره وارد في قيام بيان عدم كونه منافيا للصلاة فمعنى يجوز في كلماتهم انه ليس بمبطل للصلاة واما حكمه من حيث هو فهو موكول إلى ما بينوه في محله نظير ما قد يقال يجوز سجود التلاوة في النافلة دون الفريضة كما لا يخفى وكيف كان فلا شبهة في الحكم بالمعتبرة المستفيضة الدالة عليه منها موثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يسلم عليه وهو في الصلاة قال يرد بقول سلام عليكم ولا يقول وعليكم السلام فان رسول الله صلى الله عليه وآله كان قائما يصلي فمر عمار بن ياسر فسلم عليه فرد عليه النبي صلى الله عليه وآله هكذا وسوق الخبر يشهد بان المقصود من الامر بالرد بصيغة سلام عليكم وهو ان لا يقول وعليكم السلام كما هو المتعارف في رد السلام في غير حال الصلاة ولا وجوب هذه الصيغة بعينها حتى يتحقق التنافي بينه وبين غيره مما ستعرف وصحيحة محمد بن مسلم انه سأل أبا جعفر (ع) عن الرجل يسلم على القوم في الصلاة فقال إذا سلم عليك مسلم وأنت في الصلاة فسلم عليه تقول السلام عليك واشر بإصبعك وظاهر هذه الرواية كسابقتها اعتبار وقوع الرد في الصلاة بصيغة السلام وقوله (ع) تقول السلام عليك
(٤٢٤)