كما نسب إلى الأكثر بل عن الذكرى انه المشهور أم لا يجب كما عن غير واحد منهم الشيخ في المبسوط والمصنف في المعتبر والنافع فيه تردد وان كان الأول أحوط بل لا يخلو من قوة إذ المقصود بشرع الخطبة انما هو الوعظ والانذار وغير ذلك من الحكم التي وقع التنبيه عليها في خبر العلل وغيره بل لا ينبغي الارتياب في أنه لو اشتغل الحاضرون بأسرهم بسائر شؤنهم ولم يلتفتوا إلى قول من يخطب بهم أصلا أو جعلوا أصابعهم في اذانهم لكان ذلك مخالفا لما هو المقصود بشرعها بل المتبادر من الامر بان يعظهم ويخطب بهم انما هو ارادته على النهج المتعارف المعهود وكذا المتبادر من تكليف الناس بحضور الخطبة و الوعظ والقراءة والتعزية ونحوها ليس الا إرادة الاستماع لا مجرد حضوره تبعدا وربما يؤيده أيضا ما عن دعايم الاسلام مرسلا عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال يستقبل الناس الامام بوجوههم ويصغون إليه وما روي في قوله تعالى وإذا قرء القران فاستمعوا له وانصتوا انها وردت في الخطبة وسميت قرانا لاشتمالها عليه ولا ينافيه ورود اخبار أخرى في تفسيرها بخلافه فإن هذه الرواية أيضا كإحدى تلك الروايات التي اختلف بعضها مع بعض فلا بد من توجيهها ببعض التوجيهات التي يتوجه بها اختلاف الأخبار الواردة في تفسير القران وكيف كان فهذا أيضا لا يخلو من تأييد واستدل القائل بعدم الوجوب بالأصل وان تخصيص الوجوب بالعدد تخصيص بلا دليل وتعميمه يوجب التكليف بالممتنع ان لم نوجب رفع الصوت على الخطيب بحيث يسمعه الكل وما لا يقولون به ولا دليل على أن أوحيناه مع أنه قد يكون ممتنعا سيما في المدن الكبيرة وفيه ما لا يخفي إذ الأصل مقطوع بما عرفت ووجوب الاستماع مشروط بتمكنه منه بان تيسر له الجلوس إلى موضع يظل إليه صوت الخطيب والحاصل ان المتبادر من أدلة هذا التكليف ان يجتمع الناس في المكان الذي ينعقد فيه الجمعة ويخطب بهم الامام ويعظهم على حسب ما جرت العادة في مثله من حيث الاسماع والاستماع كما ربما يؤيده أيضا الأخبار الآتية الناهية عن التكلم في أثناء الخطبة فإنها تكشف عن أن المقصود بهذا الاجتماع ليس مجرد الحضور بل الاستماع والاتعاظ كما لا يخفي على المتأمل ولكنه مع ذلك لا يخلو من تردد خصوصا بالنسبة إلى الزائد عن العدد المعتبر في الجمعة وان كان الأقوى في الجميع ما عرفت وكذا في حرمة الكلام في أثناء الخطبة على السامعين تردد لكن ليس بمبطل للجمعة حزما بل اجماعا كما عن غير واحد نقله فالخلاف في المقام انما هو في الاثم وعدمه كما صرح به بعض وقد نسب إلى المشهور القول بالحرمة بل عن الخلاف دعوى الاجماع على تحريمه على المستمعين وعن الكافي على المؤتمين وصرح غير واحد بتحريمه على الخطيب أيضا وعلى هذا يتجه الالتزام ببطلان الخطبة لو تكلم الخطيب في أثنائها إذ لا مستند لذلك الا بعض الروايات التي نزلها منزلة الصلاة مثل قوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان في حديث وانما جعلت الجمعة ركعتين من اجل الخطبتين فهي صلاة حتى ينزل الامام والخبر المروي عن دعائم الاسلام مرسلا عن الصادق عليه السلام قال وانما جعلت الخطبة عوضا من الركعتين اللتين أسقطتا من صلاة الظهر فهي كالصلاة لا يحل فيها الا ما يحل في الصلاة وما عن الصدوق مرسلا قال قال أمير المؤمنين لا كلام والامام يخطب ولا التفات الا كما يحل في الصلاة وانما جلعت ركعتين من اجل الخطبتين جعلنا مكان الركعتين الأخيرتين فهما صلاة حتى ينزل الامام ودلالة مثل هذه الأخبار على حرمة الكلام ان سلمت فليس الا من حيث المبطلية والا لم يثبت للكلام في الصلاة حرمة الا من هذه الجهة ولكنك عرفت عند التكلم في شرطية الطهارة للخطبة عدم صلاحية هذه الأخبار لاثبات اعتبار شرائط الصلاة للخطبتين فراجع فمقتضى الأصل جواز التكلم للخطيب بما لا يخل بصورة الخطبتين والتوالي المعتبر بين ابعاضها واما السامعون فيدل على منعهم عن الكلام في أثناء الخطبة جملة من الروايات منها مرسلة الصدوق والمتقدمة و خبر الحسين بن زيد عن الصادق (ع) عن ابائه عليهم السلام في حديث المناهي قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن الكلام يوم الجمعة والامام يخطب فمن فعل ذلك فقد لغى ومن لغى فلا جمعة له وخبر أبي البختري المروي عن قرب الإسناد عن جعفر (ع) عن أبيه (ع) ان عليا (ع) كان يكره الكلام يوم الجمعة والامام يخطب وفي الفطر والأضحى و الاستسقاء وعنه أيضا عن علي (ع) انه كان يكره رد السلام والامام يخطب والنبوي إذا قلت لصاحبك انصت والامام يخطب فقد لغوت و عن دعائم الاسلام مرسلا عن الصادق (ع) إذا قام الامام يخطب فقد وجب على الناس الصمت ولا يخفى عليك ان جل هذه الأخبار مع ما في جميعها من ضعف السند مشعرة أو ظاهرة في الكراهة وربما يشهد للكراهة أيضا صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال إذا خطب الامام يوم الجمعة فلا ينبغي لاحد ان يتكلم حيت يفرغ الامام من خطبة فإذا فرغ الامام من الخطبتين تكلم ما بينه وبين ان يقام الصلاة فان سمع القراءة أو لم يسمع أجزأه ولا يصلح لمعارضتها بعض الأخبار المتقدمة التي يظهر منها الحرمة كالمرسلة الأولى والأخيرة لا لمجرد ضعف سندهما كي يدعي انجباره بالشهرة بل لأن ظهور هذه الصحيحة في الكراهة أقوى فالقول بالكراهة أشبه نعم لو اثر في منعه أو منع الغير من الاستماع الذي قوينا وجوبه اتجه الالتزام بحرمته لذلك لامن حيث هو كما لا يخفي الخامسة يعتبر في امام الجمعة كمال العقل والايمان والعدالة وطهارة المولد والذكورة كما تسمع الكلام فيه مفصلا في الجماعة انشاء الله إذا الظاهر في لفرق بين الجمعة وغيرها في ذلك نعم ستعرف قوة القول بجواز امامة النساء بعضهن ببعض لا للرجال ولا المختلطين الا انك قد عرفت عدم انعقاد الجمعة بهن فلا يجوز إمامتهن فيها (ح) بحال وهذا الكلام في الصبي لو قلنا بجواز إمامته لمثله كما هو واضح ويجوز ان يكون عبدا كما في غير الجمعة حسب ما تعرفه في مبحث الجماعة إذ لا مقتضي للمنع عنه في خصوص المقام وعدم وجوب الجمعة عليه غير مقتضية لذلك حتى على القول بعدم انعقاد الجمعة به بعد ان عرفت صحتها منه ولذا لم يتردد المصنف هيهنا مع تردده في انعقاد الجمعة به وهل يجوز ان يكون أبرص أو أجذم فيه تردد و الأشبه الجواز فيها وفي غيرها كما يأتي تحقيقه انشاء الله في مبحث الجماعة وعلى القول بالمنع أيضا المتجه في لفرق بين الجمعة وغيرها لاطلاق أدلته وربما
(٤٥٧)