بل التعرض لبيان محلهما وانهما في الجمعة قبل الصلاة وفي العيدين بعدهما كما في خبر الفضل المروي عن العلل والعيون عن الرضا (ع) قال انما جعلت الخطبة يوم الجمعة في أول الصلاة وجعلت في العيدين بعد الصلاة لأن الجمعة امرا دايم إذا كثر على الناس ملوا وتفرقوا والعيد انما هو في السنة مرتين والناس فيه ارغب إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة التي لا يهمنا التعرض لنقلها واستقصاء الكلام فيها بعد البناء على عدم وجوب أصل الصلاة فضلا عن الخطبتين في زمان الغيبة واما كيفية الخطبتين فهي كما في الجمعة وفي محكى المعتبر عليه العلماء لا اعرف فيه خلافا الا ان الأولى المحافظة على المأثور و قد تعرض في الجواهر لنقل خطبتي أمير المؤمنين (ع) في الفطر والأضحى المرويتين عن الفقيه بطولهما من أرادهما فليراجع وقد ظهر مما مر انه تجب هذه الصلاة جماعة مع الامام أو منصوبه على كل من تجب عليه الجمعة ولا يجوز التخلف الا مع العذر فيجوز (ح) ان يصلي منفردا ندبا وكذا لو اختلت الشرائط سقط الوجوب واستحب الاتيان بها جماعة وفرادى كما صرح به في المتن وغيره بل ربما نسب إلى الأكثر ففي المدارك قال اما استحباب الاتيان بها جماعة وفرادى والحال هذه فهو اختيار الشيخ وأكثر الأصحاب وقال السيد المرتضى؟ انها تصلى عند فقد الامام واختلال بعض الشرائط على الانفراد ونقل عن أبي الصلاح أنه قال يقبح الجمع فيها مع اختلال الشرط وقال ابن إدريس ليس معنى قول أصحابنا يصلى على الانفراد ان يصلي كل واحد منهم منفردا بل الجماعة أيضا عند انفرادها الشرائط سنة مستحبة بل المراد انفرادها عن الشرائط وهو تأويل بعيد انتهى ما في المدارك ونقل عن ظاهر الصدوق في المقنع وابن أبي عقيل أيضا القول بعدم مشروعية الانفراد فيها مطلقا وعن ظاهر كثير من القدماء وجماعة من المتأخرين وصريحهم القول بأنه عند فقد الامام اختلال بعض الشرائط يصلى منفردا ولا يشرع له الجماعة ندبا واستدل للقول بعد مشروعية الانفراد بصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سئلته عن الصلاة يوم الفطر والأضحى قال ليس صلاة الا مع امام وما شابهها من النصوص المستفيضة الدالة على نفي الصلاة بدون الامام وقول الصادق (ع) في خبر هارون بن حمزة الغنوي الخروج يوم الفطر ويوم الأضحى إلى الجبانة حسن لمن استطاع الخروج إليها قال أرأيت ان كان مريضا لا يستطيع ان يخرج أيصلي في بيته قال لا وفيه انه لا بد من حمل هذه الأخبار ونظائرها على نفي الوجوب أو تقييد ما عدى الأخيرة منها بصورة التمكن من الصلاة مع الامام جمعا بينها وبين النصوص الآتية التي هي نص في الجواز واستدل لاستحباب الاتيان بها فرادى لدى اختلال شرائط الوجوب بصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل وليتطيب بما وجد وليصل وحده كما يصلى في الجماعة ورواية منصور عن أبي عبد الله (ع) قال مرض أبي (ع) يوم الأضحى فصلى في بيته ركعتين ثم ضحى وقوله (ع) في موثقة سماعة المتقدمة لا باس ان تصلي وحدك ولا صلاة الا مع امام وهذه الموثقة بنفسها شاهدة على أن المراد بنفي الصلاة بدون امام الوارد في الروايات المستفيضة معنى لا ينافيه نفي البأس عن أن يصلى بوحده حيث لا امام كما أنه يستفاد منها بضميمة صدرها ان المراد بالامام المذكور فيها هو الامام المنصوب كما عرفته فيما تقدم ورواية الحلبي قال سئل أبو عبد الله (ع) عن الرجل لا يخرج في يوم الفطر والأضحى عليه صلاة وحده قال نعم وما رواه الشيخ باسناده عن عبد الله بن المغيرة عن بعض أصحابنا قال سئلت أبا عبد الله (ع) صلاة الفطر والأضحى قال صليهما ركعتين في جماعة وغير جماعة وكبر سبعا وخمسا والمروي عن اقبال السيد ابن طاوس عن محمد بن أبي قرة باسناده عن الصادق (ع) انه سئل عن صلاة الأضحى والفطر فقال صلهما ركعتين في جماعة و غير جماعة وما في هذه الأخبار من الامر بفعلها وحده محمول على الاستحباب بقرينة غيرها من الروايات الدالة على شرطية حضور الامام والاجتماع للوجوب كما عرفت مضافا إلى في لخلاف فيه على الظاهر ومما يؤيد أيضا مشروعية الاتيان بها منفردا في الجملة المستفيضة الآتية الواردة في كيفية صلاة العيدين المشتملة على الامر بالقراءة وغيرها المشعرة بكون صلاة العيدين المطلوبة من كل أحد أولا وبالذات هي فعلها بهذه (الكيفية التي هي وظيفة من يستقل بصلاته من غير إشارة في شئ منها بكون هذه) الكيفية وظيفة للامام لا غير فليتأمل واما الاتيان بها جماعة ندبا فقد استدل عليه قطب الدين الراوندي على ما نقل عنه بعمل جمهور الإمامية فقال فيما حكى عنه ما لفظه من أصحابنا من ينكر الجماعة في صلاة العيد سنة بلا خطبة لكن جمهور الإمامية يصلون هاتين الصلاتين جماعة وعملهم حجة وعن الحلي صريحا دعوى الاجماع عليه وعن ظاهر المختلف أيضا ادعائه ولعل مثل هذه الدعاوي كاف في اثبات مثله من باب المسامحة واستدل عليه أيضا بعموم قوله (ع) في صحيحة الحلبي المتقدمة إذا كان القوم خمسة أو سبعة فإنهم يجمعون الصلاة كما يصنعون في الجمعة ويمكن الخدشة فيه بأنه لا بد من حمل هذه الصحيحة على الجماعة الواجبة أو تخصيصها بما إذا كان الامام أو منصوبه داخلا فيهم لأن العدد غير معتبر في الجماعة المندوبة على القول بها جزما اللهم الا ان يقال إن تنزيل الرواية على الجماعة الواجبة يستلزم تخصيصها بفرض غير واقع إذ الظاهر أنه لم يكن ينعقد الاجتماع لصلاة العيدين في عصر الصادقين (ع) بإقامة الامام أو منصوبة فيمكن ان يكون النكتة في اعتبار العدد تأكد الاستحباب أو كونه مشوبا بنوع من التقية فليتأمل واستدل أيضا بتقرير الإمام (ع) في موثقة سماعة المتقدمة وفيه ما ستعرف وباطلاق قوله (ع) في مرسلة ابن المغيرة وخبر أبي قرة صلهما ركعتين في جماعة وغير جماعة ونوقش فيه بورود الاطلاق مورد حكم اخر وهو بيان عدد ركعاتها على اي تقدير فلا ينافيه اختصاص شرعية الجماعة بحال الحضور ويمكن رفعه بما تقدمت الإشارة إليه من عدم تيسر الصلاة مع الامام أو منصوبه عادة في عصر الصادق (ع) فيلزم من عدم مشروعية الجماع ندبا عند اختلال الشرائط الوجوب حمل قوله صلهما ركعتين في جماعة على مجرد فرض متعذر الحصول في العادة وهو لا يخلو من بعد فليتأمل واستدل المانعون عن الاتيان بها
(٤٦٦)