على أنهم صلوا أربعا يقول هؤلاء قوموا وهؤلاء اقعدوا والامام مائل مع أحدهما أو معتدل الوهم فما يجب عليهم قال ليس على الامام سهو إذا حفظ عليه من خلفه سهوه باتفاق منهم وليس على من خلف الامام سهو إذا لم يسه الامام ولا سهو في سهو الحديث وعن الكليني عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام نحوه والمراد بالسهو في هذه الأخبار على ما يظهر من سياقها الشك بل وكذا في كلمات الأصحاب والمقصود بهذه القضية على الظاهر أنه لا اثر للشك فيما يوجبه الشك اي في صلاة الاحتياط قال العلامة في محكى المنتهى ومعنى قول العلماء لا سهو في سهو اي لا حكم للسهو في الاحتياط الذي يوجبه السهو كمن شك بين الاثنتين والأربع فإنه يصلي ركعتين احتياطا فلو سهى فيهما ولم يدر صلى واحدة أم ثنتين لم يلتفت إلى ذلك وقيل إن معناه ان من سهى فلم يدر هل سهى أم لا لا يعبأ به ولا يجب عليه شئ والأول أقرب انتهى أقول قد أشرنا إلى أن المتبادر من الاخبار بالنظر إلى سائر الفقرات التي تضمنتها وكذا من كلمات الأصحاب المتعرضين لذكر هذا الحكم بعد بيان الاحتياط انما هو إرادة المعنى المزبور والا فنفس هذه العبارة المشهورة بنفسها عبارة مجملة قابلة لان يراد منها معاني عديدة فإنه يمكن ان يكون المراد بالسهو في كل من الموضعين معناه المتعارف الذي هو عبارة عن نسيان شئ ويمكن ان يراد به الشك في الموضعين وان يراد به مطلق السهو الشامل لكلا المعنيين فيهما وان يراد من السهو الأول بعض هذه المعاني ومن الاخر بعض اخر فيحصل من المجموع تسع صور حاصلة من ضرب الثلاث في الثلاث وعلى كل من هذه التقادير يمكن ان يكون المراد بالسهو الثاني نفسه من دون حذف مضاف وحذفه على أن يكون المراد موجبة بالفتح اي صلاة الاحتياط وسجود السهو واما السهو المنفي فالمراد به اثره لا ذاته لان نفي حقيقته غير مستقيم ولكن أغلب هذه الصور مما لا ينبغي الارتياب في عدم ارادته من النصوص والفتاوي ولكنه ينبغي التعرض لحكمها على حسب ما يقتضيه القواعد فنقول من شك في شك أو سهو بان تردد في أنه هل كان قد شك في السجود مثلا أم لا أو انه هل تركه سهوا أم لا فإن كان بعد التجاوز عن محل ذلك الشئ لا يلتفت إلى شكه ويبني على صحة ما مضى وان كان قبل التجاوز عنه فان وجد نفسه بالفعل شاكا في الاتيان بذلك الشئ تداركه والا فلا اثر لكون ذلك الشئ في السابق مشكوكا ولو مع العلم بكونه كذلك فضلا عن الشك فيه وهكذا الكلام فيما لو علم بحدوث حالة له فيما سبق فشك في كون تلك الحالة ظنا أو شكا فإنه لو كان بعد تجاوز محل ذلك الشئ يمضي في صلاته ولا يلتفت إلى شكه وان كان قبله عمل على حسب ما يجده بالفعل من نفسه من الشك أو الظن ولو علم اجمالا بحدوث شك أو سهو ولكن شك في أن متعلق شكه أو سهوه هل هو هذا الشئ أم ذاك وكان له على كل تقدير اثر عملي كما لو شك في أن المنسي هل هو السجدة أو التشهد مثلا أو ان شكه هل كان بين لاثنتين والأربع أو الثلاث والأربع اندرج في الشك في المكلف به ووجب عليه الاحتياط وان كان على أحد التقديرين شكه بعد تجاوز المحل دون الاخر فبالنسبة إلى ما تجاوز محله لا يلتفت إلى شكه وبالنسبة إلى ما لم يتجاوز عنه يبنى على عدمه فيتداركه ولو لم يكن لشكه على أحد التقديرين اثر عملي كما لو تردد سهوه الذي علمه بالاجمال بين القراءة والركوع بعد ان تجاوز محلهما يمضي في صلاته ولا يعتني بشكه كما تقدمت الإشارة إليه في أوائل المبحث ولو شك في أن شكه الذي كان بين الاثنتين والثلاث مثلا هل كان قبل اكمال السجدتين فتبطل الصلاة أو بعده فتصح فإن كان بعد الفراغ من الاحتياط لا يلتفت إلى شكه وان كان قبل الاحتياط أو في أثناء الصلاة التفت إلى حالته بالفعل وعمل على حسب ما يجده من نفسه من الشك ولا يعتني باحتمال كون شكه حادثا قبل الامكان لأنه من هذه الجهة شك في الشئ بعد التجاوز عنه فليتأمل ومن سهى في شك أو سهو بان غفل عن شكه أو سهوه ولم يرتب اثره عليه كما لو شك في شئ قبل ان يتجاوز محله فغفل عن شكه فمضى في صلاته من غير أن يتدارك ذلك الشئ أو نسي شيئا فذكره قبل ان يتجاوز محل تداركه ثم غفل عن ذلك ومضى فإن كان ذلك الشئ ركنا استأنف الصلاة وكون الاخلال به مشكوكا على التقدير الأول غير مجد بعد ان كان تركه موافقا للأصل وقد تنجز عليه التكليف به وتركه سهوا وان كان ذلك الشئ مما يقضي قضاه بعد الصلاة والا فلا شئ عليه ولا يكاد ينسبق إلى الذهن إرادة شئ من الصور المزبورة من الأخبار المتقدمة كي برفع اليد بها عن مقتضيات القواعد العامة ولو شك فيما أوجبه الشك وهو أمران صلاة الاحتياط وسجود السهو واما وجوب تدارك الجزء الذي يشك فيه قبل فوات محله فهو ليس من موجبات الشك من حيث هو بل من مقتضيات الأمر الأول المنجز عليه بحكم الاستصحاب وقاعدة الاشتغال وكيف كان فالشك في موجب الشك اما في أصل وجوده (كما لو شك في أنه هل صلى الاحتياط أم لا أو في شئ من اجزائه وشرائطه أو في عدد ركعاته اما لو شك في أصل وجوده) فمقتضى الأصل عدم فعله وبقاء التكليف به ولكن قد يشكل ذلك فيما لو حصل هذا الشك بعد حصول المنافي بناء على عدم صحة الاحتياط معه إذ لا يشرع له حينئذ فعل الاحتياط فالتكليف به حينئذ غير باق قطعا وبدونه لا يحصل الجزم بفراغ الذمة عن الفريضة التي توقف القطع بالفراغ منها على فعل الاحتياط اللهم الا ان يقال إن الشك فيه على هذا التقدير شك في الشئ بعد تجاوز محله (فلا يلتفت إليه لان محله) على هذا التقدير بعد فعل الصلاة بلا فصل وقد جاوزه ودخل في غيره أو يقال بشمول قوله عليه السلام ليس على السهو سهوا ولا سهو في سهو لمثله بناء على ما ادعيناه من ظهوره في إرادة نفي اثر الشك فيما أوجبه الشك فهو باطلاقه يعم المقام ولكن يتوجه عليه ان الشك في أصل الوجود خارج عن مصرف اطلاقه كما يشهد لذلك التدبر في سائر الفقرات التي تضمنتها الاخبار واما اندراج المورد في موضوع قاعدة الشك في الشئ بعد تجاوز المحل فلا يخلو من نظر خصوصا مع عدم حصول فصل طويل كما لو احدث بعد التسليم ثم شك في أن هذا التسليم هل كان للاحتياط أو لصلاة الأصل فالأحوط في مثل الفرض ان لم يكن أقوى هو إعادة الصلاة والله العالم واما ان شك في شئ من اجزاء صلاة الاحتياط وشرائطها فمقتضى الأصل وجوب تداركه ما دام في المحل وعدم الاعتناء بالشك بعد التجاوز عنه كغيرها من الصلوات اللهم الا ان يدعى شمول النص له وهو لا يخلو من تأمل لامكان ان يدعى ان المتبادر منها إرادة الشك في عدد ركعاتها
(٥٧٦)