انه جنس لما تكلم به سواء كان على حرف واحد أو أكثر لأن الاطلاق أعم من الحقيقة انتهى وقوله لأن الاطلاق أعم من الحقيقة بحسب الظاهر تضعيف لقول ذلك البعض لا توجيه له كي يتوجه عليه بأنه عدول عن ظاهر اللفظ كما أورد عليه بذلك بعض من تأخر عنه كصاحبي الذخيرة والحدائق فكأنه رأى أن مستند ذلك البعض ليس الا انه قد يطلق ففي العرف على مطلق التلفظ فلو نطق بحرف يصح ان يقال تكلم بهذا الحرف ولا يصح سلبه عنه فأشار إلى أنه لا يثبت بمثل هذه الاطلاقات كونه حقيقة في الأعم لأن الاطلاق أعم من الحقيقة ومما يفصح عن كون مثل هذا الاستعمال مبنيا على ضرب من التجوز والتوسعة في مفهوم الكلام انه إذا قيل تكلم الصبي بهذا الحرف قد يسئل في العرف عن زمانه فيقال متى تكلم بهذا الحرف ولا يقال متى صدر منه هذا الكلام أو أنشأ هذا الكلام أو نحو ذلك فلا يحمل على منظومة اسم الكلام فهذا يكشف عن أن اسناد التكلم إليه مبني على تجريده عن الخصوصية الصحيحة لا طلاق اسم الكلام عليه واستعماله في مفهوم اللفظ أو النطق وشبهه والا نصح اطلاق مبدء اشتقاقه عليه على الاطلاق وما قد يتوهم من أن هذا العمل منشأ عدم تعارف اطلاق اسم الكلام على مثله في العرف لا عدم كونه في أصل وصنعه حقيقة في الأعم فلا منافاة بين في طلاق هذا الاسم عليه عرفا واطلاق سائر مشتقاته التي أنيط بها الحكم في اخبار الباب مدفوعه بان سائر مشتقاته تابعة الاسم الكلام فيما ينصرف إليه كما هو الشأن في سائر الأفعال المشتقة من أسماء الذوات وكيف كان فما اتفقت عليه كلمة الأصحاب في ظاهر عبائرهم أو صريحها من عدم حصول مسمى الكلام في النطق بحرف واحد عرفا ولغة المعتضد بما سمعته من عبارة المجمع أولى بالاذعان وأوفق بما يساعد عليه العرف في محاوراتهم مما حكى عن بعض من شموله للحرف الواحد المهمل فالحق عدم بطلان الصلاة به لعدم كونه مندرجا في موضوع هذا الحكم بل لولا اتفاق كلمة الأصحاب بظاهرها على صدق الكلام على مطلق اللفظ المؤلف من الحروف التي وضعها العقلاء مادة للكلمات التي يحتاجون إليها في محاوراتهم لكان للتأمل في صدقة على المهمل المركب من حرفين مجال لظهور العبارة المتقدمة عن المجمع في اعتبار الوضع فيه واستشعاره أيضا من عبارة الروضة ولكن لا ينبغي الالتفات إلى شئ منهما في مقابل ما ذكر كما أنه لو لم يكن بطلان الصلاة بمطلق الكلام اجماعيا لم يكن استفادته من اخبار الباب بهذا النحو من الاطلاق خاليا من اشكال لامكان دعوى انصرافها إلى القول المفيد لولا اعتضاد ما في بعضها من الاطلاق بفهم الأصحاب وفتواهم وبقوله عليه السلام في ذيل مرسلة الصدوق والمتقدمة من أن في صلاته فقد تكلم وفي خبر طلحة بن زيد عن جعفر بن محمد (ع) ان عليا (ع) قال من أن في صلاته فقد تكلم فإنه يكشف عن أن المدار على مطلق الكلام لا ما ينصرف إليه اطلاقه فالأظهر بطلان الصلاة بالنطق بما تركب من حرفين مطلقا ولو كان مهملا ولا فرق في الحرفين بين ان كان ثانيهما حرفا أصليا أو حاصلا من اشباع حركة الحرف الأول كحروف المد الحاصلة من اشباع حركة ما قبلها واما مد الحرف فليس موجبا لتعدده فلو تلفظ بحرف واحد ومده ولو بقدر أحرف لم يوجب ذلك بطلان صلاته إذ لا يخرج بذلك عن كونه حرفا واحدا واما الحرف الواحد المفيد فالظاهر صدق اسم الكلام عليه حقيقة عرفا ولغة بل واصطلاحا أيضا فلا ينبغي الارتياب في بطلان الصلاة به فالمدار في صدق الكلام ليس على خصوص التاليف بل أعم منه ومن المفيد فمتى تحقق أحد الامرين صدق عليه اسم الكلام والله العالم ثم إن الشهيد الثاني فرع في عبارته المتقدمة على القول باعتبار كون الحرفين موضوعين القول بالبطلان بالحرفين الحادثين من التنحنح ونحوه ثم نقل عن العلامة القطع بكونهما غير مبطلين محتجا بأنهما ليسا من جنس الكلام واستحسنه أقول اما التنحنح فالظاهر مباينته للكلام عرفا وان حدث منه ما يشتبه لفظا مركبا فمتى صدق عليه اسم التنحنح لا يصدق عليه اسم التكلم ومتى صدق عليه اسم التكلم خرج عرفا عن موضع التنحنح فهو غير مبطل جزما كما ربما يشهد له مضافا إلى ذلك ما عن الشيخ في الموثق عن عمار الساباطي انه سئل أبا عبد الله (ع) عن الرجل يسمع صوتا بالباب وهو في الصلاة فيتنحنح لتسمع جاريته وأهله ليأتيه فيشير إليها بيده ليعلمها من بالباب لتنظر من هو قال لا بأس به وهكذا الكلام في النفخ فإنه ليس من جنس الكلام وان حدث منه صوت يشبه اللفظ وقد ورد نفي البأس عن نفخ الغبار في خبر إسحاق بن عمار عن رجل من بني عجل قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المكان يكون فيه الغبار فانفخه إذا أردت السجود فقال لا باس ويحتمل وقوع السؤال عنه بلحاظ كونه فعلا خارجيا لاتوهم كونه ملحقا بالكلام واما التأوه والأنين فإن لم يشتمل شئ منهما على حرفين فلا اشكال في عدم بطلان الصلاة به وان اشتملا على حرفين فالظاهر اندراجهما عرفا في موضع الكلام خصوصا التأوه وقد وقع النطق لفظة اه في كثير من الأدعية والأذكار فلا ينبغي التأمل ح في كونه كلاما لغة وعرفا قابل اصطلاحا أيضا لكونه من أسماء الافعال قائما مقام المفيد واما الأنين فهو أيضا كذلك على الظاهر فيصدق عليه الكلام إذا حدث منه حرفان فصاعدا بخلاف ما لو لم يحدث منه الحرفان وربما يشهد لذلك ما في مرسلة الصدوق ورواية طلحة بن زيد المتقدمة من أن في صلاته فقد تكلم واطلاقه جاري مجرى الغالب من اشتماله على الحرفين فصاعدا واما حكاية هذه الأصوات فالظاهر اندراجها في موضوع الكلام مطلقا لكونها ح الفاظا موضوعة للدلالة على مسمياتها فهي ح من قبيل أسماء الافعال التي لا ينبغي الارتياب في صدق اسم الكلام عليها كما أن الامر كذلك فيما لو جعل شئ منها علما لشخص مثلا فإنه يندرج ح عرفا في موضوع الألفاظ والله العالم هذا كله في كلام الآدميين واما الذكر والدعاء والقران فلا ريب في جوازها مطلقا وان لم يقصد بها التقرب بل امرا اخر كإيقاظ الغير أو تنبيهه على امر وغير ذلك من المقاصد اما جوازها بقصد التقرب فيدل عليه صحيحة علي بن مهزيار قال سألت أبا جعفر (ع) عن الرجل يتكلم في صلاة الفريضة بكل شئ يناجي ربه قال نعم وصحيحة الحلبي قال قال أبو عبد الله (ع) كل ما ذكرت الله عز وجل به والنبي صلى الله عليه وآله فهو من الصلاة ومرسلة حماد بن عيسى عن بعض الصحابة عن أبي عبد الله (ع) قال كلما كلمت الله به في صلاة الفريضة فلا بأس ومرسلة الفقيه عن الصادق عليه السلام قال كلما ناجيت به ربك في الصلاة فليس بكلام واما لسائر الاغراض فيدل عليه ما رواه الشيخ عن عمار الساباطي في الموثق في تتمة الرواية المتقدمة عنه انفا وعن الرجل والمرأة يكونان في الصلاة فيريدان شيئا أيجوز لهما ان يقولا سبحان الله قال نعم ويؤميان إلى ما يريدان والمرأة إذا أرادت شيئا ضربت على فخذها وهي في الصلاة وصحيحة علي بن جعفر
(٤٠٦)