في هذه الأخبار ابطال صلاة الكسوف بل رفع اليد عنها والاتيان بالفريضة ثم العود إليها والبناء على ما مضى كما هو ظاهر الروايات المزبورة بل صريح بعضها وقد التزم المشهور على ما نسب إليهم بذلك وحكى عن الشيخ في المبسوط انه ذهب إلى أن من قطع صلاة الكسوف لخوف فوات الفريضة وجب عليه استينافها وعن الشهيد في الذكر أيضا اختياره مستدلا عليه بان البناء بعد تخلل الصلاة الأجنبية لم يعهد من الشارع تجويزه في غير هذا الموضع والاعتذار بان الفعل الكثير مغتفر هنا لعدم منافاته الصلاة بعيد فانا لم نبطلها بالفعل الكثير بل بحكم الشارع بالابطال والشروع في الحاضرة فإذا فرغ منها فقد اتى بما يخل بنظم صلاة الكسوف فيجب اعادتها تحصيلا ليقين البراءة انتهى وفيه ان القواعد العامة لا تصلح معارضة للنصوص الخاصة المستفيضة المعمول بها لدى الأصحاب مع أن شمول ما دل على قاطعية الفعل الكثير لمثل الصلاة الواقعة في أثناء صلاة لولا اشتمالها على التسليم المحلق بكلام الآدميين لا يخلو من تأمل وقد تلخص مما ذكر ان الأقوى ما هو المشهور من صحة البناء على ما مضى ولكن القدر المتيقن من ذلك اي من جواز قطع الكسوف والاتيان بالحاضرة في أثنائها ثم العود إليها واتمامها انما هو فيما لو تلبس بالكسوف فبأن له ضيق وقت الاجزاء لا وقت الفضيلة وان كان القول بجوازه بل استحبابه لادراك وقت الفضيلة أيضا لا يخلو من قوة نظرا إلى ظهور بعض الأخبار الامرة بالقطع لدى خوف فوت الوقت في إرادة وقت الفضيلة وما في صحيحة محمد بن مسلم وبريد من تعليق البدئه بالفريضة وقطع صلاة الكسوف على خوف ذهاب الوقت الظاهر في وقت الاجزاء ليس منافيا له كي يصلح قرينة لارتكاب التأويل فيه بحمله أيضا على إرادة وقت الاجزاء لأن الشرطية الواقعة في تلك الصحيحة تعبير عن مفهوم القضية المذكورة قبلها التي لم يقصد بها على الظاهر الا الجواز كما عرفت وهل يجوز لدى العلم بضيق الوقت عن مجموع الصلاتين التلبس بصلاة الكسوف وقطعها ثم العود إليها بعد أداء الحاضرة أم يختص ذلك بما إذا دخل فيها بزعم السعة ثم انكشف خلافه ولو ظنا بحيث حصل خوف فوات الوقت وجهان أوجههما الأولى إذ ليس في شئ من الأخبار المزبورة اشعار باعتبار هذا الشرط بل ظاهرها خصوصا بعد الالتفات إلى ما في بعضها من الاقتصار على الامر بايقاع الفريضة في أثناء صلاة الكسوف في جواب السؤال عن صلاة الكسوف لدى ضيق وقت الفريضة كما في صحيحتي محمد بن مسلم وأبي أيوب مع ظهور السؤال في الاستفهام عن أصل التلبس لا عما يجب عليه بعد تلبسه بها بزعم السعة انما هو إرادة بيان عدم كون ضيق وقت الفريضة مانعا عن أداء الكسوف وانه متى حصل الكسوف تلبس بصلاته ما لم يتخوف ذهاب وقت الفريضة فإذا تخوف ذلك قطعها وادى الفريضة ثم عاد إليها ومن هنا يظهر عدم ممانعة الفريضة في ضيق وقتها لصلاة الكسوف الا إذا ضاق حتى عن التلبس بها وهو فرض نادر إذا الغالب عدم كون مجرد التلبس ولو بتكبيرة الاحرام مؤثرا في ذهاب الوقت فيشرع (ح) في الكسوف ثم يقطعها ويأتي بالفريضة ثم ما بقي من صلاة الكسوف فيحصل بذلك الجمع بين الحقين ثم إن قضية اطلاق الأخبار المزبورة في لفرق في وجوب العود إلى صلاة الكسوف واتمامها بعد أداء الفريضة بين بقاء وقت الكسوف وعدمه وهو أيضا مؤيدا لم نفينا البعد عنه من أن زمان الكسوف وقت للتلبس بصلاته لا تمامها فليتأمل وهل يجوز لدى العلم بسعة وقت الكسوف وضيق وقت الفريضة التلبس بالكسوف والاتيان بالفريضة في أثنائها وجهان من اطلاق النصوص ومن امكان دعوى انصرافها سؤالا وجوابا ولو بمقتضى الغلبة إلى صلاة في لوثوق ببقاء الكسوف إلى ما بعد الفراغ من الفريضة وهذا ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط فروع الأول مقتضى ظاهر الصحيحة الأولى كفتاوي الأصحاب عدم الفرق في الاحكام المزبورة بين صلاة الكسوف وسائر الآيات الثاني هل يلحق بالفريضة اليومية صلاة العيد على تقدير وجوبها أو غيرها مما وجب بنذر وشبهه في جواز الاتيان بها في أثناء الكسوف وجهان أشبههما العدم اقتصارا في الحكم المخالف للقواعد على مورد النص الثالث لو زاحمت الفريضة فعل الكسوف في ضيق وقتهما حتى عن التلبس بها ولم يحترق القرص كله ولم يكن تأخيرهما إلى وقت الضيق باختياره بل بسبب حدوث الكسوف في ضيق الوقت أو كونه معذورا لي تركها قبل ذلك الوقت اما لنوم أو جهل وشبهه أو لصغر أو جنون أو حيض ونحوها وكذا في تأخير الفريضة ولو لأجل كونه مرخصا في ذلك شرعا فهل يجب عليه قضائها بعد الانجلاء مطلقا أم لا يجب مطلقا أم يفصل بين ما إذا كان التأخير الانتفاء أصل التكليف بهما كما في الحائض والمجنون الوجود المانع كالنوم وشبهه وجوه أشبهها الأول لأن وجوب القضاء يدور مدار صدق فوت الواجب في وقته وهو لا يتوقف على فعلية التكليف بل يكفي فيه وجود ما يقتضيه واشتغال الذمة بضده المانع عن فعلية التكليف به غير مانع عن تحقق صدق اسم مفهوم الفوت اللهم الا ان يمنع كفاية تحقق صدق اسم الفوات في وجوب قضائها لانصراف عموم من فاتته فريضة فليقضها إلى اليومية كما مرت الإشارة إليه فيما سبق واختصاصا ما دل على وجوب قضائها عند عدم احتراق القرص بما إذا علم بالكسوف حال وجوده وتنجز في حقه التكليف بأداء صلاتها ولم يصل لا مطلقا فليتأمل الرابع ولو صلى الكسوف في ضيق وقت الفريضة فهل تصح صلاته وجهان مبنيان ان على مسألة الضد وقد مر مرارا ان الأصح فيها الصحة ولكن لا يبعد ان يقال إنه يستفاد عرفا من الاخر بالقطع في مثل المقام النهي عن الاشتغال بها ما دام مزاحمتها للفريضة في وقتها وان حالها بالنسبة إلى الفريضة في هذا الوقت حال شريكتها التي لا تصحح في وقت الاختصاص بالأخرى فليتأمل المسألة الثانية إذا اتفق صلاة الكسوف في وقت نافلة الليل فالكسوف أولى ولو خرج وقت النافلة في المدارك قال هذا قول علمائنا أجمع قاله في المنتهى انتهى أقول اما مع ضيق وقتهما
(٤٩١)