من الأوامر المطلقة من الاستبعاد بحيث يكاد يقطع بعدمها يرفع اليد عن ظاهرهما بالنسبة إلى الخصوصيتين لا أصل الوجوب ولكنه لا يخلو من نظر فليتأمل ثم إن بعض من قال بوجوب الاقتصار على خصوص ما ورد في الصحيحتين جوز الاتيان بكل ما تضمنته الصحيحتان مع ما فيهما من اختلاف النسخ فكأنه يرى أن الرواية التي اختلفت النسخ في نقلها بمنزلة اخبار مختلفة صادرة من المعصوم وفيه ما لا يخفى بعد وضوح كونها رواية واحدة وقد وقع الاختلاف في نقلها فان من الواضح ان وقوع الاختلاف في نقل الرواية لا يوجب تعميم موضوع الحكم الذي تضمنته فمقتضى قاعدة الشغل اما اختيار الصورة الثانية اي المشتملة على التسليم لاتفاق رواة الصحيح عليها الا بزيادة الواو التي ينبغي الجزم اما بزيادتها أو كونها عاطفة على القول فكأنه قال سمعته مرة أخرى ذكر البسملة مع التسليم لا الصلاة واما الجمع بين صورتي الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله اللهم الا ان يرجح رواية الكافي بالأوثقية كما ليس بالبعيد ثم لو قلنا بحجية الفقه الرضوي صح الالتزام بجواز الاتيان بالصلاة بصورة صلى الله على محمد وآل محمد وسلم لورودها فيه بهذه الصيغة كما سمعت فائدتان الأولى المشهور بين الأصحاب على ما في الحدائق وغيره ان وجوب سجدتي السهو فوري واستدل عليه بكون الامر للفور وأجيب بمنع دلالة الامر على الفور كما صرح به محقق الأصوليين واستدل أيضا بالاخبار الدالة على ايقاعهما بعد التسليم وهو جالس قبل ان يتكلم وأورد عليه بان غاية ما تدل عليه هذه الأخبار كون ايقاعهما قبل الكلام ولا تلازم بينه وبين الفورية وأجيب بان المتبادر من الامر بالاتيان بهما بعد السلام وقبل الكلام هو البعدية القريبة والمتبادر منها الفورية وفيه تأمل لجواز ان يكون ذلك لأجل حرمة الاتيان بالمنافيات قبلهما كما حكى القول به عن ظاهر جملة من الأصحاب مستشهدين له بهذه الأدلة كما ستعرف واما ما قيل من أن المتبادر من البعدية هو البعدية القريبة ففيه انه لم سلم فهو فيما لو اطلق لفظ بعد ولم يحدده بفعل أو حال ونحوه والا فظاهره التوقيت كما في أغلب اخبار الباب ولكن حيث علم عدم فواتهما بفوات هذا الوقت كما ستعرف وجب الحمل على حمرة التأخير عنه اختيارا وهو غير الفورية هذا ولكن الانصاف اشعار الاخبار المزبورة بإرادة المبادرة إلى فعل السجدتين بعد الفراغ من الصلاة قبل ان يتحول من مكانه أو يشتغل بالافعال المباينة لها التي أدناها التكلم مع الغير فيستفاد منها الفورية العرفية فيكون التحديد بما قبل ان يتكلم أو بكونه جالسا للجري مجرى الغالب من ضيق هذا الوقت المستلزم لحصولهما فورا عرفا فليتأمل وحكى عن ظاهر العلامة في النهاية والشهيدين في الألفية والشرح القول باستحباب الفورية واختاره صريحا بعض متأخري المتأخرين للأصل بعد تضعيف دلالة الاخبار المشار إليها عن إفادة الوجوب وموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الرجل يسهو في صلاته فلا يذكر ذلك حتى يصلي الفجر كيف يصنع قال لا يسجد سجدتي السهو حتى تطلع الشمس ويذهب شعائها وفي الحدائق بعد نقل هذه الموثقة قال والظاهر أنه لا قائل به من الأصحاب رضوان الله عليهم أقول لولا اعراض الأصحاب عن الموثقة لاتجه العمل بها في خصوص موردها بعد حملها على الكراهة كما يؤيد ذلك الأخبار المستفيضة الناهية عن الصلاة في هذا الوقت لما فيها من التشبه بعبدة الشمس حيث يسجدون لها في هذا الوقت كما في بعض تلك الأخبار الإشارة إلى هذه العلة وكيف كان فالاتيان بها فورا مطلقا حتى بعد صلاة الفجر ان لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط ولكنك عرفت في محله ان الأحوط تقديم الركعات الاحتياطية بل وكذا قضاء الأجزاء المنسية عليهما والله العالم الثانية نسب في الحدائق إلى ظاهر جملة من الأصحاب القول بحرمة سائر المنافيات قبلهما ثم قال وربما كان التفاتهم إلى أن الامر بهما بعد السلام وقبل الكلام الذي هو من المنافيات وتخصيصه بالذكر حيث إنه الغالب وقوعه بعد الفراغ وذكره انما خرج مخرج التمثيل لذلك وبه يظهر ما في رد بعض المتأخرين لما ذكروه بأنه غير مستفاد من الاخبار وكيف كان فالاحتياط يقتضيه البتة انتهى أقول إن كان المقصود بقوله عليه السلام فاسجد سجدتي السهو قبل ان تتكلم التوقيت اي تحديد الاتيان بهما بما قبل الكلام ونظائره بحيث يكون الاتيان بالمنافي موجبا لفواتهما أو فوات وقتهما الاختياري اتجه ما ذكر حيث فعل المنافي بنفسه على هذا التقدير سبب للاخلال بواجب مطلق فيحرم ولكن لا يفهم منه حينئذ الفورية كما تقدمت الإشارة إليه بل يفهم منه جواز التراخي ما لم يأت بالمنافي وقد اعترفنا تبعا لصاحب الحدائق وغيره باشعار الاخبار المزبورة بإرادة الفورية وقضية ذلك جعل قبل الكلام أو الجلوس الواردين في الاخبار كناية عن وقتهما العادي وهو الزمان المتصل بالصلاة الذي جرت العادة في الغالب بعدم تلبس المصلي بالكلام أو الانتقال من مجلسه نظير قول القائل لا تبرح عن هذا المكان حيت يؤذن المؤذن فلا مدخلية حينئذ الفعل المنافي من حيث هو في الحرمة وانما الحرام ترك السجدتين في الزمان المتصل بالصلاة سواء تلبس حاله بكلام أم لا الا من باب مسألة الضد التي هي على خلاف التحقيق مع أنه لا مضادة بين مطلق الكلام وبين الفورية خصوصا لو لم نقل بحرمة التكلم في السجود والحاصل انه لا يصح الجمع بين المعنيين نعم حمل الاخبار على خصوص المعنى الأول المستلزم للحكم بحرمة المنافيات قبلهما أو حالهما دون الفورية ليس بالبعيد بل أوفق بظاهر اللفظ لولا دعوى الانصراف إلى الكناية عرفا كما تقدمت الإشارة إليه فلا ينبغي ترك الاحتياط بالنسبة إليه أيضا والله العالم وليعلم ان المشهور بين الأصحاب رضوان الله عليهم كما في الجواهر وغيره ان سجدتي السهو واجب نفسي مستقل وان نشأ وجوبهما من خلل في الصلاة فلو اهملهما عمدا لم تبطل الصلاة فضلا عن السهو وحكى عن الشيخ في الخلاف القول بأنهما شرط في صحة الصلاة كما عن بعض العامة وقواه المحقق البهبهاني في حاشية المدارك وشرحه على المفاتيح على ما حكى عنه بل عن الشرح نسبته إلى ظاهر غيره من الأصحاب أيضا هو لهم يجب السجدتان لكذا واستدل عليه بظاهر النصوص التي يستفاد الشرطية غالبا من أمثالها خصوصا ما جعل فيها تداركا لسهو إذا المتبادر من ايجاب شئ عند وقوع خلل كونه تداركا وعلاجها فإذا لم يأت بهما لم يكن اتيا بالمأمور به على وجهه
(٥٩٧)