المقدمات الوجوبية للواجبات المشروطة التي لا يتحقق بالاخلال بها صدق تفويت التكليف بخلاف سائر الاعذار فتلخص مما ذكر ان القول بثبوت القضاء في الفرض لا خلو من قوة لولا ورود الاطلاقات عليه وهو أيضا لا يخلو من تأمل فان دعوى الانصراف فيها غير بعيدة فهذا القول مع أنه أحوط لا يخلو عن قوة ولا يذهب عليك ان محل الاشكال انما هو فيما لو حصل بفعله مع الظن بترتبه عليه واما بدونه فلا اشكال في اندراجه تحت اطلاقات الأدلة كما تقدم التنبيه عليه في الجنون وكذا لا يجب القضاء إذا كان السبب الحيض أو النفاس اجماعا بل كاد يكون من ضروريات المذهب ويدل عليه اخبار مستفيضة كما عرفته في كتاب الطهارة وما يظهر من الحدائق من وجوب القضاء عليهما لو حصلا بفعله ضعيف كما يظهر وجهه مما مر والكفر الأصلي أي ما فاته بسبب الكفر لا يجب قضائها بعد ان اسلم بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن المنتهى وغيره الاجماع عليه بل عن المفاتيح نسبته إلى ضرورة الدين للنبوي المشهور الاسلام يجب ما قبله ويهدم فهذا مما لا شبهة فيه كما أنه لا شبهة في أنه لو اسلم في دار الحرب وترك الصلاة أو لم يأت بها بحدودها لجهله بها أو بحدودها وشرائط وجب عليه قضائها بعد العلم وان كان معذورا في تركها الذي عدم التمكن من معرفتها كغيره من افراد الجاهل القاصر الذي فاتته الفرائض لقصوره لعموم أدلة القضاء الغير القاصر عن شمول مثل هذه الفروض وتقييد الفكر بالأصلي لاخراج المرتد فإنه يجب عليه قضاء ما فاته في زمانه ردته أو قيله بلا خلاف فيه على الظاهر كما اعترف به في الحدائق لعموم أدلة قضاء الفوائت المقتصر في تخصيصها على الكافر الأصلي الذي اسلم بالاجماع وحديث الجب المتقدم ولا يتناول الحديث للمرتد فإنه منزل على الغالب المتعارف في عصر صدوره أي زمان النبي صلى الله عليه وآله الذي كان يتعارض فيه صيرورة الكفار مسلمين مع أن المتبادر من قوله عليه وآله السلام الاسلام يجب ويهدم ما قبله وروده فيمن كان قبل الاسلام كافرا على الاطلاق لا في الجملة حتى يتناول المرتد كما يؤيده فهم الأصحاب وكذلك الكلام في كل من انتحل الاسلام من الفرق المخالفة حتى المحكوم بكفرهم منها فان الظاهر وجوب القضاء عليهم ما لم يأتوا بالفعل موافقا لمذهبهم واما لو اتوا به على وفق مذهبهم لم يجب عليهم القضاء كما عن جملة من الأصحاب التصريح به بل عن بعضهم نسبة إلى المشهور بل عن الروض نسبته إلى الأصحاب مشعرا بدعوى الاجماع عليه للأخبار المستفيضة الدالة على ذلك منها رواية الفضلاء عن أبي جعفر عليه السلام وأبي عبد الله عليه السلام انها قالا في الرجل يكون في بعض هذه الأهواء الحرورية والمرجئة والعثمانية والقدرية ثم يتوب ويعرف هذا الامر ويحسن رأيه أيعيد كل صلاة صلاها أو صوم أو زكاة أو حج أوليس عليه إعادة شئ من ذلك قال ليس عليه إعادة شئ من ذلك غير الزكاة لا بد ان يؤديها لأنه وضع الزكاة في غير موضعها وانما موضعها أهل الولاية ورواية ابن أذينة قال كتب إلى أبو عبد الله عليه السلام ان كل عمل عمله الناصب في حال ضلاله أو حال نصبه ثم من الله عليه وعرفه هذا الامر فإنه يوجر عليه ويكتب له الا الزكاة فإنه يعيدها لأنه وضعها في غير موضعها وانما موضعها أهل الولاية واما الصلاة والصوم فليس عليه قضائها وصحيحة بريد بن معاوية العجلي عن أبي عبد الله عليه السلام قال وسئلته عن رجل وهو في بعض هذه الأصناف من أهل القبلة ناصب متدين ثم من الله عليه فعرف هذا الامر يقضى حجة الاسلام فقال عليه السلام يقضى أحب إلى وكل عمل عمله وهو في حال نصبه وضلالته ثم من الله عليه وعرفه الولاية فإنه يوجر عليه الا الزكاة فإنه يعيدها لأنه وضعها في غير مواضعها لأنها لأهل الولاية واما الصلاة والحج والصيام فليس عليه قضاء بل قد يظهر من خبر عمار المنقول عن الكشي ان المخلف إذا استبصر لم يجب عليه قضاء الفائتة أيضا قال قال سليمان بن خالد لأبي عبد الله عليه السلام وانا جالس انى منذ عرفت هذا الامر اصلى في كل يوم صلاتين اقضي ما فاتني قبل معرفتي قال لا تفعل فان الحال التي كنت عليها أعظم من ترك ما تركت من الصلاة ولكن لم ينقل عن أحد من الأصحاب القول بذلك وقد حكى عن الشهيد في الذكرى انه نقل هذا الخبر من كتاب الرحمة عن عمار ما نقلناه ثم قال وهذا الحديث مع ندوره وضعف سنده لا ينهض مخصصا للعموم مع قبوله التأويل بان يكون سليمان كان يقضى صلاته التي صلاها وسماها فائتة بحسب معتقده الآن لأنه اعتقد انه بحكم من لم يصل لمخالفتها في بعض الأمور ويكون قول الإمام عليه السلام من ترك ما تركت من شرائطها وأفعالها وحينئذ لا دلالة فيه على عدم قضاء الفائتة حقيقة في الحال الأول انتهى وهو جيد وكيف كان فلا مجال للارتياب في أنه لا يجب عليهم قضاء الصلاة التي اتوا بها صحيحة لديهم بل وكذا سائر العبادات ما عدى الزكاة كما هو صريح الأخبار المتقدمة فما عن العلامة في التذكرة من الاستشكال في الحكم بسقوط القضاء عمن صلى وصام منهم لاختلال الشرائط والأركان في غير محله بعد ورود المعتبرة المستفيضة بذلك فهو تفضل من الله تعالى لا ينافيه عدم كون الفعل حال حصوله مجزيا نعم لو أخلوا بشرائطه المعتبرة عندهم أيضا بحيث يرون في مذهبهم أيضا وجوب قضائه فهو كما لو تركوه رأسا وجب تداركه بلا خلاف فيه على الظاهر لخروج مثل الفرض عن منصرف الاخبار مع أنها واردة مورد حكم اخر فليس لها اطلاق بحيث يعم الفاسدة لديهم أيضا فرجع في حكمها إلى عمومات أدلة القضاء ولو اتى بها على وفق مذهبنا على وجه تأتى منه قصد القربة كما لو جهل بشئ فسئل المفتى مثلا فأرشده إلى ما يوافق الحق فعمل به بقصد التقرب فهل يلحق بالفاسدة في وجوب قضائها لكونها فاسدة عندهم من حيث المخالفة لمذهبهم وعندنا أيضا لكونها فاقدة لشرط الولاية المعتبرة لدينا في قبول الاعمال وجهان أوجههما العدم فان ما دل على مضى أعمالهم بعد الاسلام يدل عليه في مثل الفرض بالفحوى بل شمول قوله عليه السلام في صحيحة الفضلاء ورواية ابن أذينة وكل عمل عمله إلى آخره فلمثل الفرض أوضح من شموله للعبادات الفاسدة الواقعة على وفق مذهبهم
(٦٠١)