في فضل الجماعة وان صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بخمس وعشرين درجة أو اربع وعشرين درجة بل في بعضها ان فضل الجماعة على الفرد بكل ركعة ألفا ركعة مع أن الظاهر أن المراد بمثل هذه الأخبار بيان تضاعف اجر الفريضة المأتي بها جماعة اضعافا مضاعفة فكيف يزاحمها التطوع المعلوم عدم بلوغه مرتبة الفريضة في الفضل فلا مجال للارتياب في أهمية الجماعة من فعل النافلة ولكن لا يصلح ذلك دليلا لاستحباب القطع لو قلنا بان الأصل فيه الحرمة واما بناء على المختار من الجواز فلا ينبغي الاستشكال في أفضلية تحصيل الجماعة من الاشتغال بها ابتداء واستدامة ولا نعني باستحباب القطع الا هذا ويتوجه على الثاني ان المنساق من الرواية وكذا من الروايات الناهية عن التطوع في وقت الفريضة التي أريد بهذه الرواية تفسيرها ليس الا إرادة بيان الوقت الذي ينبغي تخصيصه بالفريضة وترك الاشتغال عنها في ذلك الوقت بالتطوع من غير فرق بين الاستدامة والابتداء فدعوى ظهورها في الابتداء ممنوعة بل هي ظاهرة في المنع عن مطلق التلبس بها ولذا لا يكاد يرتاب أحد في دلالتها على رجحان تخفيف النافلة التي تلبس بها لو لم يجز قطعها ومرجوحية اطالتها بحيث يزاحم بها الفريضة في وقتها الذي أريد من هذه الأخبار ويندفع الخدشة في الأول أيضا بقاعدة المسامحة بعد البناء على جواز قطع النافلة وكون اتمام النافلة في حد ذاته مستحبا ليس مانعا عن المسامحة في ما دل على استحباب قطعها مقدمة لتحصيل فضيلة الجماعة من أول الصلاة فان مألها لدى التحليل إلى ترجيح أحد المستحبين على الاخر لدى المزاحمة بواسطة الخبر الضعيف الدال عليه المشمول لأدلة التسامح كما لا يخفى فالقول باستحباب القطع إذا أقيمت الصلاة كما حكى عن الحسين بن بابويه والقاضي والنهاية و السرائر لا يخلو من قوة والله العالم وان كانت الصلاة التي شرع فيها فريضة نقل نيته إلى النفل على الأفضل وأتم ركعتين على المشهور بل عن بعض نفي خلاف صريح فيه ويدل عليه صحيحة سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل دخل المسجد فافتتح فبينما هو قائم يصلي إذ اذن المؤذن واقام الصلاة قال فليصل ركعتين ثم ليستأنف الصلاة مع الامام ولتكن الركعتان تطوعا وموثقة سماعة قال سألته عن رجل كان يصلي فخرج الامام وقد صلى الرجل ركعة من صلاة فريضة قال إن كان اماما عدلا فليصل أخرى وينصرف ويجعلهما تطوعا وليدخل مع الامام في صلاته كما هو وان لم يكن امام عدل فليبن على صلاته كما هو ويصلي ركعة أخرى ويجلس قدر ما يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله ثم ليتم صلاته معه على ما استطاع فان التقية واسعة وليس شئ من التقية الا وصاحبها مأجور عليها إن شاء الله وعن الفقه الرضوي وان كنت في فريضتك وأقيمت الصلاة فلا تقطعها و اجعلها نافلة وسلم في الركعتين ثم صل مع الامام وان كان ممن لا يقتدى فلا تقطع صلاتك ولا تجعلها نافلة ولكن أخط إلى الصف وصل معه وإذا صليت أربع ركعات وقام الامام إلى رابعة فقم معه وتشهد من قيام وسلم عن قيام والمناقشة في دلالة هذه الأخبار على الأفضلية كما هو صريح المتن وغيره بل استظهر بعض الاتفاق عليه بورود الامر به في الاخبار المزبورة في مقام توهم الحضر فلا يفهم منه الا الجواز مما لا ينبغي الالتفات إليها نعم لو اغمض عن بعض الخصوصيات المرشدة إلى إرادة الأفضلية من هذه الأخبار لتطرق هذه المناقشة إلى عبارة الرضوي حيث وقع فيها الامر بجعلها نافلة عقيب الحظر واما ما عداها مما ذكر فليس الامر بالعدول فيه واقعا عقيب الحظر ولا مورد توهمه الا من حيث مخالفة العدول للأصل وهي ليست صارفة للفظ الامر عن ظاهره كما في غيره من الموارد التي ورد فيها الامر بالعدول وغيره من الأشياء المخالفة للأصل ولكن لم نقل هاهنا بالوجوب لوضوح كون الطلب المتعلق به ارشاديا أريد به بيان العلاج لان يتوصل إلى ادراك أفضلية الاتيان بالفريضة جماعة فيكون تابعا لطلب الجماعة في اللزوم والجواز الا ترى انه لو ورد مثله في الجمعة التي يكون الجماعة فيها واجبة لفهم منه الوجوب هذا مع أنه يكفي في الحكم بالأفضلية بعد الاغماض عن دلالة الأخبار المتقدمة عليه ما دل على أفضلية الجماعة من الفرادى بعد ثبوت أصل الجواز بهذه الاخبار مع أن فيه الجمع بين ادراك فضيلة النافلة والفريضة جماعة نعم يبقى الكلام حينئذ في أنه هل هذا العمل أفضل أو اتمام الفريضة واعادتها مع الامام نفلا إذ لا يستفاد ترجيح أحدهما على الاخر بهذا الدليل وهذا بخلاف ما لو عولنا في اثباتها على ظواهر الاخبار المزبورة فان مقتضى اطلاقها اطراد الحكم حتى في الثنائية والثلاثية التي يتمكن معها من اتمام الفريضة اعادتها مع الامام فليتأمل ثم لا يخفى عليك انه بعد ان عدل بنيته إلى النفل يجوز له قطعها واستيناف الفريضة مع الامام لا لعموم الخبرين المتقدمين الذين استظهرنا منهما أفضلية قطع النافلة واللحوق بالامام من أول الصلاة لعدم صلاحيتها لمعارضة النصوص الخاصة الواردة في المقام الامرة باتمام الركعتين بل للأصل وانتفاء ما يدل على حرمة قطعها كغيرها من النوافل والله العالم ثم إن مقتضى ظاهر المتن وغيره بل صريح بعضهم انحصار الرخصة في قطع الفريضة بالطريق المخصوص فليس له قطع الفريضة ابتداء ولا العدول إلى النافلة لدى علمه بعدم التمكن من اتمامها ركعتين وادراك الجماعة لخروجه عن مورد النص ولكن حكى عن بعض تجويز قطعها عند خوف الفوات معللا بان الفريضة تقطع بما هو أدون من ذلك كتدارك الأذان والإقامة عند نسيانهما وأورد عليه بحرمة القياس وهو في محله ولكن قد يوجه ذلك بانتفاء ما يدل على حرمة القطع بحيث يعم المقام فان عمدة دليلها الاجماع كما عرفته في محله وهو في غير مثل المقام والاستدلال عليها في المقام بالاستصحاب مدفوع بكونه من قبيل الشك في المقتضى كما لا يخفى على المتأمل وقد حققنا في محله ان الاستصحاب في مثله ليس بحجة وقد اتجه بما ذكرناه ما صرح به غير واحد بل عن بعض نسبته إلى المشهور بل عن البيان نفي الخلاف فيه من أنه لو كان امام الأصل قطع واستأنف الصلاة معه ولكن لا يخفى عليك انه مع حضوره والتمكن من السؤال عنه لا يجوز العمل بالأصول قبل الفحص والسؤال عنه فترك التعرض لبيان الحكم في مثل هذا الفرع مع خروجه عن مورد الابتلاء أولى. المسألة الثامنة: إذا فاته مع الامام شئ من الركعات صلى ما يدركه وجعله أول صلاته وأتم ما بقي عليه على حسب ما اقتضاه تكليفه لو كان منفردا من أول صلاته بلا خلاف معتد به فيه بيننا بل عن غير واحد دعوى الاجماع
(٦٩٦)