لا في خصوص حال السجود لا بلحاظ كون الصلاة اسما للمجموع من حيث المجموع أو كون مجموع أحوالها ملحوظا في ذلك بل بدعوى ان اطلاق بينهم سترة أو جدار ينصرف عما كان ارتفاعه بمقدار يسير بحيث لا يمنع أحدهما عن مشاهدة الاخر الا في حال سجوده فتلخص مما ذكر ان الأظهر حمل الحد الوارد في الصحيحة على الاستحباب ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط برعايته بالنسبة إلى مسجد المتأخر وموقف المتقدم إذ الظاهر أن المقصود بما لا يتخطى ما لا يمكن قطعه بخطوة فلا يبعد ان يدعى ان هذا المقدار من الفصل يعد بعيدا في العادة وليس للصحيحة المزبورة في فقراتها الثلاث الدالة بظاهرها على البطلان ظهور يعتد به في خلافه اي إرادة ما بين القدمين فلا يبعد حملها عليه ابقاء للنفي على ظاهره من البطلان نعم ارادته من قوله لا يكون بين الصفين ما لا يتخطى الواقع في حيز كلمة ينبغي بعيدة في الغاية فإنه بقرينة ما بعده كالنص في إرادة ما بين موقف الصفين ولكن يمكن ان يكون هذه الفقرة بنفسها رواية مستقلة مسوقة لبيان استحباب التواصل بين الصفوف فيشكل حينئذ جعلها شاهدة لصرف النفي الواردة في تلك الفقرات عن ظاهره بعد امكان تنزيل مورده على ما بين مسجد المتأخر وموقف المتقدم كما أنه يشكل أيضا بعد الاعتراف بكون هذا المقدار من البعد مخلا بهيئة الجماعة في العادة الالتزام بنفي البأس عنه اخذا باطلاق الموثقة لوجوب تقييد الموثقة بما لا ينافي مانعية البعد الكثير وان كان بعيدا إذ لا يمكن الالتزام بعدم مانعية البعد في حق المرأة بعد ان لا قائل بالفصل بينها وبين الرجل في ذلك ولكن لقائل ان يقول إن غاية ما ثبت بالاجماع وغيره من الأدلة التي تقدمت الإشارة إليه في صدر المبحث هو مانعية البعد في الجملة والقدر المتيقن من ذلك ما إذا تفاحش بحيث عد المأموم عرفا أجنبيا عن الجماعة غير مرتبط بها لا مجرد كونه بعيدا بمقتضى العادة المتعارفة بين الناس في الفصل بمقدار ذراعين أو ثلاثا أو أربعا كما هو الغالب المتعارف لدى الفصل بالطريق لا يجعله كذلك فيشكل رفع اليد عما يقتضيه اطلاق الموثقة بالنسبة إلى افراده المتعارفة فليتأمل وقد يستدل أيضا للتحديد بما لا يتخطى بصحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام قال أقل ما يكون بينك وبين القبلة مربض غنم وأكثر ما يكون مربض فرس بناء على أن المراد بالقبلة الصف الذي قبلك أو الامام كما عن المجلسي وغيره في شرح الحديث فان مربض فرس قريب مما لا يتخطى وفيه بعد تسليم المقدمات ان هذه الصحيحة ظاهرها الاستحباب إذ لا يجب رعاية ما ذكر فيها في طرف الأقلية جزما فكذا في طرف الأكثر بشهادة السياق مع أن مربض فرس بنفسه بحسب الظاهر مما لا يتخطى فهذه الصحيحة من مؤيدات المشهور فليتأمل واستدل له أيضا بان الجماعة عبادة توقيفية مخالفة للأصل والثابت منها ذلك لا أزيد فمقتضى الأصل عدم جواز الأزيد وعدم سقوط القراءة عن المأموم وعدم جريان ساير احكام الجماعة الصحيحة عليه من الغاء احكام الشكوك واغتفار الزيادة لأجل المتابعة ونحوها وفيه ان المرجع لدى الشك في شرطية شئ أو جزئيته للعبادة قاعدة البراءة واصل العدم لا الاحتياط وليس توقيفية العبادة مانعة عن ذلك كما تقرر في محله واما سقوط القراءة وغيره من الاحكام المخالفة للأصل فهي من الآثار الشرعية المتفرعة على امتثال الامر بالجماعة فمتى امتثل هذا الامر بحسب ما يقتضيه تكليفه في مرحلة الظاهر تفرع عليه احكام كما يتفرع على الصلاة بدون السورة التي بني على صحتها بواسطة اصالة البراءة وعدم وجوب السورة جميع اثار الصلاة الصحيحة من حرمة الاتيان بالمنافيات في أثنائها وجواز الايتمام به وتحمله القراءة عن المأموم وغير ذلك من الآثار المترتبة على الصلاة الصحيحة من غير التفات إلى الأصول الجارية في نفس تلك الآثار من حيث هي كأصالة إباحة فعل المنافيات وجواز القطع وعدم سقوط القراءة عمن يأتم به فيها كما لا يخفى على المتأمل هذا مع أنك قد عرفت ان مقتضى اطلاق الموثقة المتقدمة عدم اعتبار هذا الحد فلا يصح معه الرجوع إلى الأصول العملية المتقضية لخلافه وربما يتمسك أيضا في المقام ونظائره مما يشك في شرطية شئ للجماعة باطلاقات أدلة الجماعة والصلاة خلف امام مرضي ونحوه وفيه انه ليس لتلك المطلقات اطلاق من هذه الجهة لورودها مورد حكم اخر كما لا يخفى على من لاحظها فتأمل ثم إن الظاهر عدم اختصاص هذا الشرط اي عدم تباعد المأموم عن الامام أو الصفوف المتصلة به بابتداء الصلاة بل هو شرط ابتداء واستدامة كما هو مقتضى اطلاق كلمات الأصحاب في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم المحكية بل صريح غير واحد منهم خلافا لما حكى عن الشهيد رحمه الله في قواعده وبعض من تأخر عنه كصاحبي المدارك والحدائق فخصوه بالابتداء ففي المدارك قال والأصح ان في لتباعد انما يعتبر في ابتداء الصلاة خاصة دون استدامتها كالجماعة والعدد في الجمعة تمسكا بمقتضى الأصل السالم عن المعارض انتهى وفي الحدائق في مسألة ما لو انتهى صلاة الصفوف المتخللة قال ولعل الأظهر ان اشتراط في لبعد انما هو في ابتداء الصلاة خاصته دون استدامتها ثم نظره على الجماعة والعدد في صلاة الجمعة والعيد أقول ويتوجه على صاحبي المدارك والحدائق انهما اعتمدا في اثبات هذا الشرط على صحيحة زرارة المتقدمة والصحيحة بظاهرها تدل على اعتباره ما دام مأموما كما تقدمت الإشارة إليه انفا نعم بناء على حمل تلك الصحيحة على الاستحباب كما هو الأظهر يمكن ان يوجه هذا القول بأن عمدة مستند اعتبار هذا الشرط هو الاجماع والقدر المتيقن من معقده انما هو اعتباره في الابتداء لا مطلقا ولكن يتوجه عليه ان الظاهر عدم خلاف يعتد به فيه لما أشرنا إليه من أن كلماتهم في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم مطلقة وهي في مثل هذه الموارد كالنص في إرادة الاطلاق مع أن عمدة المستند لاعتبار هذا الشرط ما تقدمت الإشارة إليه من استفادته من النصوص المتظافرة الواردة في باب الجماعة المشعرة أو الظاهرة في كون اجتماع المصلين في المكان الذي أقيم فيه الصلاة وائتمام بعضهم ببعض على اجماله مأخوذ في قوام ذات الجماعة وينافيه البعد الذي يجعله أجنبيا عن الامام بنظر العرف من غير فرق بين كونه في الابتداء أو في الأثناء فهذا اجمالا مما لا ينبغي الاستشكال فيه و انما الاشكال في مقامين الأول في أنه لو عرض البعد في الأثناء بانتهاء صلاة الصفوف المتخللة مثلا فهل يتدارك هذا الشرط بلحوقه بالصف
(٦٣٦)