بدنه إلى القبل ومستند هذا التفصيل نصوص الطائفة وعملهم عليه انتهى أقول وقد أشار في المدارك إلى اعتبار كون رأس الجنازة إلى يمين المصلي بكلا المعنيين ولكنه حمل عبارة المصنف على ارادته بالمعنى الأول كما يشهد بذلك ما ذكره من استثناء المأموم حيث قال في شرح العبارة انما يعتبر ذلك في غير المأموم ولابد مع ذلك من كون الميت مستلقيا بحيث لو اضطجع على يمينه لكان بإزاء القبلة والوجه في ذلك التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام وعدم تيقن الخروج بدونه وما رواه الشيخ عن عمار ثم ساق الحديث كما قدمناه وقد أشرنا إلى قصور الرواية عن إفادة اعتباره بالمعنى الأول فإنها لا تدل على أزيد من اعتبار وضعه من حيث هو على الهيئة المعهودة في الشريعة من كون رأسه إلى جهة اليمين وقدميه إلى الشمال بحيث لو اضطجع على يمينه لكان بإزاء القبلة واما انه لابد مع ذلك من كون رأسه إلى يمين المصلي فعلا بحيث لم يجز للمصلي قيامه امام الميت أو خلقه محاذيا لرأسه أو متجاوزا عنه إلى جهة يمينه بحيث يقع الميت مجموعة على يساره فلا يكاد يفهم من هذا الخبر ودليل التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام بعد تحقق صغراه لا يثبت أزيد من الرجحان الغير المنافي للاستحباب وليس المقام مجرى قاعدة الاشتغال بل البراءة كما تقرر في محله مع أنك ستعرف عند البحث عن موقف الامام دلالة النصوص والفتاوي على جواز الوقوف عند الرأس بحيث يكون الرأس امامه لا يمينه بل عن جامع المقاصد بعد الاعتراف بوجوب كون المصلى خلف الجنازة من حيث الجهة التردد في اعتبار كونه محاذيا لشئ منها بحيث لم يجز له الوقوف عن يمين الجنازة أو شمالها فقال هل يشترط اي مع ذلك ان يكون محاذيا لها بحيث يكون قدام موقفه حتى لو وقف ورائها باعتبار السمت ولم يكن محاذيا لها ولا لشئ منها لم يصح لا اعلم الان تصريحا لاحد من معتبري المتقدمين بنفي ولا اثبات وان صرح بالاشتراط بعض المتأخرين فان قلنا به فاشتراطه بالنسبة إلى غير المأموم لأن جانبي الصف يخرجان عن المحاذاة انتهى وقد تلخص مما ذكر انه لا دليل من نص أو اجماع على اعتبار كون رأس الميت عن يمين المصلي بحيث يكون موقفه محازيا لما يلي الرأس بل النصوص والفتاوي قاضية بخلافه واما كونه إلى جهة اليمين اي المغرب وقدميه إلى المشرق كما هو المعهود المتعارف لدى المتشرعة في وضع الجنازة حال الصلاة عليها فهو القدر المتيقن من مفاد النص ومعاقد الاجماعات المحكية ولكن يبقى الاشكال في أن وضعه بهذه الكيفية هل هو باعتبار شرطية الاستقبال أو مراعاة جانب يمين المصلي من حيث هو فإنه لا يكاد يستفاد ذلك من شئ من أدلته فمقتضى القاعدة لدى تعذر الصلاة عليه مستقبلا الاحتياط بتكرير الصلاة مرة يوضع الرأس إلى يمين القبلة وأخرى إلى يمين المصلي واما ما ذكره في جامع المقاصد من تصريح بعض المتأخرين باشتراط وقوف المصلي محاذيا لشئ منها فيمكن الاستدلال له بالأخبار الآتية التي ورد في بعضها الامر بالقيام إذا صلى على الرجل في وسطه وعلى المرأة مما يلي صدرها وفي اخر الامر بالقيام عند رأس المرأة وصدر الرجل وفي الصلاة على الجنائز المتعددة يقوم الامام عند رأس الرجل كما في بعض الأخبار أو في وسطه كما في بعض اخر أو في وسط الصف كما في ثالث بدعوى انه وان لم يكن الاخذ بظاهر الامر الوارد في شئ منها من الوجوب العيني لمكان المعارضة ولكنه لا مانع عن الاخذ بالقدر المشترك الذي يفهم اعتباره من الجميع وهو وقوف الامام على الجنازة محاذيا لجزء منها بالتقريب الذي عرفته في الدعاء على الميت فليتأمل وكيف كان فيجب أن تكون الجنازة قدام المصلي لا خلفه أو أحد جانبيه بلا نقل خلاف فيه الا من بعض امامة فجوزوا التقدم عليها فضلا عن كونها على أحد جانبيه قياسا على الغائب وهو كما في محكى الذكرى خطأ في خطأ لعدم جواز الصلاة على الغائب عندنا بل عن ظاهر المنتهى وغيره دعوى الاجماع على اشتراط حضور الميت وعدم مشروعية الصلاة على الغائب إذ المنساق من الأوامر الواردة بالصلاة على الميت مطلقاتها ومقيداتها ليس الا الاتيان بالفعل المعهود في الشريعة المتلقى من صاحب الشرع المسمى في عرفهم بصلاة الميت على الكيفية المتلقاة منه الثابتة بالسيرة المستمرة المفصحة عنها الروايات الواردة في كيفيتها فان من تدبر فيها لا يكاد يرتاب في أن المقصود بها الامر بأتيان صلاة الجنازة عند حضور الجنازة وجعلها بين يديه كما يؤمي إلى ذلك الأدعية الواردة فيها المشتملة على الإشارة إليها بمثل قوله اللهم ان هذا المسجى بين أيدينا فإنه يستفاد من ورد مثل هذه الأدعية في صلاتها فضلا عن غير ذلك من جهات الدلالة مفروغية ان الصلاة عليه لا يكون الا وهو مسجى بين يدي المصلي وكيف كان فهذا مما لا شبهة فيه بعد تسالم الأصحاب عليه وقضاء السيرة به ودلالة الأدلة على معروفية كونها كذلك من الصدر الأول وليست الطهارة من الأصغر والأكبر من شرطها بلا خلاف فيه على الظاهر بل في المدار هذا قول علمائنا أجمع قاله في التذكرة ويدل عليه اخبار مستفيضة منها صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن الرجل تفجأه الجنازة وهو على غير طهر قال فليكبر معهم وموثقة يونس بن يعقوب قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الجنازة أصلي عليها على غير وضوء فقال نعم انما هو تكبير وتسبيح وتحميد وتهليل كما تكبر وتسبح في بيتك على غير وضوء وحسنة محمد بن مسلم أو صحيحه قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحائض تصلي على الجنازة قال نعم ولا تقف معهم تقف منفردة (وخبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت الحائض تصلي على الجنازة قال نعم ولا تقف معهم تقف منفردة) وموثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام عن المرأة الطامث إذا حضرت الجنازة قال تتيمم وتصلي عليها وتقوم وحدها بارزة عن الصف ومرسلة عبد الله بن المغيرة؟ عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الحائض تصلي على الجنازة قال نعم ولا تقف معهم والجنب يصلي على الجنازة ومرسلة حريز عن أبي عبد الله عليه السلام الطامث تصلي على الجنازة لأنه ليس فيها ركوع ولا سجود والجنب يتيمم ويصلي على الجنازة وخبر الفضل بن شاذان المروي عن العلل والعيون عن الرضا عليه السلام قال انما جوزنا الصلاة على الميت بغير وضوء لأنه ليس فيها ركوع ولا سجود وانما هي دعاء مسألة وقد يجوز ان تدعو الله وتسئله على اي حال كنت وانما يجب الوضوء في الصلاة التي فيها ركوع وسجود ومقتضى اطلاق الاذن في صلاة الحائض والجنب
(٥٠٤)