ان تأتيهما هو الأشبه والله العالم واما الترتيب بين الفائتة والحاضرة فهي مسألة معضلة وقد اختلفوا فيها في أنه هل يجب تقديم الفائتة على الحاضرة ما لم يتضيق وقتها على أقوال فقيل بعدم الوجوب مطلقا فان فاتته صلاة واحدة أو صلوات متعددة لم يعتبر ان تترتب بمعنى تتقدم على الحاضرة سواء كانت ليوم حاضرا أم فائت وقد ذهب إلى هذا القول كثير من القدماء والمتأخرين ولعله هو المشهور بين المتأخرين كما ادعاه غير واحد بل ربما نسب إلى المشهور بين المتقدمين أيضا ثم إن هؤلاء مع اتفاقهم على جواز تقديم الحاضرة بين من يظهر منه وجوبه كما عن ظاهر جماعة من القدماء وبين من يظهر منه استحبابه بل عن بعضهم التصريح بهذا وبين من صرح باستحباب تقديم الفائتة ومن نص على استحباب تأخير الحاضرة وقيل يعتبر ان تترتب اي تتقدم الفائتة على الحاضرة مطلقا ما لم يتضيق وقت الحاضرة فلو قدم الحاضرة والحال هذه لم تصح وربما نسب هذا القول إلى كل من قال بالمضايقة في المسألة الأولى ولكنك سمعت فيما سبق حكاية خلافه عن صاحب هدية المؤمنين من أنه قال بالفورية وأجاز تقديم الحاضرة على الفوائت دون فائتة واحدة وكيف كان فقد حكى هذا القول عن الشيخ والإسكافي والسيدين والحلبي والحلي بل ربما نسب هذا القول إلى أكثر القدماء بل عن غير واحد نسبته إلى المشهور بينهم بل عن الخلاف والغنية ورسالتي المفيد والحلي الاجماع عليه وربما ذهب إليه أيضا بعض متأخري المتأخرين وعن المصنف رحمه الله في المعتبر وغيره كظاهر المتن بقرينة الفرع الآتي التفصيل بين فائتة واحدة وفوائت متعددة فاعتبر الترتيب في الأول دون الثاني وعن العلامة في المختلف التفصيل بين ما لو قضاها في يوم الفوات وغيره فقال ما لفظه الأقرب انه إذا ذكر الفائتة في يوم الفوات وجب تقديمها على الحاضرة ما لم يتضيق وقت الحاضرة سواء اتحدت أو تعددت ويجب الابتداء بسابقتها على لاحقتها وان لم يذكرها حتى يمضي ذلك اليوم جاز له فعل الحاضرة في أول وقتها ثم اشتغل بالقضاء سواء اتحدت الفائتة أو تعددت ويجب الابتداء بسابقتها على لاحقتها والأولى تقديم الفائتة ما لم يتضيق وقت الحاضرة انتهى والظاهر أن مراده بيوم الفوات هو ما يشمل الليل إذ النهار فقد لا يمكن ان يكون ظرفا لفوات الصلوات المتعددة وربما نقل في المسألة تفاصيل اخر لا يهمنا استقصائها والمتبع هو الدليل. احتج القائلون بجواز تقديم الحاضرة على الفائتة مطلقا بأمور وعمدتها الروايات الدالة عليه منها صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن نام رجل أو نسي ان يصلي المغرب والعشاء الآخرة فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما وان خاف ان تفوته إحديهما فليبدء بالعشاء وان استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء قبل طلوع الشمس ونحوها خبر أبي بصير والمرسل المروي عن الفقه الرضوي المتقدمان في المسألة الأولى والمناقشة في هذه الأخبار باشتمالها على امتداد وقت العشائين إلى طلوع الفجر واشتمال الأخيرين منها على المنع عن القضاء عند طلوع الشمس وهما مخالفان للمشهور أو المجمع عليه قد عرفت ضعفها في المسألة الأولى وهذه الأخبار صريحة في المدعى ولكن لا تنفى التفصيل المنقول عن المصنف رحمه الله اي التفصيل بين فائتة واحدة وأكثر كما لا يخفى وصحيحة الحلبي قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل فاتته صلاة النهار متى يقضيها قال متى شاء ان شاء بعد المغرب وان شاء بعد العشاء وصحيحة محمد بن مسلم قال سألته عن الرجل يفوته صلاة النهار قال يصليها يقضيها ان شاء بعد المغرب وان شاء بعد العشاء ودعوى ان المراد بصلاة النهار في الخبرين النوافل النهارية عرية عن الشاهد كما تقدمت الإشارة إليه في المسألة الأولى ومرسلة جميل عن الصادق عليه السلام قال قلت له يفوت الرجل الأولى والعصر والمغرب وذكرها عند العشاء الآخرة قال يبدء بالوقت الذي هو فيه لا يأمن الموت فيكون قد ترك صلاة فريضة في وقت قد دخلت ثم يقضي ما فاته الأولى فالأولى وقد تقدم في المسألة السابقة تقريب دلالة الرواية على المدعى ودفع ما يتوجه عليه من الاشكال فراجع ورواية العيص بن القاسم المروية عن كتاب الحسين بن سعيد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي أو نام عن الصلاة حتى دخل وقت صلاة أخرى فقال إن كانت صلاة الأولى فليبدء بها وان كانت صلاة العصر صلى العشاء ثم صلى العصر وعن ابن طاوس وغيره عن النسخ المعتمدة من قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن عن جده عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال وسألته عن رجل نسي المغرب حتى دخل وقت العشاء الآخرة قال يصلي العشاء ثم يصلي المغرب وسألته عن رجل نسي العشاء فذكر بعد طلوع الفجر قال يصلي العشاء ثم يصلي الفجر وسألته عن رجل نسي الفجر حتى حضرت الظهر قال يبدء بالظهر ثم يصلي الفجر كذلك كل صلاة بعدها صلاة فان صدرها وذيلها كالصريح في جواز تقديم الحاضرة على الفائتة وما فيها من الحكم بتقديم العشاء المنسية على الفجر فهو من باب الأولوية كما أن الحكم بتقديم الحاضرة في الصورتين أيضا من هذا الباب كما يفصح عن ذلك الضابط المذكور في ذيل الرواية حيث يشعر بان حكمة الامر بالتقديم أو التأخير رعاية أولوية صاحبة الوقت بالبدء بها في وقتها والتحرز عن الصلاة في الأوقات المكروهة فكل صلاة لا يكره بعدها صلاة كالظهر والعشائين يكون البدأة بها أولى وكل صلاة يكره الصلاة بعدها كالصبح والعصر يقدم عليها الفائتة كراهته ان يؤتى بها في الوقت الذي يكره الصلاة فيه ولكن في الحدائق وغيره روى هذه الرواية عن قرب الإسناد نحوه الا أنه قال يبدء بالفجر ثم بالظهر فعلى هذا على خلاف المطلوب أدل ولكن الظاهر كونه من سهو قلم الناسخ إذ لا يناسبه الضابط المذكور في ذيله وكيف كان ففي الرواية اشكال اخر وهو ان ظاهرها فوات وقت المغرب للناسي مع سعة الوقت وهو خلاف المشهور بل مخالف للأدلة المعتبرة كما عرفته في محله و حملها على إرادة اخر وقت العشاء بعيد عن مساقها وهذا الاشكال وارد على موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام التي استدلوا بها أيضا للمدعى قال سألته عن الرجل تفوته المغرب حتى تحضر العتمة فقال إذا حضرت العتمة وذكر ان عليه صلاة المغرب فان أحب ان يبدء بالمغرب بدء وان أحب بدء بالعتمة بدء ثم صلى المغرب بعد وما قيل في توجيهها من حمل المغرب على المغرب من ليلة أخرى خلاف الظاهر ويمكن توجيهها على القول بانتهاء وقت المغرب إلى ثلث الليل حيث يتسع على هذا القول الوقت المختص بالعشاء فلا ينافي حينئذ سوق التعبير ولكنك عرفت في محله ضعف هذا القول فالأوجه رد علمها إلى أهله وكيف كان ففيما عدى هذه الرواية غنى وكفاية وما في بعضها من ضعف السند غير قادح بعد استفاضتها واعتضاد بعضها ببعض واستدل له أيضا بالأصل واطلاق قوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس ومثل قوله عليه السلام إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر والعصر وقوله عليه السلام إذا دخل الوقت عليك فصلهما فإنك لا تدري والروايات الواردة في الحث على المبادرة إلى فعل الفريضة في أول وقتها مع أن
(٦١٢)