قبل الدفن والفريضة في وقتها قدمت الفريضة على المشهور بل لم ينقل الخلاف فيه عن أحد عدى ما حكى عن المبسوط من أنه قال لو تضيقت الحاضرة بدأ بها الا ان يخاف ظهور حادثة في الميت فيبدأ به مع أنه احتمل في محكى الذكرى ارادته تضيق وقت الفضيلة الذي هو الوقت الاختياري لديه فيكون هذا عنده من الاعذار المسوغة للتأخير إلى الوقت الثاني وعليه فلا يكون خلافا فيما نحن فيه والا فضعفه ظاهر لوضوح أهمية الفريضة من صلاة الجنازة في الشريعة مع أنه لم يتحقق الخلاف فيه من أحد والله العالم * (المسألة الخامسة) * إذا صلى على جنازة بعض الصلاة ثم حضرت أخرى كان مخيرا ان شاء قطع الأولى واستأنف الصلاة عليهما وان شاء أتم الأولى على الأول واستأنف للثاني كما صرح به غير واحد بل في الحدائق نسبته إلى المشهور واستدلوا عليه بصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهما السلام في قوم كبروا على جنازة تكبيرة أو تكبيرتين ووضعت معها أخرى قال إن شاؤوا تركوا الأولى حتى يفرغوا من التكبير على الأخيرة وان شاؤوا رجعوا الأولى وأتموا التكبير على الأخيرة كل ذلك لا بأس به قال في محكى الذكرى والرواية قاصرة الدلالة عن إفادة المدعى إذ ظاهرها ان ما بقي من تكبير الأولى محسوب للجنازتين فإذا فرغ من تكبير الأولى تخيروا بين تركها بحالها حتى يكملوا على الأخيرة وبين رفعها من مكانها والاتمام على الأخيرة وليس في هذا دلالة على ابطال الصلاة على الأول بوجه هذا مع تحريم قطع العبادة الواجبة انتهى أقول فهذه الصحيحة بظاهرها تدل على ما حكى عن ابن الجنيد من أنه قال يجوز للامام جمعهما إلى أن يتم على الثانية خمسا وان شاء ان يؤمي إلى أهل الأولى ليأخذوها ويتم على الثانية خمسا وربما يؤيده أيضا خبر جابر قال سئل أبو جعفر عليه السلام عن التكبير على الجنازة هل فيه شئ موقت فقال لا كبر رسول الله صلى الله عليه وآله أحد عشر وتسعا وسبعا وخمسا وستا وأربعا بناء على ما حكى عن الشيخ في توجيهه من أنه بعد ان روى هذه الرواية قال ما تضمنه هذا الخبر من زيادة التكبير على الخمس مرات متروك بالاجماع ويجوز ان يكون عليه السلام اخبر عن فعل النبي صلى الله عليه وآله بذلك لأنه كان يكبر على جنازة واحدة أو اثنتين فكان يجاء بأخرى فيبتدء من حيث انتهى خمس تكبيرات فإذا أضيف إلى ما كان كبر زاد على الخمس تكبيرات وذلك جائز على ما سنبينه فيما بعد إن شاء الله تعالى انتهى وكيف كان هذا القول اي جواز التشريك فيما بقي من التكبيرات للأولى وكون أهلها بعد الفراغ من الخمس مخيرا بين رفعها وابقائها حتى يتم الصلاة على الثانية قوى بالنظر إلى ظاهر هذه الصحيحة كما نص عليه غير واحد فيجب حينئذ بناء على وجوب اتباع كل تكبيرة بذكر خاص الجمع بين وظيفته التكبير بالنسبة إلى الجنازتين فصاعدا ولكنك عرفت فيما سبق ضعف هذا البناء الا ان الاحتياط مما لا ينبغي تركه واما ما نسب إلى المشهور من كونه مخيرا بين القطع واستيناف صلاة لهما وبين اتمام الأولى واستيناف صلاة للثانية فقد عرفت قصور الصحيحة عن اثباته وربما يستدل له أيضا بالفقه الرضوي وان كنت تصلي على الجنازة وقد جاءت الأخرى فصل عليهما صلاة واحدة بخمس تكبيرات وفيه بعد الغض عن سنده عدم وضوح دلالته على المدعى لامكان ان يكون المراد به التشريك بين الأولى والثانية في الخمس تكبيرات التي يأتي بها للثانية من غير أن يقطع الصلاة على الأولى فيكون الصلاة المأتى بها للأولى لدى التحليل أزيد من الخمس التي ينوي بها للجنازتين كما وجه بذلك الشيخ خبر جابر في عبارته المتقدمة ويحتمل ان يكون مراد المشهور القائلين بأنه يستأنف الصلاة عليهما ما لا ينافي ذلك وكيف كان فلم نقف على دليل خاص يدل عليه ولكن ليس فيه شئ ينافي الأصل والعمومات عدى ما أشار إليه الشهيد في عبارته المتقدمة من حرمة قطع العبادة الواجبة وقد عرفت لدى البحث عن حرمة قطع الفريضة اختيارا ان عمدة المستند لهذا الحكم الاجماع وهو في غير محل الكلام فمقتضى الأصل جواز القطع والعدول عن الفرد الذي تلبس به إلى فرد اخر قبل اكماله فالأقوى التخيير بين الوجوه الثلاثة الاتمام على الأولى والتشريك والقطع ثم الاستيناف كما صرح به في الجواهر وغيره والله العالم بحقائق احكامه * (الفصل الخامس) * في الصلوات المرغبات وهي قسمان الأول النوافل اليومية وقد ذكرناها فيما سبق مفصلة وما عدا ذلك وهو ينقسم على قسمين فمنه ما لا يختص وقتا بعينه وهذا كثير غير انا نذكر مهمه وهو صلوات الأولى صلاة الاستسقاء وهي مستحبة عند غور الأنهار وفتور الأمطار اي عند الجدب في المدارك قال هذا قول علمائنا أجمع قاله في التذكرة وقل في المنتهى اجمع كل من يحفظ عنه العلم على استحباب صلاة الاستسقاء عند الجدب الا أبا حنيفة فإنه قال لا تسن لها الصلاة بل الدعاء وهو محجوج باستفاضة النقل من طريق الخاصة والعامة ان رسول الله صلى الله عليه وآله صلى للاستسقاء ركعتين ففي خبر طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله صلى للاستسقاء ركعتين وبدء بالصلاة قبل الخطبة وكبر سبعا وخمسا وجهر بالقراءة ومما يدل أيضا على مشروعيتها مضافا إلى الاجماع وقاعدة التأسي اخبار مستفيضة منها صحيحة هشام بن الحكم أو حسنته عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن صلاة الاستسقاء فقال مثل صلاة العيدين يقرء فيها ويكبر فيها يخرج الامام ويبرز إلى مكان نظيف في سكينة ووقار وخشوع ومسكنة ويبرز معه الناس فيحمد الله ويمجده ويثني عليه ويجتهد في الدعاء ويكثر من التسبيح والتهليل والتكبير ويصلي مثل صلاة العيدين ركعتين في دعاء ومسألة واجتهاد فإذا سلم الامام قلب ثوبه وجعل الجانب الذي على المنكب الأيمن على المنكب الأيسر والذي على الأيسر على الأيمن فان رسول الله صلى الله عليه وآله كذلك صنع وخبر مرة مولى محمد بن خالد قال صاح أهل المدينة إلى محمد بن خالد في الاستسقاء فقال لي انطلق إلى أبي عبد الله عليه السلام فاسئله ما رأيك فان هؤلاء قد صاحوا إلى فاتيته فقلت له فقال لي قل له فليخرج قلت متى يخرج جعلت فداك قال يوم الاثنين قلت كيف يصنع قال يخرج المنبر ثم يخرج يمشي كما يمشي يوم العيدين وبين يديه المؤذنون في أيديهم عنزهم حتى إذا انتهى إلى المصلي يصلي بالناس ركعتين بغير اذان ولا إقامة ثم يصعد المنبر فيقلب ردائه فيجعل الذي على يمينه على يساره والذي على يساره على يمينه ثم يستقبل القبلة فيكبر الله مائة تكبيرة رافعا بها صوته ثم يلتفت إلى الناس عن يمينه فيسبح الله مائة تسبيحة رافعا بها صوته ثم يلتفت إلى الناس عن يساره فيهلل الله مائة تهليلة رافعا بها صوته ثم يستقبل الناس فيحمد الله مائة تحميدة ثم يرفع يديه فيدعو ثم يدعون فاني لأرجو ان لا تخيبوا قال ففعل فلما رجعنا قالوا من تعليم جعفر عليه السلام في الوسائل بعد ان
(٥١٤)