بثم ولكن يرد على أصل الاستدلال أولا منع ظهور الصحيحتين في الاشتراط فضلا عن الدلالة على إرادة قسم خاص من الغير لجواز ان يكون قوله عليه السلام في صحيحة إسماعيل كل شئ شك فيه مما قد جاوزه ودخل في غيره من قبيل عطف التفسير بل لعل هذا هو المتبادر منه بعد الالتفات إلى أن الدخول في الغير من مقومات صدق التجاوز عن محل الشكوك فيه عادة واما وقوع العطف بثم في صحيحة زرارة فلا يكاد يشعر بإرادة قسم خاص من الغير اي ما كان منفصلا عن المشكوك فيه فضلا عن الدلالة عليه كيف مع أنه لا فاصل بين القراءة والتكبير الذي وقع في صدر الحديث التصريح بحكمه بل ولا بين الركوع والسجود بما يعد فاصلا في العرف بحيث يصحح ارادته بثم فالتعبير به باعتبار المباينة الذاتية لا التراخي بحسب الزمان ولعله وقع بملاحظة ان الشك في وجود الشك لا يتحقق غالبا الا مع الفصل فقوله عليه السلام ثم دخلت في غيره توطئه لقوله فشككت فلا يفهم منه مدخليته من حيث هو في ثبوت الحكم وثانيا سلمنا ظهورهما في الاشتراط ولكن دعوى ان المتبادر من الغير إرادة الافعال التي لها عناوين مستقلة ممنوعة ولو سلم فهو انصراف بدوي منشأه انصراف لفظ الشئ في قوله كل شئ شك فيه أو إذا خرجت من شئ في بادي الرأي إلى الأشياء التي لها عناوين مستقلة فينسبق إلى الذهن من لفظ الغير أيضا بقرينة المقابلة ما يماثلها نظير ما لو قيل إذا خرجت من بلد ودخلت في غيره أو من دار ودخلت في غيرها وهكذا فلا ينسبق إلى الذهن من لفظ الغير الا ما يماثل الشئ الذي جعل مقايلا له فبعد التفات الذهن إلى عدم قصور لفظ الشئ المذكور في الخبرين عن شمول ابعاض القراءة والتشهد من نحو اية أو شهادة بل وكلمة أو كلمتين فضلا عن مجموع الفاتحة وان انصرافه عن مثلها بدوي منشأه التفات الذهن إليها ابتداء من غير أن يقتصر عليها في فهم الحكم يرى أن لفظ الغير أيضا كان تابعا له في هذا الانسباق والحاصل ان مقتضى عموم الغير شموله لمطلق ما يغائر المشكوك ودعوى انصرافه إلى ماله عنوان مستقل محتاجه إلى البينة وهي منتفية واما قوله عليه السلام في صدر صحيحة إسماعيل ان شك في الركوع بعد ما سجد فليمض فلا يدل على أنه ان شك قبله يجب الاعتناء به إذ لا اعتداد بمفهوم اللقب خصوصا مع وروده مورد الغالب وتوهم انه من باب مفهوم الشرط كما صدر من غير واحد مدفوع بان الشرطية مسوقة لبيان تحقق الموضوع فلا مفهوم لها والا فمفهومها ان لم يشك بعد ما سجد فلا يمض وهو غير مراد جزما فدلالته على في لمضي لو شك قبل الركوع بحيث يعم حال الهوى لو سلمت فبمفهوم القيد وهو في حيز المنع ودعوى ورود القيد في مقام التحديد فيكون القيد احترازيا ممنوعة بل هو جار مجرى التمثيل فلا يصلح ان يكون صارفا للكلام المسوق في ذيل الخبر في مقام اعطاء الضابط عن ظاهره فالأظهر ما ذهب إليه غير واحد من المتأخرين من كفاية الدخول في الغير مطلقا واما ان اعتبار الدخول في الغير هل هو باعتبار كونه محققا للانتقال من موضعه كما يقتضيه استدلالهم له بقوله عليه السلام في خبر محمد بن مسلم كلما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو أو ان له من حيث هو دخلا في الحكم فلا يكاد يفهم من اخبار الباب و اما الخبر المزبور ونظائره فقد أشرنا فيما تقدم إلى أنه من أدلة قاعدة الشك بعد الفراغ فلا يتم الاستشهاد به لما نحن فيه ولكن قد أشرنا انفا إلى أنه لا يترتب على تحقيقه ثمرة مهمة عدى ما سنشير إليه وربما يؤيد أيضا بل يشهد بكفاية مطلق الغير صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل اهوى إلى السجود فلا يدري ركع أم لم يركع قال قد ركع ولكن قد ينافيه صحيحته الأخرى قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل رفع رأسه من السجود فشك قبل ان يستوي جالسا فلم يدر اسجد أم لم يسجد قال يسجد قلت فرجل نهض من سجوده فشك قبل ان يستوي قائما فلم يدر اسجد أم لم يسجد قال يسجد واستجود غير واحد من المتأخرين كصاحب المدارك وغيره العمل بكل من الصحيحتين في موردهما وهو جيد إذ ليس قاعدة الشك بعد تجاوز المحل قاعدة عقلية غير قابلة للتخصيص فمقتضي القاعدة جعل هذه الصحيحة مخصصة لعموم الغير كما انا لو قلنا بان المراد بالغير خصوص الافعال المستقلة اتجه الالتزام بكون هوى السجود أيضا بمنزلتها اخذا بالصحيحة الدالة على السليمة عما يصلح لمعارضتها عدى الأصول والقواعد الغير الصالحة لمعارضة النص الخاص القاضي بخلافها ودعوى ان المراد بقوله عليه السلام اهوى إلى السجود فلا يدري ركع أم لم يركع عروض الشك بعد ان سجد مدفوعة بمخالفته للظاهر خصوصا اطلاق الجواب من غير استفصال وكيف كان فقد ظهر بما قررناه ضعف ما نسب إلى المشهور من أنه لو شك في القراءة أو في ابعاضها ولو في اية أو كلمة من أول الفاتحة وجب التلافي ما لم يركع بل عن بعضهم التصريح بعدم الاعتداد بالقنوت أيضا لما عرفت من أنه تخصيص لعموم الغير بلا مقتضى والعجب ممن استدل للمشهور بمفهوم تقييد المضي بالركوع في صحيحة زرارة بدعوى انه وان ورد في كلام السائل ولكن تقرير الامام يجعله بحكم كلامه في إفادة المفهوم وفيه ما لا يخفى وكذا ما عن الذكرى والروضة من الرجوع فيما لو شك في الركوع وهو هاو إلى السجود فإنه مع كونه تخصيصا بلا مخصص محجوج بالصحيحة المتقدمة واضعف منهما ما عن الشيخ والفاضل في نهايتهما من أنه لو شك في السجود بعد ما قام وجب عليه الرجوع ما لم يركع فإنه يتوجه عليه مضافا إلى ما عرفت والى ما عن الحلي من دعوى الاجماع على خلافه وقوع التصريح بخلافه في صحيحة إسماعيل المتقدمة ونظيره في الضعف القول بالرجوع إلى التشهد ول شك فيه وهو في القيام ما لم يركع كما حكى عن بعضهم وعن بعض القول بالرجوع إلى السجود لو شك فيه وهو في التشهد ولعل مستند هذا القول اطلاق الصحيحة الأخيرة وفيه ان المتبادر من قوله عليه السلام نهض من سجوده إرادة النهوض من السجود فلا يتناول الفرض نعم لو شك في التشهد حال النهوض لا يبعد دعوى استفادته منها بتنقيح المناط الا ان عمدته على مدعيه فليتأمل تنبيهات الأول وجوب التلافي في المحل على وفق الأصول فلا يجوز الاخلال به واما عدمه بعد تجاوز المحل على خلاف الأصل ولكنه ثبت بالدليل فهل هو عزيمة كما قواه في الجواهر أم رخصته كما عن الشهيد في الذكرى احتمالها وجهان من ظهور اخبارها في وجوب المضي وعدم الالتفات إلى الشك ومن امكان دعوى ورودها مورد توهم الحظر فلا يفهم منها أزيد من الجواز ولكن يتوجه على هذا الوجه بعد تسليم أصل الدعوى ان كونه عزيمة لا يتوقف على كون الامر بالمضي للوجوب بل يكفي في ذلك كونه متفرعا على حكم الشارع بان شكه
(٥٥٨)