فقولوا عليك ثم إنه ورد الرد في أكثر هذه الروايات بدونه الواو وفي خبر غياث معها وقضية الجمع بين الأخبار الالتزام بالتخيير وحصول الرد بكل منهما كما يساعد عليه العرف ولكن الأحوط ترك الواو لما قيل من موافقة خير غياث الأكثر الروايات العامة وأصحها مع كون الراوي عاميا وقد يقوي في النظر جواز الرد عليهم بلفظ السلام مقتصرا عليه قاصدا به الرد الصوري الذي يتحقق به تأليف القلوب لا التحية عليهم حقيقة كما يدل عليه خبر زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال يقول في الرد على اليهودي والنصراني سلام إذا الاقتصار على لفظ السلام ليس الا لأجل ان لا يقصد التحية عليهم فيضمر في نفسه مثلا كونه على من اتبع الهدى ونحوه أو لكنه يتحقق به الرد الصوري الذي لم يرد سلامهم والله العالم واما جواب سلام المسلمين فقد ورد في جل الأخبار المشتملة عليه في غير حال الصلاة بصيغة وعليك السلام بواو العطف مع تقديم الظرف واما في حال الصلاة فسيأتي التكلم فيه فمن جملة تلك الأخبار رواية حماد الأحمسي قال دخلت على أبي عبد الله (ع) وانا أريد ان أسئله عن صلاة الليل فقلت السلام عليك يا بن رسول الله فقال وعليك السلام اي والله انا لولده الحديث وخبر الحكم بن عتبة قال بينما انا مع أبي جعفر (ع) والبيت غاص باهله إذ اقبل شيخ يتوكأ على عنزة له حتى وقف على باب البيت فقال السلام عليك يا بن رسول الله ورحمة الله وبركاته فقال أبو جعفر (ع) وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وفي صحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر (ع) ان أمير المؤمنين في جواب من سلم عليه قال وعليك السلام و رحمة الله وبركاته إلى غير ذلك من الروايات المشتملة عليه كالنبوي المتقدم في صدر المبحث وغيره مما يقف عليه المتتبع ولاجل ذلك زعم صاحب الحدائق وجوب تقديم الظرف في غير حال الصلاة وعكسه في حال الصلاة ناسبا لهما إلى الشهرة وفيه انه ليس لرد السلام حقيقة شرعية فالمدار على ما يتحقق به الجواب ويصدق عليه اسم رد السلام عرفا على حسب ما يقتضيه اطلاق أدلته ووقوع الجواب في الأخبار بالصيغة الخاصة لا يدل على انحصار الجواب شرعا أو عرفا بتلك الصيغة بل هي بحسب الظاهر ليس الا لكونها احدى المصاديق التي يتحقق بها الجواب أو أشيعها وأبلغها والا فلا ينبغي الارتياب في صحة تأخير الظرف عرفا في مقام الجواب خصوصا إذا كان لفظ السلام معرفا قاصدا به العهد وكفاك شاهدا على ذلك الأخبار الآتية الواردة في الصلاة التي وقع فيها التصريح برد السلام بصيغة سلام عليكم أو السلام عليك ونحوه وكونه في الصلاة أو في خارجها لا مدخلية له في صدق اسم رد السلام عليها وتوهم ان الحكم شرعي لا العرفي فلا بد من أن يؤخذ موضوعه من الشارع وقد وقع الجواب بتقديم الظروف في كلمات الشارع في غير حال الصلاة بعكس حال الصلاة مما لا ينبغي الالتفات إليه ويدل عليه أيضا قوله عليه السلام في ذيل رواية زرارة المتقدمة فإذا سلم عليك مسلم فقولوا سلام عليكم وإذا سلم عليكم كافر فقولوا عليك وفي الحدائق بعد ذكر هذه الرواية قال ويمكن الجواب عن هذه الرواية بان الغرض من هذا اللفظ انما هو بيان الفرق بين الرد على المسلم والكافر بان الكافر يقتصر بالرد عليه بقوله عليك من غير ارداف بالتسليم عليه بخلاف المسلم فإنه يردفه بالتسليم وسياق الخبر انما هو في ذلك وليس الخبر مسوقا لبيان كيفية الرد انتهى وفيه ما لا يخفى إذ غاية ما يمكن ادعائه بشهادة السباق انه لم يرد من هذا اللفظ خصوصه بحيث يكون واجبا عينيا لأنه لم يرده أصلا بل أريد به مدلوله على سبيل الاجمال والاهمال الغير المنافي لاشتراطه بكونه بعبارة مغايرة لهذا اللفظ فإنه تأويل بعيد بلا مقتضى وربما يظهر من العبارة المحكية عن التذكرة أيضا اعتبار تقديم الظرف في الجواب حيث قال ما لفظه وصيغة الجواب وعليكم السلام ولو قال وعليك السلام جاز ولو ترك حرف العطف وقال عليكم السلام فهو جواب خلافا للشافعية فلو تلاقي اثنان فسلم كل منهما على الاخر وجب على كل واحد منهما جواب الاخر ولا يحصل الجواب بالسلام وان ترتب السلامان انتهى ولا يبعد ان يكون غرضه بيان صيغة المتعارفة الا انحصار الجواب به بحيث لو قال السلام عليكم بقصد الجواب لم يتحقق به الرد الواجب عليه والا فهو محجوج بما عرفت * (فروع الأولى) * صرح غير واحد بفورية رد السلام بل عن مصابيح الظلام استظهار اتفاق الأصحاب عليه وادعى بعض كونه مقطوعا به في كلماتهم ووجهه ان المتبادر من أدلته ليس الا إرادة الاتيان به عقيب السلام على حسب ما هو المتعارف في رد السلام بل يعتبر عرفا التوالي في تحقق مفهوم رد السلام بل مكرر يعتبر عرفا التوالي في تحقق مفهوم رد السلام إلى هنا فلو تركه إلى أن مضى زمان يعتد به فقد فات محله فلو اجابه بعد ذلك يعد في العرف مستهزءا به الا رادا لسلامه فما عن مجمع البرهان من أنه لو كان المسلم حاضرا وجب عليه الرد دائما ولو غاب وذهب يجب عليه الذهاب حتى يرد عليه عندهم فلا يجوز فعل الصلاة المنافي له بناء على مسألة الضد انتهى ولا يخلو من نظر الثاني وجوب رد السلام كفائي بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن الذكرى دعوى الاجماع عليه ويشهد له موثقة غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا سلم من القوم واحدا جزء عنهم وإذا رد واحد أجزء عنهم ومرسلة ابن بكير عن أبي عبد الله (ع) قال إذا مرت الجماعة بقوم أجزء عنهم ان يسلم واحد منهم أو إذا سلم على القوم وهم جماعة اجزئهم ان يرد واحد منهم ويظهر من الخبرين ان استحباب الابتداء أيضا كفائي كما صرح به في الحدائق وغيره ويدل عليه أيضا صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج المروية عن الكافي عن أبي عبد الله (ع) على ما في الوسائل قال إذا سلم الرجل من الجماعة أجزء عنهم وفي التعبير بالاجزاء إشارة إلى أن الاكتفاء بفعل الواحد في المقامين رخصة فيشرع للباقين أيضا الكلام أو الجواب كما يقتضيه عموما أدلته فالمراد بكون استحبابه كفائيا كفاية فعل الواحد لإقامة السنة لا سقوطه رأسا كما أومى إلى ذلك العلامة في ما حكى من تذكرته حيث قال ما لفظه وابتداء السلام سنة على الكفاية ولو سلم واحد من جماعة على واحد من جماعة أخرى كفى ذلك لإقامة السنة انتهى ثم إن ظاهر النص وفتاوي الأصحاب كما صرح بعضهم انما هو سقوط الجواب عن الكل برد واحد إذا كان ذلك الواحد داخلا في المسلم عليهم فلا يسقط برد من لم يكن داخلا فيهم وهل يسقط برد الصبي المميز الداخل فيهم وجهان بل قولان ان وجههما الأول لاطلاق الخبر ين الحاكم على ظهور الآتية في وجوبه عينا على كل من شمله التحية اللهم الا ان يدعي انصرافه إلى البالغين وفيه تأمل بل منع ودعوى ان المتبادر من الخبرين إرادة واحد ممن وجب عليه الرد والصبي ليس منهم مدفوعة بان المتبادر منه ليس الا إرادة واحد
(٤٢٣)