وكيف كان فلا يجب مراعاة هذا الترتيب بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن غير واحد التصريح بنفي الخلاف فيه للأصل إذ المناسبات المغروسة في الأذهان مانعة عن ظهور مثل هذه الأخبار في إرادة الوجوب ويدل عليه مضافا إلى ذلك صحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بأس بان يقدم الرجل وتؤخر المرأة ويؤخر الرجل وتقدم المرأة يعني في الصلاة على الميت وصحيحة الحلبي المضمرة قال سئلته عن الرجل والمرأة يصلي عليهما قال يكون الرجل بين يدي المرأة مما يلي القبلة فيكون رأس المرأة عند وركي الرجل مما يلي يساره ويكون رأسها أيضا مما يلي يسار الامام ورأس الرجل مما يلي يمين الامام ويحتمل ان يكون المراد بما في مضمرة سماعة المتقدمة أيضا التقدم بهذه الكيفية كما أنه يحتمل ان يكون المراد بها ما ذكره في المتن وغيره بل عن المنتهى دعوى اجماع العلماء كافة عليه وهو ان يجعل صدرها محاذيا لوسطه ليقف الامام موقف الفضيلة منهما ثم إن المنساق من النصوص المزبورة مما عدى الأخيرة منها ككلمات الأصحاب انما هو ان تصف الجنائز المعددة بعضها على اثر بعض بين يدي الامام ولكن روى عمار في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي على ميتين أو ثلاثة موتى كيف يصلي عليهم قال إن كان ثلاثة أو اثنتين أو عشرة أو أكثر من ذلك فليصل عليهم صلاة واحدة يكبر عليهم خمس تكبيرات كما يصلي على ميت واحد وقد صلى عليهم جميعا يضع ميتا واحدا ثم يجعل الاخر إلى الية الأول ثم يجعل رأس الثالث إلى الية الثاني شبه الدرج حتى يفرغ منهم كلهم ما كانوا فإذا سواهم هكذا قام في الوسط فكبر خمس تكبيرات يفعل كما يفعل إذا صلى على ميت واحد سئل فإن كان الموتى رجلا ونساء قال يبدء بالرجال فيجعل رأس الثاني إلى الية الأول حتى يفرغ من الرجال كلهم ثم يجعل رأس المرأة إلى الية الرجل الأخير ثم يجعل رأس المرأة الأخرى إلى الية المرأة الأولى حتى يفرغ منهم كلهم فإذا سوى هكذا قام في الوسط وسط الرجال فكبر عليهم وصلى عليهم كما يصلي على ميت واحد الحديث ولعل المراد بمضمرة الحلبي أيضا هذه الكيفية اي جعل الجميع صفا واحدا شبه الدرج وقد حكى عن ظاهر جماعة منهم الشهيد في الذكرى والعلامة في جملة من كتبه مع تصريحه هنا بمثل ما في المتن العمل به وهو في محله إذ لا معارضة بين الأخبار بعد كون الحكم استحبابيا لامكان كون اختلاف الكيفيات المستفادة منها منزلا على اختلاف جهات الفضيلة وفي الحدائق بعد نقل موثقة عمار وما وقع في بعض فقراتها من الاختلاف في نقل بعض ألفاظها بين رواية الشيخ والكليني قال وكيف كان فعندي في العمل برواية عمار اشكال فإنه متى طال الصف وقام الامام في وسط الرجال فان قرب الامام إلى الجنازة التي يقوم بحذائها كما هو السنة في الصلاة على الجنازة لزم تأخر ميمنة الصف خلفه وان بعد على وجه تكون الميمنة قدامه لزم خلاف السنة في الصلاة ولم أر من تعرض لهذا الاشكال في هذا المجال انتهى أقول وهذا الاشكال يشبه ان يكون اجتهادا في مقابل النص الخاص الصحيح السليم عن معارض مكافؤ فهو مما لا وقع له ولو كان طفلا مع الرجل والمرأة جعل الطفل من وراء المرأة مما يلي القبلة كما عن النهاية والمهذب والغنية بل عن الأخير دعوى الاجماع عليه وعللوه بأولويتها بالشفاعة منهم واطلاق قوله عليه السلام في خبر طلحة بن زيد المتقدم وإذا صلى على الصغير والكبير قدم الصغير واخر الكبير وفيه ان هذه الرواية مسوقة لبيان جهات الترجيح التي كان يلحظها الامام لدى الصلاة على جنائز متعددة من الرجولة والكبر والحرية فليس لها اطلاق بالنسبة إلى ما لو اختلفت الجنائز من سائر الجهات بان كان الصغير حرا أو ذكرا والكبير مملوكا أو أنثى ولو سلم ظهوره في الاطلاق حتى مع الاختلاف في الذكورة لوجب صرفه عن ذلك جمعا بينه وبين مرسلة ابن بكير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام في جنائز الرجال والصبيان والنساء قال توضع النساء مما يلي القبلة والصبيان دونهم والرجال دون ذلك ويقوم الامام مما يلي الرجال المعتضد بما في الخبر المتقدم المروي عن عمار من أنهم وضعوا جنازة الغلام مما يلي الامام والمرأة ورائه وقالوا هذا هو السنة واما ما ذكروه من أولويتها بالشفاعة فهو مجرد اعتبار لا يصلح دليلا لاثبات حكم شرعي فضلا عن صلاحية المعارضة لما عرفت واما الاجماع المنقول فموهون بمصير كثير إلى خلافه في الصبي لست فصاعدا بل عن الخلاف وظاهر الجواهر الاجماع على تقديم الصبي لست فصاعدا عليها فالاخذ بمفاد المرسلة خصوصا بالنسبة إلى ذي الست فصاعدا أشبه بالقواعد ثم انك قد عرفت في مبحث نية الوضوء من كتاب الطهارة وكذا في باب تداخل الأغسال انه لا مانع عن تصادق عناوين متكثرة بعضها واجب وبعضها مندوب على فعل واحد شخصي فيصح حينئذ الاتيان بذلك الفعل قاصدا به امتثال جميع الأوامر المتعلقة بتلك العناوين فيندفع بذلك ما استشكله جملة من الاعلام في الاجتزاء بصلاة واحدة على الكبير والصغير الذي لا تجب عليه الصلاة بل تستحب نظرا إلى استحاله اتصاف فعل واحد شخصي بصفتي الوجوب والاستحباب وقد عرفت في المبحث المشار إليه شرح حال ما هو من نظائر المقام بحيث لم يبق معه موقع لمثل هذه الشبهات فراجع وأن يكون المصلي متطهرا كما يدل عليه خبر عبد الحميد بن سعد قال قلت لأبي الحسن عليه السلام الجنازة يخرج بها ولست على وضوء فان ذهبت أتوضأ فاتتني الصلاة أصلي عليها وانا على غير وضوء فقال تكون على طهر أحب ويجوز التيمم مع وجود الماء إذا خاف فوت الصلاة على الجنازة ان ذهب إلى الوضوء كما يدل عليه صحيحة الحلبي أو حسنته قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل تدركه الجنازة وهو على غير وضوء فان ذهب يتوضأ فاتته الصلاة عليها قال يتيمم ويصلي بل قد عرفت في مبحث التيمم شهرة القول بجواز التيمم لصلاة الجنازة مع وجود الماء مطلقا واستدل له بمضمرة سماعة قال سئلته عن رجل مرت به جنازة وهو على غير وضوء كيف يصنع قال يضرب بيده على حائط اللبن يتيمم وقد تقدم في المبحث المشار إليه تحقيق القول في ذلك فراجع وكذا يستحب ان ينزع نعليه كما في المتن وغيره بل في المدارك هذا مذهب الأصحاب لا اعلم فيه مخالفا وكيف بمثله دليلا لمثله من باب التسامح في السنن ويدل عليه أيضا خبر سيف بن عميرة عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يصلي على الجنازة بحذاء ولا بأس بالخف وقد يناقش فيه بان هذه الرواية ظاهرها لحرمة وحيث يتعذر الاخذ بهذا الظاهر لمخالفته لفتوى الأصحاب مع ما فيه
(٥٠٧)