مجازفة خصوصا ثانيهما إذ الظاهر أن امر الامام بالايماء لعدم الامن من المطلع بلحاظ تقدمه على من خلفه فلو جازت المساواة لامر الجميع بان يصلوا في صف واحد بركوع وسجود ولم يكن الإمامة مقتضية لتجويز الايماء في حقه فالقول بوجوب التأخر في الجملة مع أنه أحوط لا يخلو من قوة وخصوصا في المأموم المتعدد بل في الحدائق أوجب التأخر في المتعدد والمساواة في الواحد مستدلا على مختاره بتكاثر الاخبار واستفاضتها بأنه متى كان المأموم متحدا فموقفه عن يمين الامام والمتبادر منه المحاذاة وان كان أكثر فموقفهم خلفه ثم قال وحينئذ فحكمهم بالاستحباب في كل من الموقفين مع دلالة ظواهر الاخبار على الوجوب من غير معارض سوى مجرد الشهرة تحكم محض انتهى وفيه ما تقدمت الإشارة إليه من أن المراد بقيام المتعدد خلفه هو ان يجعلوا الامام بين أيديهم بحيث يصلون ورائه فهو ليس للوجوب جزما كما أن الامر بقيام الواحد عن يمينه أيضا كذلك إذ لا شبهة في أنه يجوز للمأموم الواحد ان يقف خلف الامام وعن يساره وكذا لا شبهة في أنه يجوز للمتعدد ان يقفوا عن يمين الامام أو شماله إذا تأخروا عنه بقليل كما يدل عليه مضافا إلى عدم خلاف يعتد به في شئ من الروايات الدالة على استحباب ان يحول الامام المأموم الواحد الذي يصلي على يساره إلى يمينه فإنه تدل على صحة تلبسه بالصلاة وانه لو لم يحوله الامام إلى يمينه ولو لجهله بالحكم أو الموضوع أو غفلته عنه مضت صلاته كما ربما يؤيد ذلك أيضا ما ورد في المتداعيين في الإمامة أو المأمومية فتأمل والأخبار النافية للبأس عن أن يقوم الرجل في الصف وحده معللا بان الصف يبدء واحد بعد واحد فإنها باطلاقها تعم الواحد الذي يدخل المسجد أول القوم فيقف خلف الامام في الصف الأول ويصلي بصلاته وما دل على كراهة ان يقف المأموم وحده خلف الصفوف وانه إذا لم يجد في الصفوف مكانا يقف بحذاء الامام لا خلفهم فإنه يدل على جواز القيام بحذاء الامام مع تعدد المأمومين وربما يؤيد ذلك أيضا ما ورد في كيفية الجماعة للنساء وفي امامة العاري العراة إلى غير ذلك من الشواهد والمؤيدات مما يقف عليه المتتبع فلا ينبغي الارتياب في شئ من ذلك ثم إن مقتضى اطلاق كلمات الأصحاب في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم المحكية كإطلاق الخبرين الواردين في العاري الذين اعترفنا بظهورهما في شرطية التأخر في الجملة كون عدم تقدم المأموم على الامام شرطا واقعيا لا علميا فلو أخل به ولو سهوا بطلت قدوته بلا اشكال فيه لدى استمراره على ذلك وأما لو عاد إلى موقفه فهل تعود قدوته أم تحتاج إلى تجديد النية ان جوزناها للمنفرد أم يفصل بين العمد والسهو ففي الأول تتوقف على التجديد دون الثاني وجوه أومى إليها الشهيد في محكي الذكرى فقال لو تقدم المأموم في أثناء الصلاة متعمدا فالظاهر أنه يصير منفردا لاخلاله بالشرط ويحتمل ان يراعى باستمراره أو عوده إلى موقفه فان عاد أعاد نية الاقتداء ولو تقدم غلطا أو سهوا ثم عاد إلى موقفه فالظاهر بقاء القدوة للحرج ولو جدد نية الاقتداء هنا كان حسنا وكذا الحكم لو تقدمت سفينة المأموم على سفينة الامام فلو استصحب نية الايتمام بعد التقدم بطلت صلاته وقال الشيخ في الخلاف لا تبطل لعدم الدليل انتهى والأحوط ان لم يكن أقوى في كلتا الصورتين اما اتمام صلاته منفردا أو إعادة نية الاقتداء ان جوزناها بعد الانفراد واما ما استدل به لبقاء القدوة مع السهو من الحرج فلم يتضح وجهه وما ذكره في ذيل كلامه من الحكم ببطلان صلاته لو استصحب نية الايتمام مع التقدم ينبغي تقييده بما لو أخل بوظيفة المنفرد من ترك قراءة أو زيادة ركن ونحوه للمتابعة والا فالحق ان مجرد هذه النية غير مؤثر في البطلان لما حققناه في مبحث النية من أن الجماعة ليست من الفصول المنوعة لماهية الصلاة في مقابل الفرادى بل هي خصوصية موجبة لتأكد مطلوبية الطبيعة ولحوق احكام خاصة بها فلا يكون قصدها منافيا لقصد أصل الطبيعة بل متوقف عليه ولا يتوقف وقوعها فرادى على قصد حصولها كذلك بل على عدم قصد الجماعة أو عدم سلامتها له فمتى لم تصح جماعة وقعت بنفسها فرادى وان لم يقصدها كذلك ما لم يخل بشئ مما يعتبر فيها حال الانفراد ولعل ما حكاه عن الشيخ من الحكم بعدم البطلان أريد به في مثل هذا الفرض لا مطلقا فليتأمل وربما استظهر من المشهور القول ببطلان أصل الصلاة مع التقدم لا خصوص الجماعة وفيه تأمل وكيف كان فالأقوى ما عرفت والله العالم ثم إن المدار في التقدم والمساواة العرف كما صرح به غير واحد من المتأخرين إذ لم يتحقق فيهما حقيقة شرعية ولا تحديد شرعي فكان ما وقع للأصحاب من تقديرهما في حال القيام أو هو مع الركوع بالأعقاب أو بها والأصابع معا أو بالمناكب خاصة وبأصابع الرجل في حال السجود وبمقاديم الركبتين والاعجاز في حال التشهد والجلوس وبالجنب في حال الاضطجاع لإرادة ضبط مفهومها عرفا والا فليس في نصوص المقام تعرض لشئ من ذلك عدى انه ورد في كيفية صلاة العراة ان الامام يتقدمهم بركبتيه ولا يبعد ان يدعى ان المقصود بذلك أدنى ما يجزي مما يتحقق معه اطلاق اسم التقدم في العرف وكيف كان فيشكل الاقتصار على الأقل مما ينسبق ارادته من هذه الرواية وهو مجموع الركبة إذ المتبادر من هذه الرواية إرادة الاقتصار على أدنى ما يجزي مما يتأدى به وظيفة الإمامة من التقدم كما أن الأحوط ان لم يكن الأقوى حفظ مثل هذا النسبة في سائر أحوال الصلاة حتى حال السجود بالنسبة إلى مسجده وموضع ابهامه والله العالم ولابد في صحة الجماعة للمأموم وترتب احكامها عليه من نية الايتمام بلا خلاف فيه ولا اشكال لان عنوان الاقتداء الذي هو مناط ترتب الآثار من سقوط القراءة ونحوه لا يتحقق الا بها فلو لم ينوه كان منفردا فعليه رعاية احكامه فلو مضى على احكام الجماعة والحال هذه بطلت صلاته وعليه يحمل ما عن بعض من الحكم بأنه لو أخل بنية الاقتداء بطلت صلاته فان معناه انه لو صلى جماعة من دون نية الايتمام كانت صلاته باطلة لا انها تبطل مطلقا حتى فيما إذا راعى فيها وظيفته إذ لا مقتضى حينئذ لبطلانها أصلا حتى فيما إذا الزم نفسه بمتابعة الامام صورة وصيرورته
(٦٥٥)