ما في الاستدلال على صحة صوم هذا الصايم بعموم تلك الأخبار مع خروج هذا الفرد عن موضوعها وعدم امكان استفادة حكمه منها الا بدعوى تنقيح المناط الذي لا يصح ادعائه الا بعد فرض صحة صومه وعدم بطلانه بعدوله عن قصده وكيف كان فيتوجه على أصل المبنى انه لم يظهر من شئ من الأدلة كون نية الإقامة بنفسها قاطعة للسفر بحيث يحتاج العود إليه بعدها على قطع مسافة مستأنفة ولا توقف ترتب شئ من الآثار الثابتة لها على كونها كذلك ودعوى الاجماع عليه غير مسموعة بل غاية ما دلت الأدلة عليه ان المسافر إذا دخل أرضا وأيقن ان له بها مقام عشرة أيام وجب عليه الصيام والتمام وترتيب احكام الحاضر ما دام باقيا على عزمه لا انه يندرج في موضوع الحاضر حقيقة بمجرد هذا العزم بحيث يتوقف اندراجه في موضوع المسافر ثانيا إلى قطع مسافة أخرى نعم قد اعترفنا فيما سبق بأن يستشعر من ترتيب هذه الأحكام على نية الإقامة بواسطة المناسبات المغروسة في الأذهان ان الشارع انما رتب هذه الأحكام على من أراد ان يقيم في بلد عشرة أيام فما زاد بلحاظ كون البقاء في مكان بهذا المقدار عن عزم وإرادة سابقة مؤثرة في ضعف علاقة المسافرة وصيرورته بواسطة استقراره وطول مكثه في ذلك البلد بمنزلة أهله في انقطاع سفره فكونه كذلك حكمه للحكم بترتيب اثر الإقامة على نيتها لا علة له بحيث يكون ثبوته مراعى باتمام الإقامة هذا مع أنه مجرد اشعار لا يعول عليه في صرف الأدلة عن ظاهرها وانما العمدة فيما جزمنا به من كون إقامة العشرة قاطعة للسفر هي الصحيحة الناطقة بان من قدم مكة قبل التروية بعشرة أيام هو بمنزلة أهلها المتممة بالنسبة إلى من نوى الإقامة وصلى صلاة تامة بعدم القول بالفصل مع اشعار صحيحة أبى ولاد المتقدمة أيضا بذلك من حيث دلالتها على لزوم حكم الإقامة بذلك حتى يسافر من ذلك المكان فتلخص مما ذكر انه لا دليل على انقطاع السفر بمحض نية الإقامة بل هي سبب لتنجز التكليف بالصيام والتمام ما دام بقائها فإذا زالت عاد إلى ما يقتضيه عمومات أدلة التقصير الا ان يصلى صلاة فريضة بتمام كما يقتضيه صحيحة أبى ولاد والمنساق مما في هذه الصحيحة من قوله ع وصليت صلاة فريضة بتمام هي الفريضة التامة المأتى بها كذلك من حيث كونه ناويا للإقامة فلا يكفي الفريضة الغير المقصودة ولا قضاء التامة الا ان يكون قضاء ما فاتته حين يكون ناويا للإقامة كما لو نوى الإقامة في الظهر فنسي صلاتها ثم ذكرها في الليل وقضاها تامة ثم عدل عن قصده فان الظاهر كفايتها في لزوم حكم الإقامة لعموم النص وانصرافه إلى الحاضرة ان سلم فبدوي ولو صلى في أحد مواضع التخيير كفى لان التمام بعد النية صارت عزيمة على تردد فيما لو كان اختبار التمام غفلة عن كونه ناويا للإقامة بل لكونه أفضل بل قد يقوى كفايته ح لخروجه عن منصرف النص ولو دخل في الصلاة بنية القصر ثم بدأ له في الأثناء الإقامة فأتمها فالظاهر كفايته لعدم قصور النص عن شموله وانصرافه عن مثله لو كان فهو بدوي لا يلتفت إليه ولو دخل في الصلاة بعد ان نوى الإقامة بنية التمام ثم بدأ له في الأثناء فالأظهر بطلان اقامته وان كان قبل التسليم فضلا عما لو كان في الأولين اللتين يتمكن معهما من التقصير إذا المنساق من الصحيحة الدالة على لزوم حكم الإقامة بفعل الصلاة تامة انما هو فيما لو كان رجوعه عن قصده بعد أداء الصلاة تامة لا في أثنائها كما اعترف به غير واحد وهل يجب عليه اتمام هذه الصلاة التي تلبس بها بنية التمام مطلقا أم يجب قطعها واستينافها قصرا كذلك أو يفصل بين ما لو كان رجوعه قبل ان يقوم للثالثة وبعده فيقصر في الأول ويتم في الثاني أو بين ما لو كان قبل دخوله في ركوع الثالثة فيقصر وبعده فيستأنف أو يتم وجوه بل أقوال وسيأتي التعرض لتحقيق ما هو الحق منها عند تعرض المصنف له انشاء الله ولو نوى الإقامة وترك الصلاة عمدا أو نسيانا حتى خرج وقتها ثم بدا له قبل قضائها فالظاهر تأثير البداء في بطلان اقامته كما صرح به غير واحد لما عرفت من تعليق الحكم المخالف للأصل في ظاهر النص بفعل الصلاة تامة لا بمضي وقتها خلافا للمحكى ممن آخرين فاكتفوا بخروج الوقت في العامد وترددوا في الناسي هو تعد عن ظاهر النص بلا دليل كما عرفت ويجب قضائها على التمام لأنها فاتت كذلك خلافا للمحكى عن المنتهى فأوجب قضائها قصرا فلعله يرى كشف البداء عن بطلان اقامته من أصله وفيه ان ظاهر النصوص والفتاوى وسببيته نية الإقامة لوجوب الاتمام ما دام بقائها فهو ما دام كونه ناويا للإقامة مكلف بالاتمام والصيام كالحاضر وفعل صلاة تامة موجب لبقاء هذا الحكم وعدم ارتفاعه بزوال قصده ما دام في ذلك المكان لا انه مؤثر في صحة النية وسببيتها لوجوب الاتمام كما تقدم تحقيقه آنفا واما القصر فإنه عزيمة لا رخصة بلا خلاف فيه بيننا على الظاهر بل لعله من ضروريات المذهب وقد وقع التصريح بوجوب التقصير في السفر كالاتمام في الحضر في صحيحة زرارة المتقدمة في صدر الباب وغيرها مما لا حاجة إلى استقصائه بعد وضوح الحكم ودلالة جل الروايات الواردة في هذا الباب التي تقدم كثير منها في طي المباحث السابقة عليه كما لا يخفى على المتتبع الا ان يكون المسافة أربعا فما زاد ولم تبلغ الثمانية ولم يرد الرجوع ليومه أو ليلته فإنه مخير ح بين القصر والاتمام على قول ربما نسب إلى المشهور بين القدماء وقد تقدم البحث فيه مفصلا فراجع والا ان يكون قد سافر بعد دخول الوقت فإنه يتخير ح بينهما على قول محكى عن خلاف الشيخ وستعرف الحال فيه أو يكون المسافر في أحد المواطن الأربعة مكة والمدينة والمسجد الجامع بالكوفة والحاير فإنه مخير في هذه المواطن والاتمام أفضل كما هو المشهور على ما نسب إليهم وحكى عن الصدوق أنه قال يقصر ما لم ينو المقام عشرة أيام والأفضل ان ينوى المقام بها ليوقع صلاته تماما وعن السيد المرتضى ره في الجمل على أنه قال لا تقصير في مكة ومسجد النبي ص ومشاهد القائمين مقامه والمعتمد الأول للأخبار المستفيضة الدالة عليه الشاهدة للجمع بين ما يظهر منه وجوب الاتمام ووجوب التقصير فما يدل على أفضلية الاتمام صحيحة حماد بن عيسى قال قال أبو عبد الله ع ان من مخزون علم الله الاتمام في أربعة مواطن حرم الله وحرم رسوله ص وحرم أمير المؤمنين وحمر الحسين بن علي وخبر مسمع عن أبي إبراهيم عليه السلام قال كان أبى يرى لهذين الحرمين ما لا يراه لغيرهما ويقول إن الاتمام فيهما من الامر المذخور ورواية معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال من الامر المذخور الاتمام في الحرمين وعن الصدوق مرسلا عن الصادق عليه السلام قال من الامر المذخور اتمام الصلاة في أربعة مواطن مكة والمدينة ومسجد الكوفة وحائر الحسين وصحيحة علي بن مهزيار المروية عن التهذيب قال كتبت إلى أبى جعفر الثاني ان الرواية قد اختلفت عن ابائك في الاتمام والتقصير للصلاة في الحرمين فمنها بان يتم الصلاة ولو صلاة واحدة ومنها ان يقصر ما لم ينو عشرة أيام ولم أزل على الاتمام فيهما إلى أن صدرنا في حجنا في عامنا هذا فان فقهاء أصحابنا أشاروا على بالتقصير إذا كنت لا أنوي مقام عشرة أيام فصرت إلى التقصير وقد ضقت بذلك حتى اعرف رأيك فكتب إلى ع بخطه قد علمت يرحمك الله فضل الصلاة في الحرمين على غيرهما فانا أحب لك إذا دخلتهما ان لا تقصر وتكثر فيهما من الصلاة فقلت له بعد ذلك بسنتين مشافهة انى كتبت إليك بكذا وأجبتني بكذا فقال نعم فقلت أي شئ تعنى بالحرمين فقال مكة والمدينة ومتى إذا توجهت من منى فقصر الصلاة فإذا انصرفت من عرفات إلى منى وزرت البيت ورجعت إلى منى فأتم تلك الثلاثة أيام وقال بإصبعه ثلثا قال المحقق الأردبيلي في شرح الارشاد بعد نقل هذه الرواية وليس من قوله ومتى إلى اخره موجودا في الكافي وعدمه اظهر ويمكن حمل قوله ع فأتم على قصد الإقامة في مكة فيدل على
(٧٥٨)