بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين ولعنه الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين خاتمة قواطع الصلاة قسمان أحدهما يبطلها عمدا أو سهوا وهو كلما يبطل الطهارة سواء دخل تحت الاختيار أو خرج كالبول والغائط وما شابهه من موجبات الوضوء والجنابة والحيض وما شابهه من موجبات الغسل بلا خلاف فيه على الظاهر في حال العمد عدى ما ستسمعه عن بعض من تقوية القول بعدم مبطلية الحدث الواقع بعد السجدة الأخيرة مطلقا وعن غير واحد دعوى الاجماع عليه بل عن بعض عدة من ضروريات المذهب واما في غير حال العمد فالظاهر المصرح به في كلام بعض في لخلاف فيه أيضا فيما يوجب الغسل وفيما يوجب الوضوء خلافا على ما صرح به بعض فالمشهور انه كالعمد مبطل للصلاة وقيل لو احدث ما يوجب الوضوء سهوا تطهر وبني ولا يبعد ان يكون المراد بالسهو في هذا المقام ما يقابل العمد اي الخارج بلا اختيار لا السهو عن كونه في الصلاة مع اختيارية الحديث وكيف كان فقد كان نسب هذا القول إلى السيد و الشيخ في بعض كتبهما ففي المدارك قال ونقل عن الشيخ والسيد انهما قالا يتطهر ويبني على ما مضى من صلاته وفرق المفيد ره في المقنعة بين المتيمم وغيره فأوجب البناء في المتيمم إذا سبقه الحدث ووجد الماء والاستيناف في غيره واختاره الشيخ في النهاية والمبسوط وابن أبي عقيل وقواه في المعتبر انتهى وربما نوقش في نسبته القول المزبور إلى الشيخ والسيد بأنه لا ظهور لعبارتهما في اختياره قولا بل ذكرا ان من سبقه الحدث من بول أو ريح أو غير ذلك لأصحابنا فيه روايتان إحديهما وهو الأحوط انه يبطل صلاته فلا يظهر من مثل هذه العبارة الا التردد في الحكم فلم يتحقق مخالفتهما للمشهور نعم ربما يظهر من المدارك اختياره وان لم يصرح به الا انه أشار إليه بما هو أبلغ من التصريح فإنه بعد ان نقل الأخبار الآتية التي هي مستند هذا القول قال وتأويل هذه الأخبار ربما يطابق المشهور مشكل واطراحها مع سلامة سندها ومطابقتها لمقتضى الأصل أشكل وكيف كان فما يدل على المشهور موثقة عمار عن أبي عبد الله (ع) قال سئل عن الرجل يكون في صلاته فيخرج منه حب القرع كيف يصنع قال إن كان خرج نظيفا من العذرة فليس عليه شئ ولم ينقض وضوئه وان خرج متلطخا بالعذرة فعليه ان يعيد الوضوء وان كان في صلاته قطع الصلاة وأعاد الوضوء والصلاة وخبر الحسن بن الجهم عن أبي الحسن عليه السلام قال سئلته عن رجل صلى الظهر أو العصر فأحدث حين جلس في الرابعة قال إن كان قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فلا يعد وان كان لم يتشهد قبل ان يحدث فليعد وخبر علي بن جعفر المروي عن قرب الإسناد وكتاب المسائل عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل يكون في الصلاة فيعلم ان ريحا قد خرجت فلا يجد ريحها ولا يسمع صوتها قال يعيد الوضوء والصلاة ولا يعتد بشئ مما صلى إذا علم ذلك يقينا وخبر أبي الصباح الكناني عن الصادق عليه السلام قال سئلته عن الرجل يخفق وهو في الصلاة فقال إن كان لا يحفظ حدثا منه ان كان فعليه الوضوء وإعادة الصلاة وان كان يستيقن انه لم يحدث فليس عليه وضوء ولا إعادة أقول المراد بقوله عليه السلام وان كان يستيقن الخ على الظاهر كونه بحيث يدرك حدوثه بان لم يكن النوم مستوليا على قلبه ومذهبا لشعوره وخبر الحسين بن حماد عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أحس الرجل ان بثوبه بللا وهو يصلي فليأخذ ذكره بطرف ثوبه فيسمه بفخذه فإن كان بللا فليتوضأ وليعد الصلاة وان لم يكن بللا فذلك من الشيطان واستدل له أيضا برواية أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام انهما قالا لا تقطع الصلاة الا اربع الخلا والبول والريح والصوت فان اطلاقها يعم حالة السهو وفيه تأمل لورودها مورد حكم اخر فلا يظهر منها الاطلاق من هذه الجهة وعلى تقدير التسليم فلا ينهض دليلا في مقابل الأخبار الآتية التي استدل بها الخصم لمذهبه واضعف من ذلك الاستدلال له بان الطهارة شرط للصلاة فيكون انتفائها موجبا لانتفاء الصلاة قضية للشرطية إذا الشرطية لا تقتضي الا اعتبارها في افعال الصلاة كقصد القربة الذي قد عرفت في محله انه لا يعتبر الا حال التشاغل بافعالها وما يقال من أن الأكوان المتخللة أيضا منها لقولهم عليهم السلام تحريمها التكبير وتحليلها التسليم قد عرفت ضعفة في المبحث المشار إليه بما لا مزيد عليه وقد يقال في تشييد هذا الاستدلال بان المتبادر من مثل قوله (ع) لا صلاة الا بطهور انما ارادته مستمرا كالاستقبال وفيه ما لا يخفى من أنه لا اشعار في مثل هذه العبارة باعتبار في جميع افعال الصلاة أيضا فضل عن استمراره من أولها إلى اخرها وانما يسبق ذلك إلى الذهن بواسطة معهوديته من الخارج والا فلا يفهم من هذه العبارة الا اعتبار الظهور في مهية الصلاة على سبيل الاجمال كما هو واضح ونظيره في الضعف ما يقال من أن الطهارة في خلال الصلاة فعل كثير ماح لصورتها فان أتم الصلاة بعد الحدث بلا طهارة فلقد أخل بشرطها وان كان بعد تحصيل الطهارة فقد تخلل بينهما الفعل الكثير الماحي لصورتها وفيه منع كون مثل الوضوء على اطلاقه فعلا كثيرا مبطلا للصلاة مع أن الطهارة قد تحصل بالتيمم الذي يحصل بضرب اليدين على الأرض وامراره على الوجه واليدين ولا يعد مثل ذلك في العرف فعلا فضلا عن أن يعد كثيرا ما حيا لصورة الصلاة فالعمد في المقام هي الأخبار المزبورة المعتضدة بالشهرة بل عدم تحقق خلاف يعتد به فيه بل عن التذكرة وغيره دعوى الاجماع عليه واستدل للقول بعد البطلان مطلقا من غير فرق بين الطهارة المائية والترابية بصحيحة الفضل بن يسار قال قلت لأبي جعفر (ع) أكون في الصلاة فأجد غمزا في بطني أو اذى أو ضربانا فقال انصرف ثم توضأ وابن علي ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصلاة بالكلام متعمدا وان تكلمت ناسيا فلا شئ عليك فهو بمنزلة تكلم في الصلاة ناسيا قلت فان قلب وجهه عن القبلة قال نعم وان قلب وجهه عن القبلة قال السيد المرتضى ره على ما نقل عنه لو لم يكن الاز والغمز ناقضا للصلاة لم يأمره بالانصراف أقول يعني ان التعبير بهما كناية عن خروج الحدث بلا اختيار وفيه نظر سيأتي توضيحه وخبر أبي سعيد القماط قال سمعت رجلا يسئل أبا عبد الله (ع) عن رجل وجد غمزا في بطنه أو اذى أو عصرا من البول وهو في صلاة المكتوبة في الركعة الأولى أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة فقال إذا أصاب شيئا من ذلك فلا باس بان يخرج لحاجته تلك فيتوضأ ثم ينصرف إلى مصلاه الذي كان يصلي فيه فيبني على صلاته من الموضع الذي خرج منه لحاجته ما لم ينقض الصلاة بالكلام قال قلت وان التفت يمينا وشمالا أو ولي عن القبلة قال نعم كل ذلك
(٣٩٩)