فصل بعض فمنع امامتهما في الجمعة خاصة نظرا إلى نقصهما وعدم صلاحيتها لهذا المنصب العظيم وفيه انه رجم بالغيب فيما لا إحاطة لنا بمناطه فلعل الأليق بهذا المنصب من كان أكرم عند الله وأزكى نفسا لا من كان سالما جسده من الآفات وكذا الكلام في الأعمى فان الأشبه فيه أيضا جواز إمامته بل قد يظهر من بعضهم عدم الخلاف بيننا في جواز إمامته في غير الجمعة كما سيأتي التعرض له انشاء الله في محله ولكن منع كثير منهم عن إمامته للجمعة للوجه الاعتباري المزبور الذي لا ينبغي الالتفات إليه * (المسألة السادسة) * ان المسافر إذا نوى الإقامة في بلد عشرة أيام فصاعدا وجب عليه الجمعة لأنه بحكم المقيم شرعا فلا يتناوله احكام المسافر وكذا إذا لم ينو الإقامة ومضى عليه ثلاثون يوما في مصر واحد نعم لو قلنا بان مضي الثلثين ليس من قواطع السفر شرعا الا ان الحكم فيه التمام كما سيأتي التكلم فيه انشاء الله اتجه الالتزام ببقائه على ما كان من سقوط الجمعة عنه لاطلاق أدلته السالم عن ورود دليل حاكم عليه كما تقدم التنبيه عليه فيما سبق والله العالم * (المسألة السابعة) * الأذان الثاني في يوم الجمعة المسمى في عرفهم أيضا بالأذان الثالث الذي تعارف بين العامة من زمان عثمان أو معاوية على ما قيل بدعة إذ لم يعهد في الشرعية لفريضة واحدة الا اذان وإقامة فما زاد على ذلك بدعة كما وقع التصريح بذلك في خبر حفص بن غياث عن جعفر عن أبيه عليهما السلام أنه قال الأذان الثالث يوم الجمعة بدعة قيل وانما سمى ثالثا لأن النبي صلى الله عليه وآله شرع للصلاة اذانا وإقامة فالزيادة ثالث أو باعتبار ان الأذان المشروع في يومها أوله ما كان لفريضة الصبح فهو ثالث بهذه الملاحظة أو بملاحظة الأذان الذي شرع للاعلام بدخول الوقت واحتمال ان يكون المراد به اذان العصر ضعيف كما تقدم تحقيقه في محله والمتبادر من اطلاق البدعة في النص كعبائر الأصحاب إرادة الحرمة كما أومي إلى ذلك قوله (ع) في صحيحة الفضلاء الا فان كل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار وقيل مكروه استضعافا للخبر وعموم البدعة للحرام وغيره وحسن الذكر والدعاء إلى المعروف وتكريرهما الا انه حيث لم يفعله النبي صلى الله عليه وآله ولم يأمر به كان أحق بوصف الكراهة ولا يخفي ما في تعليله للكراهة فالأولى ان يعللها بالتشبيه بالمبتدعين المعلوم مرجوحيته أو بالخروج عن شبهة الخلاف من باب حسن الاحتياط وكيف كان فالأول أشبه إذ اتى به بقصد التوظيف كما هو منصرف النص إذا الظاهر أنه تعريض على المخالفين الذين يأتون به على الظاهر بعنوان المشروعية فهو بهذا العنوان تشريع محرم واما لو اتى به لا بعنوان كونه الأذان الثاني المرخوص فيه شرعا حتى يتحقق موضوع التشريع بل بقصد الذكر والدعاء أو مطلق الأذان المحبوب من كل أحد فلا مقتضي لكراهته أيضا فضلا عن حرمته عدى الوجه الذي تقدمت الإشارة إليه من التشبه بالمخالفين والاتيان بما هو صورة بدعة وربما احتمل بعض كون النزاع لفظيا إذ لا يظن بأحد الالتزام بجوازه لدى الاتيان به بقصد التوظيف ولا بأحد حرته فيما لو اتى به لا بهذا القصد فليتأمل * (المسألة الثامنة) * يحرم البيع يوم الجمعة بعد الأذان في المدارك قال في شرح العبارة اجمع العلماء كافة على تحريم البيع بعد النداء للجمعة قاله في التذكرة والقران الكريم ناطق بذلك قال الله تعالى " يا أيها الذين امنوا إذا نودي للصلاة يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع " أوجب تركه فيكون فعله حراما وهى يحرم غير البيع من العقود قال في المعتبر الأشبه بالمذهب لا خلافا لطائفة من الجمهور لاختصاص النهي بالبيع فلا يتعدى إلى غيره واستشكله العلامة (ره) في جملة من كتبه نظرا إلى المشاركة في العلة المؤمي إليها بقوله ذلكم خير لكم وهو في محله انتهى ما في المدارك وصرح بعض من تأخر عنه بالتعدي إلى كل مفوت لشهادة سوق الآية بان النهي عن البيع انما هو بلحاظ انه يلهيهم عن السعي والحضور إلى الجمعة لا من حيث هو تعبدا فالمراد بالبيع على الظهر مطلق الاشتغال بالكسب حتى السعي في مقدماته الموجبة لفوات الجمعة لا خصوص عقده وتخصيصه بالذكر مع عدم انحصار المفوت به لعله لتعارف سببيته لترك السعي والحاصل ان المتبادر من الآية انما هو مطلوبية ترك البيع من حيث كون الاشتغال به مانعا من الحضور إلى الجمعة وقضية ذلك اختصاص الحرمة بالبيع الذي يكون كذلك دون البيع الذي يجتمع مع السعي والحضور وعمومها لكل مفوت والتوقيت بما بعد النداء للجري مجرى الغالب من حصول النداء عند الزوال وتنجز التكليف بالسعي حاله والا فلا يدور الحكم مدار حصول النداء بل ولا على دخول الوقت بل على كونه مفوتا للحضور فمن كان على رأس فرسخين كما يتنجز عليه التكليف بالسعي قبل النداء كذلك يحرم عليه البيع حين تنجز التكليف بالسعي ولكن هذه كله خلاف ظواهر كلمات المشهور حيث يظهر من كلماتهم ان للنداء من حيث هو دخلا في التحريم ولذا وقع الكلام في أنه هل يتحقق الحرمة بالشروع في الأذان أو الفراغ منه ونسب إلى المشهور بل عن المنتهى وظاهر التذكرة الاجماع على في لحرمة قبل النداء بعدم الزوال وصرح بعض بأنه على القول بجواز تقديم الخطبتين على الزوال فان قلنا بجواز تقديم الأذان أيضا قبلهما فيحرم به البيع والا لم يحرم كما أنه يظهر من تخصيصهم البيع بالذكر اختصاص الحرمة به كما هو صريح المعتبر على ما نقله في المدارك في عبارته المتقدمة وعن بعضهم التصريح بحرمته تعبدا وان لم يكن مفوتا للحضور والمستند في ذلك كله الجمود على ما يترائى من ظاهر الآية والذي يقتضيه التحقيق انا ان قلنا بان سوق الآية يشهد بان النهي عن البيع نهي تبعي توصلي سيق المبالغة والاهتمام في الامر السعي إلى الصلاة نظير قوله المولى لعبده عند إرادة الامر بذهاب السوق لشراء اللحم اذهب ولا تجلس صح لنا (ح) دعوى ان مناط النهي وجودا وعدما هو التفويت ولكن يشكل (ح) الالتزام بحرمة البيع أيضا فضلا عن غيره إذ لم يقصد بهذا النهي تكليف مغائر للتكليف بالسعي بل هو بمنزلة ما لو قال فاسعوا إلى ذكر الله ولا تتركوه بالاشتغال ببيع ونحوه في عدم كونه تأسيسا لحكم بل تأكيدا لما تضمنه الامر واما ان منعنا ذلك وقلنا إن المتبادر من الامر بترك البيع انما هو تعلق طلب شرعي استقلالي به ولو لأجل كونه منافيا للسعي الواجب
(٤٥٨)