السند بأنها موثقة وهي حجة كما تقرر في محله واما التهافت فهو في غير الفقرة التي هي محل الاستشهاد فلا يقدح بالاستدلال واما الخدشة فيها بقصور الدلالة ففي غير محلها فإنها كادت تكون صريحة في المنع عن مثل الدكان وشبهه مما كان علوه دفعيا بمقدار معتد به نعم هي بالنسبة إلى العلو الغير المعتد به من مثل شبر فما دون إذا كان دفعيا اي في الأرض المبسوطة لا تخلو من تشابه كما عرفت وان كان احتمال إرادة نفي البأس عنه منن الرواية لا يخلو من قوة كما تقدمت الإشارة إليه ويدل أيضا على المدعى اي المنع عن العلو المعتد به مفهوم قوله عليه السلام في موثقة عمار المتقدمة نعم ان كان الامام أسفل منهم فإنه يفهم منه عدم الجواز إذا لم يكن أسفل وهو ان عم صورة التساوي أيضا ولكن علم بدليل خارجي نفي البأس مع التساوي أيضا فيكون الكلام بعد ملاحظة ذلك الدليل في قوة ان يقال نعم ان كان الامام أسفل منهن أو مساويا واستدل له أيضا في محكى الذكرى بما روى من أن عمار رضي الله عنه تقدم للصلاة على دكان والناس أسفل منه فقدم حذيفة فاخذ بيده حتى أنزله فلما فرغ من صلاته قال له حذيفة ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول إذا أم الرجل القوم فلا يقومن في مكان ارفع من مقامهم قال عمار فلذلك اتبعتك حين اخذت على يدي قال وروى أن حذيفة أم على دكان بالمدائن فاخذ عبد الله بن مسعود بقميصه فجذبه فلما فرغ من صلاته قال ألم تعلم أنهم كان ينهون عن ذلك قال بلى فذكرت حين جذبتني وفي الحدائق بعد نقل الخبرين عن الذكرى قال إن هذين الخبرين من روايات العامة أو من الأصول التي وصلت إليه ولم تصل الينا أقول ضعف سند الخبرين مانع عن الاعتماد عليهما في مقام الاستدلال فالأولى ذكرهما في مقام التأييد وربما استدل له أيضا بصحيحة زرارة المتقدمة الدالة على المنع عن أن يكون بين الامام والمأمومين أو بين الصفين ما لا يتخطى بدعوى شموله للمقام وفيه ما عرفته فيما سبق عن انها ظاهرة في البعد المبسوط على الأرض وكيف كان فلا ينبغي الاستشكال في الحكم خصوصا مع عدم معروفية خلاف يعتد به فيه إذ لم ينقل الخلاف الا عن الشيخ في الخلاف حيث حكى عنه القول بالكراهة مدعيا عليه الاجماع و وافقه في ذلك بعض متأخري المتأخرين كصاحبي المدارك والذخيرة ولكن يحتمل قويا ان يكون مراد الشيخ من الكراهة الحرمة إذ القدماء كثيرا ما يطلقون الكراهة بهذا المعنى خصوصا مع ما قيل من أن في عبارة الخلاف ما يعرب عن ذلك وكيف كان فما ذهب إليه المشهور أقوى فما في المتن من عدم الجزم بذلك حيث قال على تردد لعله في غير محله وحكى عن أبي على التفصيل بين المأمومين الاضراء والبصراء فقال لا يكون الامام أعلى في مقامه بحيث لا يرى المأموم فعله الا ان يكون المأمومون اضراء فان فرض البصراء الاقتداء بالنظر وفرض الاضراء الاقتداء بالسماع إذا صح لهم التوجه فكأنه لا يرى العلو من حيث هو مانعا وانما يعتبر في حق البصراء مشاهدة افعال الامام فالعلو المنافي له مانع عن صحة الاقتداء لذلك لا من حيث هو وكيف كان فالموثقة باطلاقها حجة عليه بقي الكلام في تحديد العلو المانع فقد اختلفت كلماتهم في ذلك فربما نسب إلى الأكثر ارجاعه إلى العرف وقدره جملة منهم بما لا يتخطى مستندا إلى الصحيحة المزبورة وفيه ما عرفت وعن بعض اخر تحديه بشبر اما غاية للجواز أو بداية للمنع قال الشهيد رحمه الله في محكى الذكرى لا تقدير للعلو الا بالعرف وفي رواية عمار ولو كان ارفع منهم بقدر إصبع إلى شبر فإن كان أرضا مبسوطة وكان في موضع فيه ارتفاع فقام الامام في المرتفع وقام من خلفه أسفل منه الا انه في موضع منحدر فلا بأس وهي تدل بمفهومها على أن الزائد على شبر ممنوع واما الشبر فيبنى على دخول الغاية في المغيا عدمه انتهى أقول لم نجد في سائر النسخ المتكفلة لنقل الرواية كونها مروية بهذه المتن فلعله قدس سره نقل مضمونها بمقتضى ما فهمه منها وهو وان لا يخلو من نظر حيث إنه جعل قوله فإن كان أرضا مبسوطة إلى اخره جزاء للشرطية الأولى وهو غير مستقيم لاقتضائه اختصاص هذا التحديد بالعلو الانحداري في الأرض المبسوطة وكون مطلق الارتفاع ولو أقل من إصبع في العلو الدفعي مانعا وكلاهما مخالفا للاجماع والسيرة القطعية مع أنه موجب لخروج الحد المزبور عن محل الكلام انما هو في المقدار المغتفر من العلو الدفعي كما لا يخفى ولكن ما استفاده منها من التحديد بالشبر لا يخلو من جودة اما على ما عن بعض نسخ التهذيب من التصريح بما إذا كان الارتفاع بقدر شبر فواضح واما على سائر النسخ فلان المنساق من قوله عليه السلام وان كان ارفع بقدر إصبع أو أكثر أو أقل إرادة المقدار اليسير الذي يقرب من إصبع غايته إلى شبر لا أزيد والا لقدره عادة بشبر وما يقرب منه لا بالإصبع وكيف كان فهذه الرواية بظاهرها تدل على المنع عما زاد على الشبر وما فيها من الاختلاف والاضطراب انما يوجب تشابهها بالنسبة إلى الشبر وما دونه فالقول بالمنع عما زاد على الشبر بل عن الشبر أيضا مع أنه أحوط لا يخلو من قوة واما ما دونه فهو مما لا يعتد به عرفا بحيث يرون المباينة بين موضع الامام وموقف المأمومين من حيث العلو وأدلة المنع قاصرة عن شموله مع أنه لا خلاف على الظاهر في نفي الباس عنه فلا ينبغي الارتياب فيه والله العالم هذا كله فيما إذا كان العلو دفعيا والا فيجوز ان يقف الامام على علو من ارض منحدرة بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن بعض دعوى الاجماع عليه ولكن ينبغي تقييده بما إذا لم يكن الانحدار شبيها بالتسنيم بل على وجه لم تخرج الأرض به عن صدق كونها أرضا مبسوطة عرفا إذ لا مخصص لعموم ما دل على المنع عدى ما في ذيل الموثقة المزبورة من قوله عليه السلام فإن كان أرضا مبسوطة وكان في موضع منها ارتفاع فقام الامام في الموضع المرتفع وقام من خلفه أسفل منه والأرض مبسوطة الا انهم في موضع منحدر فلا بأس وهي تدل على اشتراط نفي البأس عن قيام الامام في الموضع المرتفع ومن خلفه أسفل منه بكونهما في ارض مبسوطة وحصول الاختلاف بين موقفيهما من انحدار الأرض وقيام الامام في أعلاها والمأموم في الموضع المنحدر فلاحظ ولو كان المأموم على بناء عال كان جائزا بلا خلاف فيه على الظاهر بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه وما عن السرائر من تقييده بان لا ينتهى إلى حد لا يمكنه الاقتداء لعله ليس خلافا في المسألة ضرورة
(٦٣٣)