أيضا أي طلبها فيحتمل ان يكون المراد بعبارة المتن وغيره ممن عبره بمثلها مقتصرا عليها إرادة الأعم من الانشاد والنشدان من تعريفها وكيف كان فالظاهر كراهة كل منهما كما يدل عليه العليل الوارد في مرسل الفقيه الأول الذي مورده بحسب الظاهر نشدانها بشهادة الدعاء المأمور به عليه ولكن قد يمنع عموم العلة لان الانشاد من أعظم الطاعات والأولى به المجامع والمواضع التي يكثر اختلاف الناس إليها وأعظمها المساجد ويمكن أيضا الاستدلال للعموم باطلاق الضالة في مرسلة علي بن أسباط بدعوى ان المنساق منها إرادة مطلق اظهارها في المسجد انشادا كان أو نشدانا فإنها غير بعيدة واما مرسل الفقيه الثاني المشتمل على النهى عن أن تنشد الضالة فهو يحتمل لان يكون مشتقا من الانشاد الظاهر في إرادة تعريفها أو الأعم أو من النشدان الذي هو بمعنى طلبها على ما ذكروه في تفسير اللفظين فهو مجمل وان كان قد يدعى ان الأول أسبق إلى الذهن فتأمل واما إقامة الحدود فلم ينقل عن أحد منا الخلاف في كراهته ويشهد له بعض الأخبار المتقدمة فلا ينبغي الاستشكال فيه واما الضالة فهي على ما يظهر من بعض اللغويين تطلق على ما ضل من البهيمة للذكر والأنثى ولا تطلق على اللقطة من غيرها و لكن عن النهاية انها هي الضايعة من كل ما يقتنى من الحيوان وغيره وكأنها بهذا المعنى هي المرادة من اطلاقاتهم في هذا المقام ويدل على عموم الكراهة في الكل التعليل الوارد في النص بأنها لغير هذا بنيت فليتأمل واما انشاد الشعر فالمراد به على الظاهر مطلق قرائته كما فسره به في القاموس ويناسبه التعليل الوارد في الخبر المزبور لا خصوص رفع الصوت به كما نقله في كشف اللثام عن جملة من اللغويين وكيف كان ففي كشف اللثام بعد ان ذكر كراهة انشاد الشعر قال ما لفظه وقد يستثنى منه ما كان عبادة كمدحهم ومراثيهم وهجاء أعدائهم وشواهد العربية ويؤيده صحيح علي بن يقطين انه سئل أبا الحسن عليه السلام عن انشاد الشعر في الطواف فقال ما كان من الشعر لا باس به فلا بأس به وسئله ع علي بن جعفر عن الشعر أيصلح ان ينشد في المسجد فقال لا بأس به فاما المراد ففي الحرمة أو شعر لا باس به انتهى وهو جيد و يؤيده ما عن الذكرى وغيره من أن من المعلوم استقرار سيرة النبي صلى الله عليه وآله انه كان ينشد بين يديه البيت أو البيت أو الأبيات من الشعر في المسجد ولم يكن ينكر ذلك واما رفع الصوت الذي دل بعض الأخبار على كراهته فينبغي تقييده بغير ما علم استحباب الاعلان به كالاذان وقراءة الإمام بحيث يسمعه كل من خلفه وغير ذلك من الموارد التي ثبت رجحان رفع الصوت فيها بل لا يبعد دعوى انصراف ما دل على الكراهة عن مثله هذا مع ما في سنده من الضعف وعدم صلاحيته لان يتصرف به في أدلة سائر المستحبات فليتأمل ويكره أيضا النوم في المساجد خصوصا المسجدين على ما حكى عن الشيخ والحلي وجملة ممن تأخر عنهما بل في المدارك نسبة الكراهة إلى قطع أكثر الأصحاب وعن حاشية إلى المشهور وربما عللوه بمنافاته التوقير ومخافة خروج الخبث منه ومفهوم التعليل الواردة في النصوص السابقة من أنها بنيت لغير هذا وخبر زيد الشحام قال قلت لأبي عبد الله ع قول الله عز وجل ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى قال سكر النوم بناء على أن المراد مواضع الصلاة التي هي المساجد وفي الجميع تأمل فعمدة ما يصح الاستناد إليه لاثبات كراهته فيما عدى المسجدين هي الشهرة من باب المسامحة على اشكال واما في المسجدين فيدل على كراهة النوم فيهما صحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر ع ما تقول في النوم في المساجد فقال لا بأس الا في المسجدين مسجد النبي ص والمسجد الحرام قال وكان يأخذ بيدي في بعض الليل فينتحي ناحية ثم يجلس فيحدث في المسجد الحرام فربما نام هو ونمت فقلت له في ذلك فقال انما يكره ان ينام في المسجد الذي كان على عهد رسول الله فاما في هذا الموضع فليس به باس ولا يبعد ان يكون كراهته في مسجد النبي صلى الله عليه وآله أشد كما يشهد بذلك خر علي بن جعفر المروى عن قرب الإسناد قال سألته عن النوم في المسجد الحرام فقال لا بأس وسألته عن النوم في مسجد رسول الله فقال لا يصلح فان مقتضى الجمع بينه وبين الصحيح السابق حمل نفى البأس على خفة الكراهة وربما يشهد لشدة كراهته في خصوص مسجد النبي ص خبر محمد بن حمران عن أبي عبد الله ع في حديث قال وروى أصحابنا ان رسول الله ص قال لا ينام في مسجدي أحد بل هذه الرواية ظاهرها الحرمة ولكنه يتعين حملها على الكراهة بشهادة غيرها من الروايات ككلمة لا يصلح الواردة في الخبر المتقدم الظاهرة في ذلك وخير معاوية قال سألت أبا عبد الله ع عن النوم في المسجد الحرام ومسجد الرسول ص فقال نعم فأين ينام الناس وخبر أبي البختري المروى عن قرب الإسناد عن جعفر ع بن محمد ع عن أبيه ع ان المساكين كانوا يبيتون في المسجد على عهد رسول الله ص ويدل على جوازه في المسجد الحرام مضافا إلى ما عرفت خبر إسماعيل بن عبد الخالق المروى عنه أيضا قال سألت أبا عبد الله ع عن النوم في المسجد الحرام فقال هل للناس بد ان يناموا في المسجد الحرام لا بأس به قلت الريح تخرج من الانسان قال لا باس به هذا كله مع أنه لا خلاف على الظاهر في في لحرمة في شئ من المساجد بل عن بعض دعوى الاجماع عليه ثم إن ظاهر صحيحة زرارة خصوصا بضميمة ما في ذيلها من فعل الإمام عليه السلام نفى الكراهة فيما عدى المسجدين وقد أشرنا إلى عدم صلاحية شئ مما ذكروه دليلا للكراهة لمعارضته فالقول بنفي الكراهة فيما عداهما كما استجوده في المدارك وغيره لا يخلو من قوة والله العالم وكذا يكره دخول من في فمه رائحة بصل أو فوم بالقاء وفي بعض النسخ بالثاء المثلثة وهما بمعنى أو كراث أو غيرها من الروائح المؤذية كما يشهد له خبر أبي بصير عن الصادق عن آبائه عن علي ع قال من اكل شيئا من المؤذيات ريحها فلا يقربن المسجد وروايته الأخرى عنه أيضا انه سئل عن اكل الثوم والبصل والكراث قال لا بأس بأكله نيا وفي القدور ولا بأس بان يتداوى بالثوم ولكن إذا أكل ذلك فلا يخرج إلى المسجد وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال سألته عن الثوم فقال انما نهى رسول الله ص عنه لريحه وقال من اكل هذه البقلة الخبيثة فلا يقرب مسجدنا فاما من اكله ولم يأت المسجد فلا بأس وخبر الحسن بن الزيات في حديث انه قصد أبا جعفر ع إلى ينبع فقال يا حسن اتيتني إلى هيهنا قلت نعم قال إني اكلت عن هذه البقلة يعنى الثوم فأردت ان أتنحى عن مسجد رسول الله ص ورواية داود بن فرقد عن أبي عبد الله ع قال من اكل هذه البقلة فلا يقربن مسجدنا ولم يقل انه حرام وخبر ان سنان المروى عن المحاسن قال سألت أبا عبد الله ع عن الكراث فقال لا بأس بأكله مطبوخا ولكن ان اكل منه شيئا له
(٧٠٨)