أم ثنتين قال يسجد أخرى وليس عليه بعد انقضاء الصلاة سجدتا السهو وهاتان الروايتان أخص من تلك الأخبار فيجب الجمع بينهما اما بتخصيص المرسلة بالنسبة إلى الشك في السجدة فيعم في ساير الافعال بعدم القول بالفصل أو بحملها على الاستحباب ومنها الروايات الدالة على أن الشك بعد تجاوز المحل كالشك بعد الفراغ من الصلاة ملغى شرعا كقوله عليه السلام في صحيحة زرارة الواردة في الشك في افعال الصلاة بعد التجاوز عن محلها يا زرارة إذا خرجت من شئ ثم دخلت في غيره فشككت ليس بشئ ويؤيده أيضا ترك التعرض له في الروايات التي وقع فيها التعرض لحكم الشك في الافعال مع كونها في مقام البيان فالقول بوجوبهما للشك في الافعال زيادة أو نقصا ضعيف بل وكذا في الشك في عدد الركعات فإنه وان ورد في جملة من موارده الامر بسجدتي السهو ولكنك عرفت في محله انه مع شذوذ القول به لا يصلح لمعارضة الروايات الدالة على خلافه فالمتجه حملها بالنسبة إلى عدد الركعات أيضا على الاستحباب وحكى عن الصدوق القول بوجوب سجدتي السهو للشك بين الثلاث والأربع مع غلبة الظن بالأربع وعن الذكرى انه نسب إلى الصدوقين القول بوجوبهما في كل شك ظن الأكثر وبنى عليه واستدل لهذا الحكم برواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا ذهب وهمك إلى التمام ابدا في كل صلاة فاسجد سجدتين بغير ركوع أفهمت قلت نعم وبالنسبة إلى خصوص الشك بين الثلاث والأربع بصحيحة الحلبي أو حسنته عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال وان كنت لا تدري ثلاثا صليت أو أربعا ولم يذهب وهمك إلى شئ فسلم ثم صل ركعتين وأنت جالس تقرء فيهما بأم الكتاب وان ذهب وهمك إلى الثلاث فقم فصل الركعة الرابعة ولا تسجد سجدتي السهو وان ذهب وهمك إلى الأربع فتشهد وسلم ثم اسجد سجدتي السهو وفيه انه لا يصح الاعتماد على ظاهر مثل هذين الخبرين بعد اعراض الأصحاب عنهما في مثل هذا الحكم العام الابتلاء الذي يقضي العادة بأنه لو كان تكليفا الزاميا لاشتهر في الشريعة من صدر الاسلام فالأولى حمل الخبرين على الاستحباب كما ربما يشهد له ظهور بعض الروايات الواردة في باب الشكوك مما وقع فيه التعرض لصورة ترجيح أحد الطرفين على الآخر ولو من باب السكوت في مقام البيان في نفي الوجوب والله العالم ويسجد المأموم مع الامام واجبا إذا عرض له السبب على الأصح ولا يسقط عنه بسبب عروضه للامام كما تقدم الكلام في ذلك مفصلا في المسألة الرابعة ولعل هذا هو المراد بالمعية لا فعله بنية الايتمام لعدم ثبوت مشروعيته فضلا عن وجوبه ولو انفرد أحدهما بعروض السبب له خاصة كان له حكم نفسه خلافا لمن أوجبه على المأموم بمجرد عروضه للامام وهو ضعيف كما عرفته فيما تقدم ومحلهما اي السجدتين بعد التسليم سواء كانتا للزيادة أو النقصان على المشهور بين أصحابنا رضي الله عنهم شهرة كادت تكون اجماعا بل عن بعض دعوى الاجماع عليه وقيل على ما في المتن وغيره قبله ولكن لم يصرحوا بقائله بل صرح غير واحد بعدم العثور عليه وقيل بالتفصيل بينهما فالأول للأول والثاني للثاني وقد نسب هذا القول في محكى المعتبر إلى قوم من أصحابنا ونقله في المختلف على ما حكى عنه عن ابن الجنيد ولكن عن الذكرى انه نقل كلام ابن الجنيد ثم قال وليس في هذا كله تصريح بما يرويه بعض الأصحاب ان ابن الجنيد قائل بالتفصيل نعم هو مذهب أبي حنيفة من العامة انتهى وكيف كان فمستند القول المشهور اخبار مستفيضة منها صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام عن الرجل يتكلم ناسيا في الصلاة يقول أقيموا صفوفكم قال يتم صلاته ثم يسجد سجدتين فقلت سجدتا السهو قبل التسليم هما أم بعد قال بعد وخبر القداح عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليه السلام قال سجدتا السهو بعد التسليم وقبل الكلام وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كنت لا تدري أربعا صليت أم خمسا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثم سلم بعدهما وصحيحة ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي الركعتين من المكتوبة فلا يجلس فيهما حتى يركع قال يتم صلاته ثم يسلم ويسجد سجدتي السهو وهو جالس قبل ان يتكلم وصحيحة الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يصلي الركعتين من المكتوبة ثم ينسى فيقوم قبل ان يجلس بينهما قال فليجلس ما لم يركع وقد تمت صلاته وان لم يذكر حتى ركع فليمض في صلاته فإذا سلم سجد سجدتين وهو جالس وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أقمت في الركعتين من ظهر أو غيرها فلم تتشهد فيهما فذكرت ذلك في الركعة الثالثة قبل ان تركع فاجلس فتشهد وقم فأتم صلاتك وان لم تذكر حتى تركع فامض في صلاتك حتى تفرغ فإذا فرغت فاسجد سجدتي السهو بعد التسليم قبل ان تتكلم ويشهد للقول بان محلهما قبل التسليم ما رواه الشيخ عن محمد بن سنان عن أبي الجارود قال قلت لأبي جعفر عليه السلام متى اسجد سجدتي السهو قال قبل التسليم فإنك إذا سلمت فقد ذهبت حرمة صلاتك وفيه منا لا يخفى من عدم صلاحية هذه الرواية مع ما فيها من الضعف والشذوذ بل عدم معروفية القائل بها لمعارضة المعتبرة المستفيضة المتقدمة وغيرها مما ستعرف واستدل للقول بالتفصيل بصحيحة سعد بن سعد الأشعري قال قال الرضا عليه السلام في سجدتي السهو إذا نقصت قبل التسليم وإذا زدت فبعده (وصحيحة صفوان بن مهران الجمال عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن سجدتي السهو فقال إذا نقصت فقبل التسليم وإذا زدت فعبده) وفيه ان الصحيحتين معارضتان بالمعتبرة المستفيضة الواردة في ناسي التشهد الذي هو من موارد النقص المصرحة بأنهما بعد التسليم وكونها أخص من الصحيحتين غير مجد بعد ان لا قائل بالفرق بين نسيان التشهد وغيره والترجيح مع تلك الأخبار المعتضدة بالشهرة والعمومات وأبعديتها عن التقية فالمتجه حمل الصحيحتين وكذا رواية أبي الجارود على التقية لموافقته لكثير من العامة على ما صرح به الشيخ في محكى الاستبصار وما عن بعض متأخري المتأخرين من الجمع بين الاخبار بالحمل على التخيير ففيه مع مخالفته لفتاوي الأصحاب ان مثل هذا الجمع المستلزم لارتكاب التأويل في الجميع يحتاج إلى شاهد خارجي وهو مفقود مع اباء بعضها عن هذا الجمع كما لا يخفى على المتأمل وقد تلخص مما ذكر ان القول الأول وهو ما ذهب إليه المشهور اظهر وصورتهما ان يكبر مستحبا ثم يسجد ثم يرفع رأسه ثم يسجد ويرفع ويتشهد تشهدا خفيفا ثم يسلم ناويا بهما القربة اي الخروج عن عهدة التكليف بهما اما اشتراط النية فيما فواضح ضرورة كونهما كالصلاة ونحوها من الافعال التي قصد بها التقرب والتعبد
(٥٩٣)