بانيا على مضي محل الفاتحة فكأنه قال مبتدء من الفاتحة وقد تقدم مزيد توضيح لذلك في مبحث القراءة وعرفت فيما تقدم هناك انه ليس له ان يجتزي بالسورة التي قرأها قبل الفاتحة بل عليه ان يقرء سورة بعد الفاتحة ولا يتعين عليه إعادة السورة التي قراها للأصل واستصحاب بقاء التخيير خلافا لما حكى عن ظاهر المبسوط والارشاد من وجوب اعادتها بعينها ولعله للرضوي وان نسيت الحمد حتى قرأت السورة ثم ذكرت قبل ان تركع فاقرء الحمد واعد السورة وفيه بعد الغض عن سنده انه يمكن الخدشة في دلالته أيضا بان معهودية كفاية اي سورة بعد الحمد في الشريعة واستبعاد كون السهو سببا لتعين اختيار ما قرئها أولا مانعة عن ظهور اللام في إرادة الشخص بل النوع فليتأمل وكذا لو نسي الركوع وذكر قبل ان يسجد قام وركع اجماعا كما عن جماعة نقله لأصالة بقاء التكليف به وعدم وجود مانع عن فعله وتوهم ان نسيان الركوع من حيث هو من مبطلات الصلاة نصا واجماعا وقد تحقق موضوعه بمجرد التجاوز عن محله والهوى إلى السجود مدفوع بما تقدمت الإشارة إليه في صدر المبحث من منع كون نسيان شئ من اجزاء الصلاة أو شرائطها من حيث هو من المبطلات وانما البطلان ينشأ من خلو الصلاة عن المنسي إذا كان من مقوماتها لا غير فمتى نسي شيئا منها يكون البطلان مراعى إلى أن يفوت محل تداركه بالتلبس بركن أو حدوث قاطع أو حصول فصل ونحوه ليس شئ من النصوص بل وكذا فتاوي الأصحاب منافيا لذلك كما لا يخفى عن المتأمل وربما يستدل له أيضا بصحيح عبد الله بن سنان إذا نسيت شيئا من الصلاة ركوعا أو سجودا أو تكبيرا فاقض الذي فاتك سهوا بحمله على إرادة ما لو ذكره قبل فوات المحل للاجماع على عدم مشروعيته قضاء مثل الركوع والتكبير بعد الصلاة وفيه ان رد علمه إلى أهله أولى من ارتكاب مثل هذا التوجيه ثم إن مقتضى اطلاق المتن وغيره في لفرق بين ما لو حصل النسيان حال القيام فهوى للسجود من القيام أو حصل حين هويه للركوع (فنسي بان هوى أولا للركوع) ونسي في الأثناء وجعله هوى السجود فعليه حينئذ أيضا ان يقوم ويركع خلافا لما حكى عن بعضهم من تقييده بما إذا حصل النسيان حال القيام واما إذا حصل بعد الوصول إلى حد الراكع فلا يقوم منتصبا بل منحنيا إلى حد الراكع وفي الجواهر بعد ان نقل هذا القول قال والمراد على الظاهر أنه وصل إلى حد بحيث لو تجاوز صدق عليه اسم الراكع لا انه وصل إلى حد الراكع حقيقة إذ لا يتصور نسيان الركوع بل هو نسيان الرفع والطمأنينة انتهى وفيما استظهره نظر إذ لا يكفي في صدق اسم الركوع عرفا مجرد وصوله إلى حد الراكع ما لم ينته انحنائه إليه ولذا لا يقال للهاوي للسجود انه ركع وتوهم ان هذا لأجل اعتبار القصد في مفهومه مدفوع بأنه ان سلم ففي الركوع الشرعي الذي اعتبره الشارع جزء من الصلاة لا في مثل قولهم ركع الشيخ ونحوه مما لا يتوقف صدق اسمه على القصد فلا يقال عرفا على ما لو وقع على وجهه انه ركع بخلاف ما لو انتهى انحنائه إلى حد الراكع ولذا توهم بعض ان الطمأنينة في الركوع في الجملة من مقومات اسمه وبها يمتاز عن هوى السجود ولكنك عرفت في محله اندفاع هذا التوهم وعدم انحصار المائز بذلك بل قد يحصل الفرق بينه وبين هوى السجود ونحوه برفع رأسه عند انتهائه إلى حد الركوع من غير استقرار أو مكثه في الجملة ولو متزلزلا وكيف كان فالظاهر مباينة الهوى عرفا للركوع وانما يصدق اسمه عرفا لو انتهى الهوى إلى حده فلا منافاة بين نسيانه وحصول الهوى بقصده ولكن ما ذكروه من أنه عند عروض النسيان بعد الوصول إلى حد الراكع يقوم منحنيا إلى حد الراكع لا يخلو عن اشكال لما عرفت في محله من أن الركوع اسم للانحناء الحاصل عن اعتدال قيامي أو جلوسي فلو نهض منحنيا لا يقال إنه ركع فلا يجدي ذلك في تدارك المنسي اللهم الا ان يدعى مساعدة العرف على الغاء ما صدر منه سهوا أو قهرا وعدم احتسابه من عمله فمتى عاد منحنيا إلى الحد الذي عرضه النسيان أو القهر فهو بحكم ما لو انتهى انحنائه الاختياري إليه عن قيام في صدق اسم الراكع عليه وهو غير بعيد الا ان الأحوط ان لم يكن أقوى هو ان يقوم منتصبا ويركع وتوهم استلزامه زيادة القيام المتصل بالركوع الذي تسالموا على ركنيته مدفوع بما عرفته في محله من أن الركن هو القيام المتصل بالركوع الذي لا يعقل زيادته الا بزيادة الركوع بل قد أشرنا فيما سبق إلى أن الركن هو وقوع الركوع عن قيام واما كون القيام المتصل به من حيث هو ركنا مستقلا فلا يخلو عن تأمل وكذا من ترك السجدتين أو إحديهما وذكر قبل ان يركع رجع فتلافاها ثم قام واتى بما يلزمه من قراءة أو تسبيح وهذا الحكم في السجدة الواحدة موضع وفاق كما نقله غير واحد ويدل عليه مضافا إلى الاجماع وموافقته لأصالة بقاء التكليف بالمنسي وعدم عروض مانع عن فعله صحيحة إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل نسي ان يسجد سجدة من الثانية حتى قام فذكر وهو قائم انه لم يسجد قال فليسجد ما لم يركع فإذا ركع وذكر بعد ركوعه انه لم يسجد فليمض على صلاته حتى يسلم ثم يسجدها فإنها قضاء وصحيحة أبي بصير قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي ان يسجد واحدة فذكرها وهو قائم قال يسجدها إذا ذكرها ولم يركع فإن كان قد ركع فليمض على صلاته فإذا انصرف قضاها وحدها وليس عليه سهو ويستفاد من التعليل الواقع في الصحيحة الأولى لتأخير السجدة حتى يسلم فيما ذكرها بعد الركوع بأنها قضاء ان تداركها قبل الركوع ليس كذلك بل هو من باب الاتيان بالشئ قبل فوات محله ويتفرع على ذلك ان عليه حذف ما اتى به من قراءة أو تسبيح قبل تذكر النقص واعادته بعد تدارك المنسي حتى يضع كل شئ في موضعه كما أن هذا هو الذي يقتضيه الأدلة الدال على وجوب الاتيان باجزاء الصلاة مترتبة بضميمة اصالة عدم مبطلية مثل هذه الزيادة الواقعة سهوا وكيف كان فهذا مما لا شبهة بل لا خلاف فيه بالنسبة إلى السجدة الواحدة واما في السهو عن السجدتين فالمشهور على ما نسب إليهم انه أيضا كذلك في وجوب الرجوع ما لم يركع لأصالة بقاء التكليف به وعدم وجود مانع عن فعله مضافا إلى امكان دعوى استفادته من الخبرين المتقدمين بالفحوى فليتأمل خلافا لما استظهر من غير واحد من القدماء كالمفيد في المقنعة وأبي الصلاة وابن إدريس من القول بالبطلان واستدل له بالروايات الدالة على بطلان الصلاة بنسيان السجود خرج منها نسيان سجدة واحدة نصا واجماعا وبقى بالباقي وفيه ما مر في المسألة السابقة من أنه ليس في شئ من النصوص اشعار بان نسيان السجود من حيث هو من المبطلات نعم يفهم من صحيحة زرارة الحاصرة لما يوجب إعادة الصلاة بالخمسة ان نسيان السجود الذي هو أحد الخمسة موجب لإعادتها لكن لا من حيث هو نسيان بل من حيث
(٥٤٧)