في العبادات والمعاملات والايقاعات وغيرها بحيث يمكن دعوى القطع من ممارسته أحوال الشرع في الأبواب المزبورة بان الشارع لا بأمر بلفظ الا ويريد كونه عربيا فالمقصود بما في تلك الأخبار من نفي التوقيت عدم اعتبار صيغة خاصة لا عدم اعتبار خصوصية الألفاظ فيه أصلا حتى العربية وعموم ما قضي الله على لسانك انما هو بالنسبة إلى مكان من هذا النوع من الكلام لا مطلقا فكما ان عمومه مقصور على ما لو كان ما جرى على لسانه من جنس الذكر ولادعاء كذلك مقصور على ما كان من لغة العرف وفيه أولا انه لم يعلم اعتبار العربية من حيث هي في شئ من الموارد المزبورة فضلا عن دعوى حصول القطع بذلك من ممارستها نعم اعتبار الشارع في كثير من الموارد الفاظا خاصة من قراءة قران أو ذكر خاص ونحوه مما الخصوصية الألفاظ دخل في مطلوبيته بحيث لا يجوز التخطي عنها إلى ما يراد فيها فضلا عن كل لفظ يؤدي مؤداها واما في الموارد التي علم أن الشارع لم يتعلق غرضه بلفظ خاص بل اكتفى بالتعبير عن معناه بسائر الألفاظ التي يعبر بها عنه كما فيما نحن فيه فلم يثبت اعتبار العربية في شئ منها أصلا نعم ربما نلتزم به لدى احتماله في مثل العبادات أو العقود والايقاع من باب الاحتياط وأصالة الفساد الا ترى انه لم يتمسك أحد لاثبات اعتبار العربية في شئ من الموارد التي التزموا بها الا بمثل هذه الأدلة فلو استند مدى الانصراف إلى أن لخصوص الصلاة باعتبار نظمها وهيئتها المعروفة المألوفة المتلقاة من الشارع خصوصية توجب انصراف الامر بالدعاء في خلافها إلى الدعاء بالعربية الغير المغيرة لصورتها المتلقاة من الشرع لكان له وجه وثانيا ان الانصراف ان سلم فإنما يقدح في التمسك باطلاق الدعاء والثناء الواردين في الأخبار لا بعموم قوله كلما جرى على لسانك وقصره على خصوص الذكر والدعاء السايغ بالذات انما هو لمناسبة المقام وكونه تفسيرا للقنوت الذي لا يناسبه الكلام الذي ليس بعبادة وهذا بخلاف العربية فان قصر العموم عليه تخصيص بلا مخصص فالانصاف ان القول بالجواز هو الأقوى الا ان الأحوط تركه بل ترك العربي الملحون أيضا بل ترك الدعاء بغير العربي في الصلاة مطلقا ولو في غير القنوت والله العالم الثاني يستحب الجهر بالقنوت للامام والمنفرد مطلقا على المشهور كما يدل عليه صحيحة زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام القنوت كله جهار خلافا لما حكى بعض القدماء و المتأخرين فجعلوه تابعا للفريضة لما ورد من أن صلاة النهار عجماء وفيه ان شمول هذا الخبر بعد تسليم سنده للقنوت بأصالة الاطلاق الذي قد يدعي انصرافه إلى القراءة وشموله الصحيحة له في الصلاة الاخفاتية بالعموم فهو أقوى ويجوز الاخفات به أيضا كما يشهد له صحيحة عن علي بن يقطين قال سئلت أبا الحسن الماضي (ع) عن الرجل هل يصلح له ان يجهر بالتشهد والقول في الركوع والسجود والقنوت قال إن شاء جهر وان شاء لم يجهر وخبر علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل ان يجهر بالتشهد والقول في الركوع والسجود والقنوت فقال إن شاء جهر وان شاء لم يجهر واما المأموم فعن جماعة بل ربما نسب إلى المشهور القول بأنه يستحب له الاخفات مطلقا لقول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير ينبغي للامام ان يسمع من خلفه كلما يقول ولا ينبغي لما خلف الإمام ان يسمعه شيئا مما يقول وهذه الرواية كالنص في العموم فلا يعارضها صحيحة زرارة المتقدمة التي ليست مسوقة الا لبيان حكم القنوت من حيث هو مع قطع النظر عن الجهات الخارجية العارضة له المقتضية لاخفاته ولكن قد يناقش في دلالة الخبر علي المدعى بان في سماع الامام أعم من الاخفات إذ المأموم كثيرا يتمكن من الاتيان بأدنى مراتب الجهر بحيث لا يسمعه الامام اللهم الا ان يدعي ان المتبادر منه ارادته سرا كما يؤيد ذلك تعينه في القراءة التي لولا رعاية احترام الامام لوجب فيها الجهر بل يمكن ان يجعل ذلك بنفسه دليلا للمدعى بان يقال إذا سقط الجهر في موارد وجوبه لمراعاة جانب الامام فسقوطه في موارد ندبه أولى فليتأمل وفي صلاة الجمعة قنوتان أحدهما في الركعة الأولى قبل الركوع والثاني في الثانية بعد الركوع على المشهور بين الأصحاب كما ادعاه في المدارك ويشهد له صحيحة أبي بصير المروية عن التهذيب عن أبي عبد الله قال سأله بعض أصحابنا وانا عنده عن القنوت في الجمعة فقال له في الركعة الثانية فقال له قد حدثنا بعض أصحابنا انك قلت له في الركعة الأولى فقال في الأخيرة وكان عنده ناس كثير فلما رأى غفلة منهم قال يا أبا محمد في الأولى والأخيرة فقال أبو بصير بعد ذلك قبل الركوع أو بعده فقال له أبو عبد الله (ع) كل القنوت قبل الركوع الا في الجمعة فان الركعة الأولى القنوت فيها قبل الركوع والأخيرة بعد الركوع وعن موضع اخر من التهذيب نحوه بأدنى اختلاف في اللفظ وموثقة سماعة قال سألته عن القنوت في الجمعة فقال اما الامام فعليه القنوت في الركعة الأولى بعد ما يفرغ من القراءة قبل ان يركع وفي الثانية بعد ما يرفع رأسه من الركوع قبل السجود إلى أن قال وان شاء قنت في الركعة الثانية قبل ان يركع وانشاء لم يقنت وذلك إذا صلى وحده و صحيحة زرارة المروية عن الفقيه عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال قال على الامام فيها اي في الجمعة قنوتان قنوت في الركعة الأولى قبل الركوع وفي الثانية بعد الركوع ومن صلاها وحده فعليه قنوت واحد في الركعة الأولى قبل الركوع و عن الصدوق في الفقيه انه بعد ان ذكر هذه الصحيحة قال وتفرد بهذه الرواية حريز عن زرارة والذي استعمله وافتى به ومضى عليه مشايخي رحمهم الله هو ان القنوت في جميع الصلوات في الجمعة وغيرها في الركعة الثانية بعد القراءة قبل الركوع ولعله أراد تفرده بما ذكره في ذيل الرواية من أن من صلاها وحده فعليه قنوت واحد في الركعة الأولى كما يؤيد ذلك ما حكى عنه في هدايته من التصريح بان على الامام فيها قنوتان قنوت في الركعة الأولى قبل الركوع وفي الثانية بعده وكيف كان فيما في ذيل هذه الصحيحة مع مخالفته الفتوى الأصحاب معارض بغيره من النصوص التي سيأتي بعضها فيجب رد علمه على أهله واما ما توهمه الصحيحة وكذا الموثقة المزبورة من كون ذلك إلي القنوتين مخصوصا بالامام دون من عداه مطلقا حتى المؤتمين به فغير مقصود بهما جزما لأن المأموم يتبع الامام في القنوت حتى فيما ليس القنوت وظيفته في سائر الصلوات فضلا عن صلاة الجمعة التي شرائطها التبعية فالمراد بثبوت القنوتين على امام الجمعة في مقابل من عداه ممن يصلي الجمعة أربعا لا المؤتمين به كما هو واضح فما حكى عن ظاهر غير واحد من اختصاصه بخصوص الامام ضعيف مع أنه لا يظن بمن نسب إليهم ذلك ارادته من عبائرهم فان عبائرهم المحكية التي استظهر منها هذا القول ليست الا كمتن الخبرين المزبورين الذين قد أشرنا إلى أن المتبادر منهما ليس الا ما هو المشهور وكيف كان والقول بالاختصاص
(٣٩٣)