بوجوب التقصير عليه عند نزوله في هذا المنزل مع خروجه عرفا عن كونه مسافرا وهو لا يخلو من الاشكال وان أريد حصولها مرة واحدة فمعناه على هذا التقدير ان يكون في المكان الذي يمر به منزل أعد لإقامته في ذلك المكان ستة اشهر فما زاد كما في التاجر وطالب العلم الذي يتخذ في بلد تجارته لإقامته في ذلك البلد ستة اشهر فما زاد منزلا فهذا أيضا مما لا يطلق عليه اسم الاستيطان عرفا وارادته من الرواية أيضا لا يخلو من بعد وان كان الحكم بالاتمام فيه والمعاملة معه معاملة الوطن ما دام اقامته في ذلك البلد وعدم اعراضه عنه غير بعيد كما تقدمت الإشارة إليه وسيأتي تمام الكلام فيه في نية الإقامة فتلخص مما ذكرنا انه لم يثبت عندنا وطن شرعي وان المدار على تحقيق مفهوم الاستيطان عرفا من غير تقييده بستة اشهر كما هو ظاهر الشيخ في نهايته حيث قال على ما حكى عنه ومن خرج إلى ضيعة له وكان له موضع ينزله ويستوطنه وجب عليه التمام وان لم يكن له فيها مسكن فإنه يجب عليه التقصير وعن ابن البراج في الكامل أنه قال من كانت له قرية له فيها موضع يستوطنه وينزل فيه وخرج إليها وكانت عدة فراسخ سفره على ما قدمناه فعليه التمام وان لم يكن فيها مسكن ينزل به ولا يستوطنه كان له التقصير انتهى عن أبي الصلاح قال وان دخل مصرا له فيه وطن فنزل فيه فعليه التمام ولو صلاة واحدة وهذه العبائر كما تراها ظاهرها إرادة الوطن العرفي ولعل ما في النصوص وهذه الفتاوى من اعتبار المنزل مع إناطة الحكم على الظاهر يتحقق مفهوم الاستيطان من دون اعتبار شئ زائد عليه انما هو يتوقف تحقق علاقة الوطنية عرفا بالنسبة إلى من كان له بالفعل وطن اصلى غير معرض عنه على ذلك كما ليس بالبعيد كما أن اعتبار كونه مملوكا أو بمنزلته في كونه دائميا أيضا كذلك والله العالم ثم إن شيخنا المرتضى ره في موضع من المصنفات المنسوبة إليه قد تكلف في توجيه الصحيحة على ما نسب إلى المشهور من ثبوت الوطن الشرعي و هو كل موضع استوطن فيه فيما مضى ستة اشهر مطلقا ولولا مع قصد الوطنية بتقريبات لا تسلم عن خدشات مع اعترافه في موضع اخر بعدم انطباقها عليه فلا يهمنا التعرض لنقل كلامه وبيان ما يتوجه عليه من المناقشات من أراد فليراجع الشرط الرابع من شرائط القصر ان يكون السفر سايغا واجبا كان كحجة الاسلام أو مندوبا كزيارة النبي صلى الله عليه وآله أو مباحا كالأسفار للمتاجر ولو كان السفر معصية لم يقصر كاتباع الجائر وصيد اللهو بلا خلاف فيه في الجملة بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ويدل عليه صحيحة حماد بن مروان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول من سافر قصر وافطر الا ان يكون رجلا سفره إلى صيد أو في معصية الله أو رسولا لمن يعصى الله عز وجل أو في طلب شحناء أو سعاية أو ضرر على قوم مسلمين وموثقة عبيد بن زرارة قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يخرج إلى الصيد أيقصر أم يتم قال يتم لأنه ليس بمسير حق وراية أبي سعيد الخراساني قال دخل رجلان على أبى الحسن الرضا ع بخراسان فسئلاه عن التقصير فقال لأحدهما وجب عليك التقصير لأنك قصدتني وقال للاخر وجب عليك التمام لأنك قصدت السلطان ومرسلة ابن أبي عمير عن أبي عبد الله ع لا يفطر الرجل في شهر رمضان الا في سبيل حق وخبر حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل فمن اضطر غير باغ ولا عاد قال الباغي باغي الصيد والعادي السارق ليس لهما ان يأكلا الميتة إذا اضطر إليها هي حرام عليهما ليس هي عليهما كما هي على المسلمين وليس لهما ان يقصرا في الصلاة وخبر إسماعيل بن أبي زياد عن جعفر عن أبيه قال سبعة لا يقصرون الصلاة إلى أن قال والرجل يطلب الصيد يريد لهو الدنيا والمحارب الذي يقطع السبيل وموثقة سماعة قال سألته عن المسافر إلى أن قال ومن سافر قصر الصلاة وافطر الا ان يكون رجلا مشيعا لسلطان جائر أو خرج إلى صيد وخبر ابن بكير قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يتصيد اليوم واليومين والثلاثة أيقصر الصلاة قال لا الا ان يشبع الرجل أخاه في الدين فان التصيد مسير باطل لا تقصر الصلاة فيه وقال يقصر إذا شيع أخاه وخبر عمران بن محمد بن عمران القمي عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال قلت له الرجل يخرج إلى الصيد مسيرة يوم أو يومين أو ثلاثة يقصر أو يتم قال إن خرج لقوته وقوت عياله فليفطر وليقصر وان خرج لطلب الفضول فلا ولا كرامة وصحيحة زرارة عن أبي جعفر ع قال سألته عمن يخرج من أهله بالصقورة والبزاة والكلاب يتنزه الليلة والليلتين والثلث هل يقصر من صلاته أم لا يقصر قال انما خرج في لهو لا يقصر قلت الرجل يشيع أخاه اليوم واليومين في شهر رمضان قال يفطر ويقصر فان ذلك حق عليه و مقتضى ظاهر النصوص والفتاوى ومعاقد الاجماعات المحكية بل صريح بعض النصوص ككثير من الفتاوى في لفرق في وجوب التمام بين كون السفر بنفسه محرما كالفرار من الزحف واباق العبد ونحوه وبين كونه لغاية محرمة كالسفر لقطع الطريق أو نيل المظالم والمناصب من السلطان أو سعاية مؤمن ونحوها اما ما يدل بظاهره على وجوب التمام في كل من القسمين فمنها الصحيحة الأولى فان قوله عليه السلام أو في معصية الله ظاهر في إرادة السفر المحرم مطلقا سواء كانت حرمته لذاته لغايته التي قصد به التوصل إليها وما يقال من أن مقدمة الحرام ليست بمحرمة فكون الغاية محرمة غير موجبة لحرمة نفس السفر كي يصدق عليه انه سفر في معصية الله مدفوع بان هذا فيما لم يقصد بها التوصل إلى الحرام والا فهي محرمة جزما بشهادة العرف والعقل مضافا إلى وفاء الأدلة السمعية بذلك كما تقرر في محله وكيف كان فظهور هذه الفقرة في وجوب الاتمام في القسم الأول أي فيما كان السفر بنفسه معصية غير قابل للانكار واحتمال ان يكون كلمة في بمعنى إلى أو اللام أو السببية كي يكون المقصود بها ما كان لغاية محرمة مخالف للظاهر فما في كلمات بعضهم من المناقشة في دلالتها عليه بابداء مثل هذه الاحتمالات مما لا ينبغي الالتفات إليه بل قد يستشعر من مقابلتها بسائر الفقرات اللاحقة لها التي هي بظاهرها من أمثلة القسم الثاني كون هذا القسم أي ما كان السفر بنفسه معصية بخصوصه مرادا من هذه الفقرة لا غير فليتأمل ويدل عليه أيضا مفهوم التعليل الوارد في الموثقة بأنه ليس بمسير حق وفي مرسلة ابن بكير فان التصيد مسير باطل فان مقتضى العلة المنصوصة اطراد الحكم أي وجوب الاتمام في كل سفر محرم بذاته أو لغايته فان صدق هذه العلة على ما كان مجرما بذاته أو لغاية محرمة أوضح من صدقه على ما كان بقصد الصيد الذي قد يتأمل في حرمته كما سيأتي الكلام فيه وكذا يدل عليه أيضا مفهوم الحصر الوارد في مرسلة ابن أبي عمير المتقدمة ويحتمل قويا ان يكون المراد بسبيل حق في هذه الرواية الحج الواجب ونحوه فيكون المقصود بها
(٧٤٠)