بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين الركن الرابع في التوابع وفيه فصول الفصل الأول في الخلل والواقع في الصلاة الخلل يطلق على معان منها الفرجة بين الشئ والفساد في الامر والوهن في الشئ والنقص والترك والاضطراب وعدم الانتظام والأنسب بالمقام إرادة الوهن وعدم الاعتدال والانتظام كي يستقيم عد الشك من أسبابه وعطفه على السهو والعمد فان الشك في فعل شئ من اجزاء الصلاة وشرائطها أيضا كتركه عمدا أو سهوا يورث الوهن فيها ويخرجها عن حد الاعتدال والانتظام ولو بالنظر إلى حال المصلي من حيث تحيره وجهله بموافقة المأتي به للمأمور به لا من حيث هي وهو اما عن عمد والتفات إلى ذلك الشئ واخلاله بالصلاة وبحكمه ما إذا كان عن جهل بالحكم فيما عدى ما ستعرف استثناءه سواء كان عن تقصير أو قصور كما ستعرف أو عن سهو وغفلة ولا يتفاوت الحال في ذلك بين ان يكون سهوه مقارنا للجهل بحكمه وعدمه اللهم الا ان يكون سهوه مسببا عن جهله بالحكم وعدم الاعتناء بعروضه فالحاقه حينئذ بالعامد لا يخلو عن وجه وهل يلحق بالسهو ما نشاء عن اضطرار أو سبق لسان فيه اشكال وستعرف ما هو الحق فيه في الموارد المناسبة له في طي كلماتنا الآتية إن شاء الله أو عن شك يستوي طرفاه واما مع ترجيح أحدهما فهو بمنزلة العلم من غير فرق بين ما لو تعلق باجزاء الصلاة أو بعدد ركعاتها ولا بين ما لو تعلق بالأوليين أو الأخيرتين كما سيأتي تحقيقه إن شاء الله واما احكام العمد فمن أخل بشئ من واجبات الصلاة عامدا فقد أبطل صلاته شرطا كان ما أخل به كالطهارة الحدثية والخبثية والستر ونحوه أو جزء منها كالقراءة والركوع والسجود أو كيفية كالجهر والاخفات أو تركا كالكلام والالتفات والقهقهة ونحوها ضرورة ان صحة الصلاة مع الاخلال بشئ من اجزائها أو شرائطها عمدا متنافية وفرض كون ذلك الشئ واجبا تعبديا في الصلاة كي لا يكون الاخلال به موجبا لفسادها خارج عن الفرض وخلاف ما ينسبق إلى الذهن من أدلة واجبات الصلاة فالحكم ببطلان الصلاة في الصورة المفروضة من القضايا التي قياساتها معها لو أريد بالبطلان ما يقابل الصحة بمعنى تمامية الاجزاء والشرائط وبمعنى موافقة الامر وان أريد به ما يقابل الصحة بمعنى اسقاط الامر أو الإعادة والقضاء فكون المهية الناقصة الغير التامة لشرائط والاجزاء باطلة بهذا المعنى أيضا هو على وفق الأصل غير محتاج إلى الدليل لأن سقوط الطلب المتعلق بشئ بفعل شئ غير موافق له على تقدير جوازه موقوف على دليل تعبدي شرعي وهو منتف في المقام فمقتضى الأصل لدى الاخلال بشئ من اجزاء الصلاة أو شرائطها المعتبرة في قوام ذاتها هو الابطال باي معنى من معانيه المزبورة فلا يحتاج إلى الاستدلال هذا مع أن الحكم اجماعي كما ادعاه غير واحد ولكن لا يخفى عليك ان الحكم ببطلان الصلاة ولزوم استينافها بالاخلال بترك شئ من واجباتها عمدا أو سهوا انما هو بعد فوات محل تدارك ذلك الشئ فلا يحكم بالبطلان بمجرد ترك شئ منها عمدا أو سهوا ما دام تداركه ممكنا إذ الترك من حيث هو ليس من بطلان الصلاة حتى يحكم به بمجرد تحقق موضوعه عرفا وانما البطلان ينشأ من خلو الصلاة عن هذا الشئ المعتبر في صحته فما دام متمكنا من الاتيان به على وجه يضم إلى سائر الأجزاء من غير أن يترتب عليه مفسدة أخرى مانعة عن صحة صلاته لم تبطل توضيحه ان لكل شئ من واجبات الصلاة محلا مقررا في الشريعة على النظم والترتيب الذي عرفته فيما سبق فإذا قيل لا عبرة بالشك في شئ بعد تجاوز محله لا يتبادر منه تجاوزه عن ذلك الموضع فلو ترك شيئا ولم يأت به في موضعه المعهود عمدا أو سهوا حتى جاوزه صدق عليه عرفا انه ترك ذلك الشئ فلو كان نفس ترك ذلك الشئ من حيث هو سببا للبطلان لتحقق موضوعه ولم يكن يجديه فعله فيما بعد ولكن قد أشرنا إلى أن مناط البطلان هو خلو الصلاة عنه فلا يحكم بالبطلان ما دام متمكنا من تدارك ذلك الشئ اللهم الا ان يرد دليل شرعي تعبدي لتحديد محل تداركه والا فمقتضى الأصل جواز تدارك المتروك ما لم يستلزم العود إليه اخلالا بالصلاة من جهة أخرى كفوات التوالي أو الترتيب أو حصول زيادة مبطلة أو غير ذلك من منافيات الصلاة فينبغي في المقام تشخيص المحل الذي يخرج الشئ الذي أخل به عمدا أو سهوا بخروجه عن قابلية التدارك فأقول إذا أخل بشئ من واجبات الصلاة فاما ان يكون عن عمد أو عن جهل بوجوبه أو عن سهو فإن كان عن عمد فقد يقال ببطلان صلاته بمجرد عزمه عليه فضلا عن أن يتجاوز محله بحيث يصدق عليه عرفا اسم الترك لمنافاته فاستدامة النية المعتبرة في الصلاة ولكنك عرفت في مبحث النية ضعف هذا القول وان نية الابطال ليست بمبطلة ما لم يحصل المنافي مع امكان الخدشة في صغراه ببعض التقريبات التي سنشير إليها فله الرجوع عن عزمه والمضي في صلاته ما لم يمنعه مانع اخر عن ذلك نعم لو تلبس مع هذا العزم بسائر الافعال المترتبة عليه واتى بها بقصد الجزئية كما لو ترك الحمد أو آية أو كلمة منها ومضى في صلاته مسامحة كي يتأتى منه قصد القربة والجزئية فقد يقال بان ذلك مانع عن التدارك سواء كان ما تلبس به ركنا أو غير ركن بل وكذا لو وقع ذلك جهلا بالحكم لأنه ان تداركه بعد هذا الفعل الذي تلبس به ومضى في صلاته من غير أن يعيد هذا الفعل ثانيا فقد أخل بالترتيب الواجب وان اعاده محافظا للترتيب فقد حصلت زيادة مبطلة مع أن تلبسه به مع العمد تشريع محرم والنهي في العبادة يقتضي الفساد مضافا إلى ما عن العلامة من دعوى الاجماع عليه مبطلية كل كلام محرم فعلى تقدير كون ما تلبس به من قبيل القراءة والدعاء والشهادة يتدرج في موضوع هذا الحكم ولكنك عرفت في غير موضع من المباحث المتعلقة بافعال الصلاة من القراءة ونحوها الخدشة في هذه الدعوى وان النهي المتعلق بجزء العبادة انما يقتضي أولا وبالذات فساد ذلك الجزء وانما يسري إلى الكل ثانيا وبالعرض لو اعتد بذلك الجزء وكان من واجباته بخلاف ما لو لم يعتد به وتداركه صحيحا كما في الفرض فعمدة الدليل هو الأول وتمامته موقوف على شمول ما دل على مبطلية الزيادة لمثله وستعرف في مسألة من زاد ركعة قصور أدلتها عن شمول مثل هذه الزيادة فيما عدى الأركان فالأظهر امتداد؟ حل تدارك ما أخل به إلى أن يدخل في ركن مطلقا سواء كان عن عمد أو جهل أو نسيان
(٥٢٩)