عليها بيان الحكم والمناسبات المقتضية للتخفيف وقصر الجمعة على الأولتين واما الاحتياط فغير لازمة المراعاة في مثل المقام الذي تقرر في محله انه مجرى للبراءة وكون العبادات توقيفية غير مانع عن الرجوع إلى البراءة فيما يشك في شرطيته أو جزئيته لها كما حققناه في الأصول واستدل للقول بجواز التقديم في محكي الخلاف باجماع الفرقة واستدل له أيضا بصحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي الجمعة حين تزول الشمس قدر شراك ويخطب في الظل الأول فيقول جبرئيل يا محمد صلى الله عليه وآله قد زالت الشمس فانزل وصل وبالروايات الدالة على توقيت الصلاة بالزوال المستلزم لجواز تقديم الخطبتين ويتوجه على الاستدلال بهذه الرويات منع دلالتها على المدعي لشيوع اطلاق الجمعة على ما يعم الخطبتين كإطلاقها على ما يعم الإقامة فكما لا يفهم منها إرادة التوقيت بالنسبة إلى نفس الصلاة معراة عن اقامتها بحيث يلزمه الالتزام بجواز تقديمها على الوقت ان قلنا بوجوبها و عدم جواز الاخلال بها عمدا فكذا بالنسبة إلى الخطبة التي هي أشد ارتباطا بها من الإقامة فليتأمل واما الاجماع فلا يخفي ما فيه بعدم معروفية الخلاف و قد يجاب عن الصحيحة أيضا باجمالها واحتمال ان يكون تأخير الصلاة عن الزوال بقدر شراك كما هو صريح صدر الخبر لتلبسه بأداء الواجب من الخطبة من حين الاخذ في الزوال إلى ذلك الوقت وان كان قبله أيضا مشغولا بالخطبة بمقتضى ظاهر الخبر ولكن لم يكن من مقومات الواجب فقول جبرئيل (ع) قد زالت الشمس معناه انها زالت عن قدر شراك وفيه ان ظاهره ان الخطبة بتمامها كانت تقع في الظل الأول الذي أريد منه بحسب الظاهر قبل ان يفئ الفئ و ان جبرئيل عليه السلام كان عند انتهاء الظل واخذه في الرجوع يخبره بالزوال ويأمره بالنزول والصلاة ولا ينافي ذلك ما في صدر الخبر من أنه صلى الله عليه وآله كان يصلي حين تزول الشمس قدر شراك إذا المتبادر من قدر شراك قدره عرضا وهذا هو أول الزوال عرفا بحيث لا يكاد يحصل الجزم بتحققه قبله وليس الفصل بينه وبين الزوال الحقيقي الذي كان يخبره جبرئيل (ع) في العرف والعادة بأزيد مما يحتاج إليه التهيؤ للصلاة كإقامة الصفوف و الأذان والإقامة ونحوها وعن العلامة في المختلف أيضا الخدشة في دلالة الصحيحة باحتمال ان يكون المراد بالظل الأول الفئ الزائد على ظل المقياس فإذا انتهى في الزيادة إلى محاذاة الظل الأول وهو ان يصير ظل كل شئ مثله وهو الظل الأول نزل فصلى بالناس ويصدق عليه ان الشمس قد زالت (ح) لأنها قد زالت عن الظل الأول وفيه مع ما فيه من البعد والمخالفة للظاهر انه يستلزم وقوع الجمعة بعد وقتها فالانصاف ان انكار ظهور هذه الصحيحة في المدعى في غير محله بل ارتكاب التأويل فيها ابعد من ارتكاب التأويل في الحسنة التي هي عمدة ما يصح الاستدلال به لوجوب التأخير لجواز كون قوله عليه السلام في الحسنة يخرج الامام بعد الأذان جاريا مجرى العادة أو محمولا على الاستحباب ولا ينافيه ظهور الصحيحة في مواضبة النبي صلى الله عليه وآله على خلافه لجواز كون ذلك لمرجحات خارجية كرعاية حال المأمومين ونحوه فليتأمل وقد ظهر بما ذكرناه ان القول الأول اي القول بجواز التقديم اظهر ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالتأخير اما القول بوجوب التقديم المحكى عن ظاهر الوسيلة فلم يتضح مستنده ولعله استنبطه من الروايات الدالة على ضيق وقت الجمعة وانه أول الزوال بحملها على إرادة الضيق الحقيقي وإرادة نفس الركعتين من الجمعة دون ما يتعلق بها اي الخطبة وفيه ما عرفته انفا مضافا إلى ما تقرر في محله من انا لو سلمنا المضايقة فليست بهذه المرتبة ويجب أن تكون الخطبة مقدمة على الصلاة كما هو المعروف من مذهب الأصحاب على ما صرح به في المدارك وغيره ويدل عليه النصوص المستفيضة المشتملة على بيان الكيفية كموثقة سماعة وحسنة ابن مسلم المتقدمتين وغيرهما والروايات الحاكية لفعل النبي صلى الله عليه وآله وفي خبر الفضل بن شاذان المروي عن العلل والعيون عن الرضا عليه السلام فان قيل فلم جعلت الخطبة يوم الجمعة في أول الصلاة وجعلت في العيدين بعد الصلاة قيل لأن الجمعة امر دائم الحديث خلافا لما حكى عن ظاهر الصدوق في العيون والعلل والهداية والفقيه من القول بوجوب تأخرهما عن الصلاة يوم الجمعة لكونهما بدل الركعتين ولما رواه مرسلا عن الصادق (ع) أنه قال أول من قدم الخطبة على الصلاة يوم الجمعة عثمان وفيه مالا يخفى بعد شذوذ القول به وضعف مستنده ومعارضة بالمعتبرة المستفيضة ان تكن متواترة المعتضدة بالسيرة القطعية فلعله وقع في هذه الرواية يوم الجمعة سهوا من الراوي بدل العيد فإنه روى في صلاة العيد انه لما رأى نفار الناس بعد الصلاة وعدم صبرهم على استماع الخطبة قدمها على الصلاة وكيف كان فلا مجال للارتياب في عدم وجوب التأخير بل مقتضى الأصل وظواهر كثير من النصوص المزبورة عدم مشروعية الاتيان بالجمعة على خلاف الترتيب المعهود في الشريعة المتلقي من صاحبها فلو بدأ بالصلاة واخر الخطبة لم تصح وما عن بعض متأخري المتأخرين من التوقف في الشرطية أو فيه أو في الوجوب أم لم يكن اجماعا في غير محله بل لا فرق على الظاهر كما في الجواهر ومحكي جامع المقاصد بين العامد والناسي إذ لا يبعد دعوى انصراف ما دل على أن الصلاة لا تعاد الا من خمسة عن مثله ولكنها لا تخلو من تأمل وهل يجتزي بإعادة الصلاة فقط بعد الخطبتين مع بقاء وقتها وجهان أوجههما ذلك الا ان يكون قصده حين الاتيان بالخطبتين امتثال الامر الخاص المقيد بكونه كذلك الذي لا واقعية له فيتجه (ح) البطلان بخلاف ما لو قصد الخروج عن عهدة تكليفه الواقعي وان زعم أنه في الواقع ليس الا كذلك فان هذا من غلطه في اعتقاده وهو غير قادح في حصول الإطاعة ما لم يكن مرجعه إلى التقييد كما لا يخفى على المتأمل ويجب ان يكون الخطيب قائما وقت ايراده الخطبة مع القدرة اجماعا كما عن غير واحد نقله ويدل عليه النصوص المستفيضة الواردة في كيفية الخطبتين وانه يجلس بينهما جلسة خفيفة قدر ما يقرء قل هو الله أحد ونحوه ثم يقوم فيأتي بالثانية فإنها تدل على أن وظيفتهما الاتيان بهما قائما واظهر منهما دلالة عليه قول الصادق عليه السلام في موثقة
(٤٤٧)